اعتبر مشاركون في ملتقى "القيادات والإعلام أثناء الأزمات"، أن قناة "الجزيرة" لجأت إلى الإثارة والضوضاء والتلفيقات في تغطيتها للأزمة بين دول الخليج والدول العربية، لخدمة أجندة بعينها بهدف إحداث انشقاق وفتنة بين الدول والشعوب، بحيث عالجت الأزمة بافتعال أزمات أخرى مستندة في ذلك على الأسس التي قامت عليها منذ بداياتها، وبينوا أن القناة اعتادت استغلال الأحداث والقضايا في العديد من دول العالم لخدمة أجندة معينة.
وجاء ذلك خلال فعاليات اليوم الثاني للملتقى التي تركزت على سبل التعامل مع الإعلام الجديد "مواقع التواصل" والشائعات والحملات الإعلامية المعادية أثناء الأزمات، وأكد الخبير الإستراتيجي والأمني والعسكري الكويتي، الدكتور فهد الشليمي، أن قناة الجزيرة القطرية بتصميمها تقوم على الخطاب الثوري وتغييب العقل والقلب عند مخاطبة الجمهور وهو أمر أفضى لتقبلها من قبل الرأي العام العربي في الأعوام الثلاثة الأولى من عمرها، منوهًا إلى أنها أعدت كوادر لها في الخارج، واستغلت بعض الأحداث والأمور في العديد من دول العالم لتنفيذ خططها.
ولفت الشليمي، خلال الجلسة الثالثة للملتقى، التي أدارها الدكتور محمد مراد عبد الله مستشار نائب رئيس الشرطة والأمن العام في دبي، لاستشراف المستقبل، والتي تطرقت إلى موضوع التعامل مع الشائعات والحملات الإعلامية المعادية أثناء الأزمات"، إلى أن الإعلام يلعب دورًا محوريًا في تبيان الحقائق للمواطنين والجمهور في حالات الكوارث والأزمات، وأنه في الحالات الناتجة عن وجود وحدوث الكوارث المفاجئة يلعب دورًا هامًا وحيويًا في إيصال المعلومات الإيجابية المتوفرة من المؤسسات الحكومية إلى أفراد الجمهور، ما يقلل فرص التأويلات والتخمينات بين صفوف المواطنين وعدم إصابتهم بالخوف والفوضى.
وأوصى الدكتور الشليمي مؤسسات الدول الإعلامية بالعمل على تحضير الكوادر المؤهلة لنقل الرسالة الإعلامية الإيجابية خلال الأزمات وتجنيب المواطنين التعرض للأخبار الكاذبة والمُلفقة من بعض الجهات المعادية، مشددًا على أهمية أن يلعب الإعلام دورًا مهمًا في تزويد الجمهور والعامة بالحقائق والإجراءات عن تعريف الأزمة عند وقوعها وطبيعتها وكيفية التصرف خلالها لمواجهة الشائعات أو التحوير أو التشويه وكسر الثقة وهيبة الدولة في عقل المواطن في حالة نقص المعلومات أو النقص في إشعارها.
وتحدث في الجلسة نفسها، الدكتور عبدالله العساف عن "التعامل مع الشائعات والحملات الإعلامية المعادية أثناء الأزمات"، مشيرًا إلى أن البعد الإعلامي يحتل مكانة هامة في أدبيات دراسة الأزمات حيث يعد أداة رئيسية وفعّالة من أدوات إدارة الأزمة سواء على المستوى الخارجي أو المستوى الداخلي للدول، مؤكدًا في الوقت ذاته أن الجهود الإعلامية تظهر كإحدى الدعامات الأساسية لمواجهة هذه الأزمات، وما يصاحبها من شائعات أو أخبار مغلوطة.
ولفت العساف، إلى أن الإشاعة تعد من أهم وسائل الحرب النفسية والاجتماعية لأنها تستعمل بفاعلية وقت الحرب والسلم لما تتميز به من تأثيرها على عواطف الجماهير وقدرتها على الانتشار، مبينًا أن الأزمات تعد وقتًا خصبًا لنموها وازدهارها، مؤكدًا في الوقت ذاته أن الكثير من الأزمات مصدرها الوحيد هو الإشاعة التي تم إطلاقها بشكل مدروس وتم توظيفها بشكل احترافي لذلك يجب مواجهتها والاستعداد لها بشكل مهني.
ومن جانبه، قدم المقدم فيصل عيسى القاسم، ورقة عمل تحت عنوان: "الإعلام الأمني ودوره في توجيه الآراء ودحض الشائعات"، تحدث فيها عن تعريف الإعلام ودوره في المجتمعات وقوته على التغيير والدور الحيوي الكبير له في توجيه الآراء وقيادة الأفراد أثناء الأزمات، مستعرضًا أهم السبل والطرق الواجب اتباعها خلال مواجهة الشائعات.
وكانت الجلسة الأولى للملتقى التي أدارها العميد غيث غانم السويدي، مدير أكاديمية شرطة دبي، تطرقت إلى موضوع "القيادات والتعامل مع الإعلام الجديد أثناء الأزمات"، وتحدث فيها اللواء أشرف ريفي، وزير العدل السابق ومدير قوى الأمن الداخلي السابق في لبنان، والعميد محمد بن دينه مساعد رئيس الأمن العام في مملكة البحرين، والسيد بالقاسم الكتروسي نائب الأمين العام للمنظمة الدولية للحماية المدنية في جنيف.
وألقى اللواء ريفي كلمة قدم فيها رؤيته لتعامل القيادات مع الإعلام الجديد أثناء الأزمات، مشيرًا إلى أنه لا يوجد حتى الساعة تعريف موحد وجامع للإعلام الجديد، لكن لا ينكر عاقل الدور المركزي الذي لعبه هذا النموذج الجديد من الإعلام في الأحداث المفصلية التي شهدها العالم في الأعوام الأخيرة وحجم التأثير والدور الذي لعبته الشعوب العربية بفعل نشاطها المفرط على مواقع التواصل، والذي نتج عنه سلسلة من التحركات الشعبية.
ولفت اللواء ريفي إلى أن انتشار الأجهزة الإلكترونية والهواتف النقالة بين الناس أعطاهم مساحة واسعة للتعبير بحرية عن آرائهم وساهم في انتقال المعلومات وتداول الأخبار بينهم بصورة أسرع من وسائل الإعلام التقليدية، التي لم تجد مفرًا لولوج هذا العالم لتحافظ على استمراريتها وحضورها، منوهًا في الوقت ذاته حجم الاحتراف الذي وصل إليه بعض النشطاء في عمل مواقع التواصل الاجتماعي وأصبح الخبر أو الرأي ينتقل بسرعة البرق متخطيًا كل الحواجز التي قد تفرضها السلطة أو التقنيات المراقبة الحديثة لذلك ولأن القادة أكثر المعنيون من الاستفادة من هذه المستجدات كان لا بد من وقفة ضرورية لبحث كيفية التعاطي مع الإعلام الجديد والاستفادة منها.
بدوره، تحدث العميد محمد بن دينه عن مواصفات القيادة الناجحة في إدارة الأزمات إعلاميًا، مشيرًا إلى أن القيادة الناجحة هي من توفر للاتصال والإعلام كافة إمكانية النجاح والفاعلية في إدارة الأزمة باعتبار أن خلق قيادة ناجحة إداريًا أو إعلاميًا يتطلب منظومة إدارية متكاملة في الاتصال والإعلام.
ومن جانبه، قدم بلقاسم الكتروسي ورقة عمل بعنوان "تعامل القيادات مع الإعلام أثناء الأزمات"، أكد فيها على التطور الرهيب والصاروخي للإعلام الموازي للإعلام الرسمي الذي بات يهدد الأخيرة كونه يعتمد على معلوماته من خلال تحليله واستنتاجاته للقضايا المختلفة من مصادر غير موثوقة في أغلب الأحيان دون تبيان مصداقية تلك المعلومات إن لم تكن مجافية للحقيقة.
ونوه الكتروسي إلى أن أكبر التحديات التي تواجه الإعلام الرسمي هي قضية الشائعات التي تعكس الطرق الملتوية التي يتم اختيارها للحصول على المعلومة عبر وسائل الإعلام الموازي، لافتًا إلى أنه في ظل مواقع التواصل وانتشار الشائعات أصبح القائد يجد نفسه مضطرًا للتعامل مع الإعلام الموازي خوفًا من تداعيات ما يتم نشره من معلومات تنعكس سلبًا على المجتمع لذلك يجب تدريب القادة على مواجهة الإعلام الموازي ومخاطره.
وناقش المتحدثون في الجلسة الثانية في الملتقى «دور المتحدثين الإعلاميين في الأزمات، سماتهم ومشاكلهم وتطور أدائهم"، وتحدث فيها كل من سميح المعايطة وزير الإعلام الأردني السابق، والعميد الدكتور جاسم خليل ميرزا مدير إدارة الإعلام الأمني في القيادة العامة لشرطة دبي، والدكتور علي قاسم الشعيبي خبير ومفكر وإعلامي.
واستعرض وزير الإعلام الأردني السابق في ورقة عمل قدمها بعنوان "تعامل الناطق الرسمي مع الإعلام" المهمات الأساسية للناطق الإعلامي والمواصفات الشخصية والمهنية التي يجب أن يتمتع بها إضافة إلى العوامل التي تساعد الناطق الإعلامي على النجاح في عمله سواءً كان عملًا اعتياديًا أو في ظروف طارئة.
وشدد الوزير على أهمية تكيف الناطق الرسمي في مختلف الجهات الحكومية الرسمية مع التطورات التقنية المتسارعة في مجال الإعلام وعمله على إزالة مختلف العوائق والمشاكل التي يتعرض لها في عمله أو خلال تواصله مع وسائل الإعلام، فيما قدم العميد الدكتور جاسم خليل ميرزا، ورقة عمل بعنوان "المتحدث الرسمي في الأزمات.. المواصفات &ndash الأخطاء الشائعة- الصعوبات"، تطرق خلالها إلى تطور وسائل الإعلام والاتصال، وحق المواطن في الحصول على المعلومات الصحيحة في ظل كثرة الأزمات في هذا العصر وانتشار الشائعات سريعًا.
وأبرز العميد الدكتور ميرزا، أن المتحدث الرسمي يواجه في عمله عدة صعوبات بينها ضيق الوقت، العمل على مدار الساعة، ونقص المعلومات وندرتها في بعض القضايا، وأنه يتطلب منه في بعض الأحيان المساعدة في أمور ليست من اختصاصه، وأن سيف الرقابة في العمل مُسلط عليه دائمًا، وقد يعاني من تزوير كلامه من قبل بعض الصحافيين.
بدوره، قدم الدكتور علي قاسم الشعيبي ورقة عمل حول "جدلية العلاقة بين إدارة الأزمة وتكوين المتحدث الرسمي"، أكد فيها على أهمية إعداد وتطوير مهارات المتحدث الرسمي في إدارة الأزمات بحيث يكون قادرًا على إدارة حوار مُقنع وعملي خاصة أن معظم أداء المتحدثين الذين استضافتهم القنوات التلفزيونية والإذاعات العربية والخليجية لم يكن مقنعًا أو قادرًا على إدارة الأزمة إعلامياً لعدة أسباب أهمها قلة الخبرة وضعف التكوين المهني للناطق الرسمي، وعنصر المفاجأة في حدوث الأزمات، وأن وسائل الإعلام غير مستعدة أصلًا للتعامل مع الأزمات.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر