طهران - مهدي موسوي
قدم المسلسل الإيراني الجديد على الإنترنت "شهرزاد" صورة مختلفة إلى إيران في فترة الخمسينات، ونوعية الحياة التي كانت في البلاد ، حيث النوادي المفتوحة للرجال والنساء معًا، والحفلات والملاهي الليلية، والمسارح الوطنية و دور السينما الصغيرة, وفقا لصحيفة "الغارديان" البريطانية، فإنه عند إذاعة حلقة جديدة من هذا المسلسل، مرة واحدة في الأسبوع، تظهر أن أمة مختلفة تمامًا على الشاشة في زمان شاه إيران الأخير رضا بهلوي, ويتمتع مسلسل شهرزاد بنطاق واسع من جماهير الدولة، وأصبحت المسلسلات المتاحة على شبكة الإنترنت، من إنتاج القطاع الخاص، أكثر شعبية، بعد تحول الناس بعيدًا عن شاشات التلفزيون التي تسيطر عليها الدولة بإيجاد بدائل عبر الإنترنت أو القنوات الفضائية غير القانونية.
ومثل معظم الأفلام صنعت في إيران، وافقت الرقابة بالفعل على "شهرزاد"، وتم فحص كل مشهد واحد، وكل حوار بين الممثلين، فضلًا عن دراسة الأزياء بعناية للتأكد من إلتزامها بالمعايير، ولكن على الرغم من ذلك ظهرت بعض المشاهد لنساء يغنين, وبعيدًا عن تصوير البلاد تحت حكم الإستبدادي الراحل الشاه، فإن الدراما إستقطبت العديد من أوجه الشبه بين الوضع السياسي حينها وحاليًا في البلاد, ويعتبر قصة مسلسل "شهرزاد"، التي هو من إخراج حسن فتحي، وتأليف الكاتب المسرحي وأستاذ الجامعة ناجهميه ساميني، تجسد قصة تمزقها الأحداث أعقاب إنقلاب عام 1953 الذي أطاح برئيس الوزراء المنتخب ديمقراطيا محمد مصدق.
وحسب الصحيفة، فإن هذا الانقلاب، كان من تدبير وكالتي الاستخبارات الأميركية والبريطانية لحماية المصالح النفطية للغرب، ودعم حكم الشاه حتى اندلاع الثورة الاسلامية عام 1979. لقد كانت لحظة حاسمة في تاريخ إيران الحديث، وأصدائها لا يزال يشعر بها الناس حتى الآن, ووفقا لقصة المسلسل، فإن "شهرزاد"، طالبة في كلية الطب، في حين أن فرهاد، يعمل صحفيًا، ويتقابلان غالبًا في مقهي "نادري" مركز المثقفين في المدينة, وكان فرهاد، من المؤيدين المتحمسين لمصدق، وتم سجنه بعد إغلاق قوات الأمن التابعة للشاه صحيفته، فيما تم إجبار شهرزاد، في هذا الوقت، على الزواج ضد رغبتها، لتصبح الزوجة الثانية لصهر بزرك الأغا، وهو عراب بارز النفوذ مقرب من الشاه, ولكن هذا الزواج القسري لم يفرق بين شهرزاد وفرهاد.
وتجسد المسلسل قمع قوات الشاه للصحفيين والمثقفين، الذين تم استدعائهم وترهيبهم أو سجنهم تعسفا، فضلًا عن إبطال تراخيص الصحف, وهذه المشاهد تضرب على وتر حساس في وقتنا الحالي، في ضوء المزيد من الحملات الأخيرة ضد الصحفيين والنشطاء، خاصة بعد الاضطرابات التي شهدته انتخابات عام 2009, وحسب الصحيفة، فإنه ليس كل المراجع التاريخية في شهرزاد تم تدقيقها، وفقا لما قاله الناقد السينمائي برويز جاهد، و لكن "السرد الممتاز للأحداث جعل منها ميلودراما ناجحة ومشوقة على خلفية حلقة هامة في تاريخ إيران الحديث", وأضاف: "هناك أشياء غائبة من الإنتاج التلفزيوني الدولة، مثل عرض الآلات الموسيقية أو غناء النساء، ولكن ستراهم في مسلسل شهرزاد". وتابع: "هذه المسلسل التي تم إنتاجها خارج إطار التليفزيون الحكومي وينتجها القطاع الخاص تعد ظاهرة جديدة".
ولا تنتقد "شهرزاد" فقط السياسة الإيرانية الماضية، ولكنها تُسلط الضوء أيضا بمهارة على المعتقدات و الأعراف التي تعتبر خاطئة وعفا عليها الزمن، و لا تزال مع ذلك موجودة في الحياة الإيرانية. والملفت للنظر، أيضا، حقيقة أن بعض شخصياتها، مثل بزرك الأغا، المتحالف مع الشاه، لم يتم تصويره بطريقة سلبية بشكل لا لبس فيه, ورأى الناقد جاهد: "في الماضي، لم يكن ممكنا الاقتراب من هذه الشخصيات بطريقة إنسانية، ولكن شخصيات مثل بزرك الأغا، تم إثارة التعاطف بشأنها، وهذا شيء جديد", وقال: "لا يمكن أن تظهر شخصيات تتمتع بالكاريزما في أدوار سيئة ".
وتباع كل حلقة من "شهرزاد" أسبوعيًا على موقع المسلسل على الانترنت، وأصبح متوفرًا في المحلات التجارية في جميع أنحاء البلاد على أقراص فيديو رقمية أيضا, وحث المنتجون الإيرانيين على احترام حقوق التأليف والنشر، وعدم شراء الإصدارات المقرصنة، ولكن في بلد، حيث يتم انتهاك حقوق الطبع والنشر على نطاق واسع فيما يتعلق بالمصنفات الفنية، فإن ذلك يعد التحدي الضخم.
ويأتي نجاح "شهرزاد"، في الوقت الذي تبدو فيه الجهود الإيرانية ضد الأقمار الصناعية غير القانونية مهدرة. فالمسلسلات التركية، التي تنتقل عن طريق شركات مثل "تلفزيون "GEM في دبي، شعبية جدا في البلاد، إذ أن الإصدارات ذات الدبلجة الفرسية تظهر ثلاثية الحب، مثل: عصر الزنبق، متوفرة على "يو اس بي", ورأى مراقبون إن المدى الذي يبدو أن السلطات تسامحت فيه بشأن "الخطوط الحمراء" في شهرزاد، يشير إلى نهج جديد وأكثر مرونة من قبل السلطات.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر