المغرب اليوم - إيمان أبو قاعود
كشف تقرير حالة الحريات الإعلامية في الأردن لعام 2012 عن تراجع في مؤشرات الحريات الإعلامية رغم أجواء الربيع العربي وحركات الاحتجاج الشعبي التي انطلقت منذ قرابة عامين.
ونبّه التقرير الذي يصدره مركز حماية وحرية الصحافيين منذ 11 عاماً ويطلقه في الثالث من أيار/مايو من كل عام بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة إلى أنه وعلى مدار عامين
متتاليين استمرت حالة الانتهاكات الواقعة على الحريات الإعلامية في الأردن كما في غيرها في عدد من الدول العربية متأثرة بالربيع العربي.
وأظهر التقرير الذي يُعد أحد أبرز التقارير الوطنية والإقليمية زيادة في توجه الإعلاميين إلى الاعتقاد بأن حرية الإعلام تراجعت في العام الماضي 2012، فقد اعتبر 14% منهم أنها تراجعت بشكل كبير، باختلاف عما كان عليه الحال في عام 2011، حيث بلغت فقط 11.9% في استطلاع لرأي الصحافيين عن حالة الحريات الإعلامية في الأردن.
والمؤشرات التي أعلنها الرئيس التنفيذي لمركز حماية وحرية الصحافيين نضال منصور في مؤتمر صحافي والتي خرج بها التقرير الواقع في قرابة 260 صفحة من القطع الكبير ويرصد لأول مرة مواقف واتجاهات الصحافيين من بعض القضايا العامة التي استأثرت باهتمام الرأي العام بينت أن 57.3% من الإعلاميين الذين شاركوا في الاستطلاع وعددهم 508 صحافيين يعتبرون التشريعات الإعلامية في الأردن قيداً على حرية الصحافة وبفارق ملحوظ عن العام 2011 بلغ 9%.
وأظهرت نتائج الاستطلاع تراجعاً في الرقابة الذاتية بنقطة واحدة حيث بلغت 86% عام 2012 بعد أن كانت 87% عام 2011 رغم الرهانات بأن تختفي هذه الظاهرة المقلقة أو تتقلص بشكل كبير.
ويوثق الفصل الثاني من التقرير والمخصص للشكاوى والانتهاكات التي تعرض لها الصحافيون خلال العام 2012 عدداً من الانتهاكات المتنوعة الماسة بحقوق الإعلاميين وبالحريات الإعلامية في الأردن بلغت 96 حالة تتضمن 61 انتهاكاً، وكان مركز حماية وحرية الصحافيين في إطار برنامج "عين" لرصد وتوثيق الانتهاكات الواقعة على الإعلام والإعلاميين قد وثق الحالات كلها وقام بعملية استقصاء بشأنها.
والمؤشرات التي سجَّلها تقرير الشكاوى والانتهاكات تلفت الانتباه إلى استمرار عدد من أشكال الانتهاكات في الحدوث أهمها الانتهاكات المتعلقة بالذم والقدح والتحقير ومنع التغطية والتهديد بالإيذاء، وسجل 10 حالات اعتداء بالضرب تكررت العام 2012، وغالبية هذه الحالات كان مناسبتها تغطية الصحافيين المعتدى عليهم للاعتصامات والمسيرات والتجمعات الشعبية المطالبة بالحرية والتغيير ومحاربة الفساد وارتفاع الأسعار.
وتضمن الفصل الثالث من التقرير دراسة متخصصة أعدها الزميل والباحث وليد حسني بعنوان "الخفاء والتجلي .. رؤية وممارسة الحركات الإسلامية في التعامل مع حرية التعبير والإعلام"، وهي دراسة استكشافية أولية.
وتهدف الدراسة إلى التعرف على مكانة حق التعبير في البرنامج السياسي والإصلاحي للحركة الإسلامية في الأردن، ومقارنة هذه المكانة في البرامج السياسية الإصلاحية لجماعة الإخوان المسلمين في مصر وسورية.
ويقول الرئيس التنفيذي لمركز حماية وحرية الصحافيين نضال منصور في مقدمة التقرير إنه "بعد عامين على الاحتجاجات الشعبية ما زال الإعلام في الأردن في مرحلة الكر والفر، تتراجع التدخلات الأمنية المباشرة، ويخجل بعض المسؤولين من إعطاء الأوامر الزاجرة للصحافيين، لكنهم لا يعجزون ولا يملون من اختراع وسائل للتقييد والوصاية".
وأشار منصور إلى أن "قانون المطبوعات والنشر المعدل كان براءة اختراع أردنية بامتياز، وباختصار، وبعيداً عن لغة المراوغة الحكومية التي تدعي أن هذا القانون جاء لتنظيم الإعلام الإلكتروني، فإنه الوسيلة الأكثر فتكاً بحرية المواقع الإخبارية الإلكترونية التي استعصت على الاحتواء والتدجين الرسمي، وأصبحت في غالبها حكومة ظل تنقل الحقيقة للناس، وتراقب وتساءل".
وأضاف أن "الحريات التي انتزعها الصحافيون ببركات الحراك الشعبي، وبفضل تكنولوجيا المعلومات، وتطور وسائل الاتصال، تسعى الحكومة وبقوة القانون لاستعادتها وحرمانهم منها".
وتابع منصور بالقول إن "محاولات الإعلاميين للتقدم لانتزاع مكتسبات، وتقديم الحقيقة للجمهور، ووجودهم حيث يكون الناس، اصطدمت بهراوة تترك علامات فارقة على أجساد الصحافيين، وتعيد ترسيم المباح والمعاقب، وعلاقة الإعلاميين بالسلطة".
وأضاف أنه "في أول الربيع العربي كانت رهاناتنا أكبر، وبعد تراجع وتعثر دول ثورات الربيع العربي في اختبار حرية التعبير والإعلام، أصبحت الردة والعودة خطوتين للوراء ليست نهاية العالم، وبعيون من ينظرون للخارج العربي يجدون أن شعارات حرية التعبير والإعلام سقطت بالتطبيق".
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر