أصدرت محكمة تركية في إسطنبول الإثنين، قرارا بالإفراج المشروط عن الصحافية والمترجمة الألمانية ميشالي تولو، التي تسبب سجنها منذ أبريل (نيسان) الماضي بتهمة الانتماء إلى منظمة إرهابية في مزيد من التوتر بين برلين وأنقرة.
وقررت المحكمة الإفراج عن ميشالي وخمسة متهمين آخرين بشرط عدم مغادرة البلاد، وذلك بعد يومين من تصريحات للمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل قالت فيها إنها ترغب في زيادة الضغط الاقتصادي على تركيا لإجبارها على الإفراج عن المدنيين والصحافيين الألمان المعتقلين لديها.
وقالت ميركل في تصريحات لصحيفة "باساور نويه بريسه" الألمانية، السبت :"عقدت العزم على النظر في استمرار ممارسة الضغوط الاقتصادية على تركيا وتخفيض التعاون الاقتصادي معها، ومراجعة المشاريع التي تم الاتفاق عليها من قبل". وأضافت أنه "من المشين أن يتم اعتقال عدد من المواطنين الألمان في السجون التركية، ونقدم الرعاية القنصلية للمعتقلين بقدر استطاعتنا، لكن تركيا تصعب للأسف هذا الأمر في بعض الحالات".
وهناك نحو 10 ألمان معتقلين لأسباب سياسية في تركيا، من بينهم الصحافي دينيز يوغال مراسل صحيفة (دي فيلت) الألمانية، والمترجمة ميشالي تولو، التي أفرج عن زوجها مؤخرا بشرط عدم مغادرة البلاد أيضا، والناشط الحقوقي الأكاديمي بيتر شتويتنر.
ورحبت ميركل بقرار الإفراج عن ميشالي، وقالت: "يعد ذلك نبأ سارًا من ناحية، في ضوء حقيقة أنه سيُطلق سراحها، ولكن من ناحية أخرى لا يعد ذلك خبرًا جيدًا تمامًا، لأنه ليس مسموحًا لها بمغادرة البلاد، ولأن القضية لا تزال مستمرة على جانب آخر"، حيث لا تزال القضية ضد تولو و17 تركيًا آخرين مستمرة بتهمة الانتماء إلى منظمة إرهابية.
وعبر وزير الخارجية الألماني زيغمار غابرييل عن سعادته لإطلاق سراح الصحافية المترجمة تولو، قائلا: "إن ذلك لا يعد فقط أخبارًا سارة، وإنما يعد أيضًا انفراجة هائلة... أعتقد أننا جميعًا في ألمانيا وأنا شخصيًا أيضًا نشارك ميشالي تولو سعادتها بقرار المحكمة، رغم أن المحاكمة لم تنته بعد، إلا أنها خطوة أولى، بل خطوة كبيرة".
وتوترت العلاقات بين ألمانيا وتركيا خلال الأشهر الأخيرة على خلفية عدد من الملفات في مقدمتها ملف المعتقلين، وسعت أنقرة إلى تخفيف التوتر بعد انتهاء الانتخابات الألمانية في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، واستضاف وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو نظيره الألماني في لقاء ودّي في محاولة لتجاوز القضايا العالقة، حيث هدّدت ألمانيا بفرض عقوبات اقتصادية على تركيا والسعي لدى قادة الاتحاد الأوروبي لوقف مفاوضات عضويتها بالاتحاد التي تشهد جمودا بالفعل.
في سياق مواز، تصاعد التوتر بين الحكومة التركية والحكومة الجديدة في النمسا بسبب برنامجها الذي تضمن بندا لمطالبة الاتحاد بوقف مفاوضاته مع تركيا. واستنكر وزير شؤون الاتحاد الأوروبي كبير المفاوضين الأتراك، عمر تشيليك، ما تضمّنه برنامج الحكومة الجديدة في النمسا من التحضير لمطالبة الاتحاد الأوروبي بقطع المفاوضات مع تركيا. وقال إن الأحزاب اليمينية التي توافقت على تأسيس الحكومة في النمسا، افتتحت عملها بمهاجمة القيم الديمقراطية، وإن الأحزاب المجتمعة على تأسيس الحكومة النمساوية الجديدة؛ هي أحزاب تمتلك عقلية يمينية راديكالية ومتطرفة، بدأت عملها بالبحث عن حلفاء في أوروبا من أجل قطع المفاوضات مع تركيا.
وكانت الخارجية التركية وصفت في بيان الأحد برنامج الحكومة الجديدة في النمسا بالـ"مؤسف" و"قصير النظر". وأشار البيان أن محاولة التملص من الالتزامات المنبثقة عن الاتفاقات المبرمة مع الاتحاد الأوروبي وتجاهل وجودها "لا يعبر عن نهج صادق ومتزن". كما استنكرت الخارجية التركية لغة البرنامج الجديد للحكومة النمساوية، مشيرة إلى أنها "غير لائقة" وتخرج عن إطار الآداب السياسية والأعراف الدبلوماسية.
على صعيد آخر، أصدرت السلطات التركية أوامر اعتقال بحق 106 أشخاص يعتقد أنهم كانوا يعملون في توفيق زيجات لأعضاء حركة الخدمة التابعة للداعية فتح الله غولن، الذي تتهمه أنقرة بتدبير محاولة انقلاب فاشلة شهدتها البلاد في منتصف يوليو (تموز) 2016. وقالت مصادر أمنية إنه تمّ اعتقال 62 من المطلوبين في عملية تركزت في إسطنبول وامتدت إلى أكثر من 20 إقليما آخر. وما زالت عمليات تحديد مكان الباقين مستمرة. وأضافت المصادر أنه تم تحديد المشتبه بهم في عملية مشتركة باستخدام حوارات جرى تعقبها على تطبيق (بايلوك) للرسائل النصية المشفرة التي تقول الحكومة إنه كان وسيلة التواصل بين أعضاء الحركة قبل وأثناء محاولة الانقلاب.
وقال وزير الداخلية التركي الشهر الماضي إن تركيا توصلت إلى أكثر من 215 ألف مستخدم للتطبيق، بدأت تحقيقات بشأن أكثر من 23 ألفا منهم. ومنذ محاولة الانقلاب الفاشلة وحتى الآن، تم اعتقال أكثر من 60 ألف شخص، بينهم مسؤولون أمنيون وعسكريون وموظفون في أعقاب محاولة الانقلاب الفاشل، كما تم إقالة أو وقف أكثر من 160 ألفا آخرين عن العمل.
وتثير هذه الحملة قلق حلفاء تركيا الغربيين وجماعات حقوقية تقول إن الرئيس رجب طيب إردوغان يستخدم الانقلاب كذريعة للتضييق على المعارضة، فيما تقول الحكومة إن الإجراءات التي اتخذت بمقتضى حالة الطوارئ، التي فرضت بعد الانقلاب، ضرورية بسبب التهديدات الأمنية التي تواجهها البلاد.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر