حوادث السير ظاهرة تنخر العمود الفقري للمجتمع المغربي
آخر تحديث GMT 23:31:50
المغرب اليوم -

رغم الجهود المبذولة للحد من "نزيف الأسفلت"

"حوادث السير" ظاهرة تنخر العمود الفقري للمجتمع المغربي

المغرب اليوم -

المغرب اليوم -

حوادث سير في المملكة المغربية
مراكش ـ ثورية ايشرم

لا يختلف اثنان عن أنَّ ظاهرة حوادث السير في المملكة المغربية من بين أكثر الظواهر السلبية التي كانت منذ زمن وما زالت تثقل كاهل المجتمع المغربي ككل، لاسيما في المدن الكبرى.

وعرفت هذه المعضلة ارتفاعًا كبيرًا وبصور بشعة ليس فقط على مستوى الطرق الرئيسية أو الوطنية أو حتى الشوارع الرئيسية والفرعية التي يكون سببه مختلف وسائل النقل، بل تجاوزت ذلك لتصل إلى السكة الحديدية.

وأخذت حوادث السير التي تتسبب فيها القطارات حيزًا كبيرًا، وساهمت في تحويل أجساد عدد من المواطنين إلى أشلاء متناثرة في كل مكان.

ويرجع ذلك لعدة أسباب ودوافع ساهمت في جعل ظاهرة حوادث السير من أكبر المشاكل المجتمعية التي لم يتم التغلب عليها رغم كل الجهود المبذولة سواء على مستوى تجديد مدونة السير وإدخالها حيز التنفيذ التي فرح المغاربة لما أتت به من عقوبات زجرية لكل المتهورين, وكذا إعادة هيكلة قطاع تعليم السواقة، وتنظيم دورات تكوينية لفائدة السائقين، إلا أنَّ معدل حوادث السير لازال مرتفعا بالمقارنة بما كان مأمولا من هذه المدونة.

وفي هذا الصدد؛ أجرى "المغرب اليوم" تحقيق في الموضوع للكشف عن دوافع مخلفات ونتائج حوادث السير لاسيما على صعيد مدينة مراكش التي تُعد من بين المدن الكبرى التي تعرف ارتفاعًا هائلًا في هذه الظاهرة الخطيرة التي راح ضحيتها العشرات وخلفت عاهات مستديمة للبعض من مختلف الأعمار والأجناس.

هند (28) عامًا، كانت موظفة في إحدى الشركات الخاصة، خسرت عملها منذ 3 سنوات بسبب تعرضها لحادثة سير مروعة كشفت تفاصليها لـ"المغرب اليوم"، مؤكدةً أنَّ نتائج حوادث السير وعواقبها من أكثر الأشياء التي يمهلها الشخص ولا يعيرها اهتمام ، وأنا كنت من بين هؤلاء الأشخاص.

وأضافت "كنت لا أهتم ولم أتخيل يوما أني سأكون ضحية لحادثة سير مروعة فقدت فيها بصري وخسرت فيها أشياء كثيرة جعلتني معاقة ودون عمل، خسرت عملي الذي كنت ناجحة فيه بشكل مميز وكنت على أبواب ترقية مهمة".

وتابعت "تحولت من معيلة إلى عالة بسبب التهور والسرعة المفرطة وعدم احترام قانون السير، تأقلمت بصعوبة مع وضعي الجديد عانيت كثيرا وتسببت لأسرتي في المعاناة أيضًا، لم أعد نافعة في شيء أجلس طوال اليوم في المنزل لا أفعل شيء سوى الاستماع للمذياع".

وكشف خالد (16) عامًا، تلميذ في الصف الأول الثانوي شعبة العلوم قصته مع حوادث السير التي بدأت عندما كان في الإعدادي.

وأضاف في تصريح إلى "المغرب اليوم": تعرضت لحادثة سير أمام المدرسة وأصبت بترت ساقي وتحولت إلى معاق اعتمد في تنقلاتي على عكاز أصبح رفيقي في كل مكان ، كنت اركض خلف صديقي في الشارع بعد خروجنا من الحصة الدراسية دون أن انتبه للشارع لأتعرض لحادثة سير خطيرة حيث دهستني شاحنة كانت محملة بالاسمنت.

وتابع "بقيت مدة 6 أشهر وأنا لا أتقبل فكرة إكمال حياتي دون ساق، حاولت الانتحار 3 مرات إلا أنني فشلت، ولم أجد أمامي سوى تقبل الأمر في النهاية لاسيما بعد الدعم الكبير الذي تلقيته من أسرتي الصغيرة ومن أصدقائي والمدرسين الذين لم ينقطعوا يومًا عن زيارتي إلى أن عدت من جديد لإكمال دراستي".

ومن جانبه؛ بيَّن محمد (54) عامًا، سائق سيارة أجرة نقل، أنَّ مشكل حوادث السير لا يمكن تحمليه فقط للسائقين بل هي مشكلة كبيرة يساهم فيها المواطنون جميعا سواء كانوا راجلين أو سائقين ، وقد عشت عدة حوادث في حياتي العملية منها من تسببت فيها أنا ومنها من كان سببه أناس آخرين.

وأضاف "أكثر حادثة بقيت راسخة في ذهني حادثة راح ضحيتها طفل في السابعة الذي تسببت في قتله في منطقة الآفاق ضواحي مراكش منذ 5 سنوات، حيث كنت أقود سيارة في الشارع العام قبل أن يخرج طفل في السابعة من عمره كان يركض بسرعة هربًا من أمه التي كانت تحاول إدخاله إلى المنزل بالقوة وتركض خلفه".

وتابع "لم يكن لدي فرصة للوقوف رغم أني حاولت تجنبه إلا أنني لم أنجح، وصدمته بالسيارة ووقع أرضا أمامي وتحت نزيف دماء غزير، بقيت صورة الطفل وأمه التي ملأت المكان بصراخها محفورة في ذهني وعشت كوابيس جعلتني أدخل في حالة نفسية صعبة لم تجعلني أنام أو ارتاح ليلة، وجلست في المنزل مدة تزيد عن السنة، ولم أرجع إلى حياتي الطبيعية إلا بعد أن تتبعت العلاج الذي جعلني أعود إلى حياتي وعملي مع ندم كبير وشديد ما زال يراودني".

وسردت نادية كريمي (48) عامًا، ربة منزل، معاناتها، قائلةً "فقدت طفلين بسبب حادثة سير وقعت منذ 8 سنوات والتي مازلت محفورة في أذهان كل سكان منطقة المحاميد وذلك لبشاعتها، إذ دهست حافلة الأكبر البالغ وقتها 11 عاما والأصغر الذي كان يبلغ 8 سنوات وحولتهما إلى خليط لم يتم التعرف على ملامحهما ولا على أطرافهما".

وأضافت "كانا عائدان من المدرسة في فترة الغذاء قبل أن تنحرف الحافلة عن مسارها وتصعد فوق الرصيف وتقوم بدهسهما والتسبب في قتلهما، وهو أمر أصابني بانهيار عصبي بقيت بسببه في مستشفى الأمراض العقلية 3 سنوات".

وصرح أستاذ علم الاجتماع، عبد الرحيم العثماني، بأنَّ "المدونة الجديدة الخاصة بالسير رغم نجاحها في المضمون ورغم الصدى الكبير الايجابي الذي خلفته، وبغض النظر عن نجاحها أو عدمه في التقليص من حوادث السير في بلادنا، نظرا لقصر مدة زمن دخولها حيز التطبيق ، فانه أصبح من الضروري جدا التركيز على برامج التوعية وخلق ثقافة مرورية لدى المواطن, من أجل تحميله المسؤولية في الحفاظ على حياته وحياة الآخرين".

ونوه بأنَّ "دور الإعلام والمجتمع المدني، أصبح أكثر من فعال في معالجة الظاهرة والعمل على المساهمة في  تغيير السلوكيات السلبية للأفراد، ومحاولة تغييرها بسلوكيات إيجابية تساهم في الحفاظ على سلامتهم وحياتهم ، ويرجع الباحثون والكثير من المختصين كثرة الحوادث المرورية في المغرب إلى عدم التحكم في القيادة، والإفراط في السرعة، والتهور و الجنونية التي يرتكبها بعض المراهقين في الشوارع بواسطة الدراجات النارية أو السيارات، فضلا عن الأمية المتفشية في أوساط كثيرة من السائقين الذين يزاولون هذه المهنة بجهل ودون دراية كافية".

وأضاف "حرب الطرق أن لم يتم التغلب عليها ستحصد المزيد من الأرواح وستخلف الكثير من الضحايا والمعاقين وأصحاب العاهات المستديمة لاسيما أنَّ مؤشرات أرقامها تؤكد بالفعل أنَّها مخيفة".

وبيَّن أنَّه خلال الثمانية أشهر الماضية وقعت في جهة مراكش تانسيفت 3480 حادثة سير، أودت بحياة 267 شخصا وإصابة 754 آخرين بجروح خطيرة.

ويبقى السؤال مطروحًا إلى متى ستظل هذه الظاهرة الكبرى تنخر العمود الفقري للمملكة المغربية التي أصبحت تحتل المراتب المتقدمة عربيًا وعالميًا من حيث عدد حوادث السير التي تسفر كل يوم عن إصابات وحالات وفاة وإعاقات فضلًا عن الخسائر الاقتصادية و المادية الجسيمة؟

almaghribtoday
almaghribtoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حوادث السير ظاهرة تنخر العمود الفقري للمجتمع المغربي حوادث السير ظاهرة تنخر العمود الفقري للمجتمع المغربي



هند صبري بإطلالة أنثوية وعصرية في فستان وردي أنيق

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 09:56 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

عمرو دياب يتصدّر ميدان "تايمز سكوير" في نيويورك
المغرب اليوم - عمرو دياب يتصدّر ميدان

GMT 23:12 2024 الثلاثاء ,08 تشرين الأول / أكتوبر

ليفربول يفشل فى إقناع محمد صلاح وأرنولد وفان دايك بالتجديد

GMT 23:32 2019 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تقاريرتكشف بشكتاش يدرس تجديد استعارة النني

GMT 06:21 2019 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد خميس يكشف المستور ويتحدث عن أسباب زواجه الثاني

GMT 01:32 2019 الجمعة ,18 كانون الثاني / يناير

اكتشف صفات مواليد الدلو قبل الارتباط بهم

GMT 01:46 2016 الإثنين ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

هناء الرملي تشرح مخاطر التحرش الجنسي عبر "الانترنت"

GMT 16:43 2024 الخميس ,04 كانون الثاني / يناير

زلزال يضرب جزر جنوب المحيط الهادئ

GMT 06:08 2022 الإثنين ,26 كانون الأول / ديسمبر

أفضل الأفكار للحصول على ماكياج مثالي لحفل الكريسماس

GMT 14:11 2022 الإثنين ,12 كانون الأول / ديسمبر

أداء أسبوعي على وقع الأخضر ببورصة البيضاء
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib