يروي أحد أعضاء حملة (#صرخة_من_الرقة) أبو عمر الرقاوي، لـ "المغرب اليوم"، بعض تفاصيل رحلته من حلب إلى الرقة التي استغرقت أربعة أيام، موضحًا: "دخلنا مناطق سيطرة "داعش"، عبر قرية أم حوش الواقعة جنوب مارع في ريف حلب الشمالي، وعلى الحاجز الأول تم السؤال عن المنطقة القادمين منها، والمنطقة المتوجهين إليها وعن السبب، وبدى واضحا علامات الاستنفار والقلق على عناصر "داعش"، جراء المعارك التي تدور في محيط قرية أم حوش، خصوصًا في ظل الخسائر الكبيرة التي تكبدوها في المعارك الأخيرة، وعدد القتلى والجرحى الكبير الذين سقطوا".
وأوضح الرقاوي: "كان من الواضح خوفهم من أن يكون الركاب من المتعاملين مع الجيش السوري الحر، فلم يتم توقيفنا كثيرًا على الحاجز، كإجراء احترازي لعدم استهدافهم، حيث كانوا سبعة عناصر ملثمين وفي حوزتهم سلاح خفيف، فيما كانت سيارتهم التي تحمل رشاش 23 تقف جانبا، وبينهم أطفال لم يتجاوزوا الـ 15 عامًا"، يشار إلى أنّ هذا الحاجز تحوّل من حاجز ثابت، إلى متنقل، بعد اشتداد المعارك في المنطقة.
وأضاف: "ثاني حواجز "داعش" كان قبل 10 كيلومترات من مدينة الباب، ويسمى بـ"النقطة 11"، ووفقنا طويلًا عليه، وركّز عناصر التنظيم على شخص واحد في الحافلة التي كنا نستقلها، ودارت الشكوك حوله، وتم سؤاله هل هذه زيارتك الأولى أم الثانية أم متكررة؟؛ كونه غير ملتحي وليس له ذقن طويلة، والراكب سأل أحد العناصر؛ هل هناك مشكلة تخصني؟، فجاء الرد: كلك مشاكل؛ ولكن سأسمح لك بالدخول لأنها زيارتك الأولى".
وتابع، أنّ حاجز النقطة 11 يحوي 15 عنصرا في غرفة مسبقة الصنع، فيما كان الطريق من قرية الوحشية إلى مدينة الباب مليء بـ"الدشم والسواتر" الترابية من جهة شمال الطريق، جهة اخترين وصوران، وذلك لحماية عناصر التنظيم من قصف كتائب الحر التي تطالهم في تلك المنطقة.
وأردف: "تم التدقيق في الحاجز الثاني، على الهويات الشخصية والجوالات، وعند الوصول إلى مدينة الباب؛ انتقلنا الى سيارة ثانية، داخل الكراج الذي خصصه "داعش" للركاب والمسافرين؛ لمراقبتهم أكثر؛ عن طريق كاميرات منتشرة داخله، وأخذ صور لهم في حال حصل أي شيء داخل الكراج، فضلًا عن المضايقات التي يتعرضون لها فهم يسافرون من مناطق الكفر والرد".
وزاد، شوارع مدينة الباب معظمها خالية؛ بسبب القصف الأخير، والمتكرر لها، وخصوصًا الأسواق العامة، وأهالي المدينة مستاءون على نحو كبير من تواجد عناصر التنظيم في بينهم وفي أغلب الشوارع والحارات، والطريق إلى الرقة كان عبر "سرفيس" (باص صغير)، وجد فيه عنصران مسلحان من "داعش" وركبا (الباص)، ما ساهم في عدم التوقف على أي حجاز وصولًا إلى الرقة.
واسترسل، استغرق الطريف 10 ساعات من الباب إلى الرقة، فيما عشرات الحواجز منتشرة بين المنطقتين، ومنها حواجز "تادف" و"دير حافر" و"مسكنة" و"الطبقة" والأخير مدخل مدينة الرقة عند الجسر الجديد؛ أخطر وأكبر الحواجز المنتشرة في الرقة.
أما أبو عمر، فبيّن، في حديثه مع "العرب اليوم"، أنّ وقوفهم على حاجز "الجسر" كان طويلًا، حيث طلب العناصر المتواجدين عليه؛ هويات الركاب، فيما طلب من العناصر الذين كانوا رفقتهم مهماتهم (خوفًا من الانشقاق وهروبهم من التنظيم)، وتم إنزالهم على الحاجز والتأكد منهم، وسؤالهم من أي ولاية قادمون، وما هي مهمتهم؛ ليتضح فيما بعد أنهم في إجازة وجاءوا من المعارك الدائرة في محيط مدينة مارع.
واستأنف أبوعمر: "بعد اجتيازنا للجسر الجديد؛ دخلنا "أوتوستراد" الرقة حلب، في اتجاه ساحة الشهداء (تسمية أطلقها الثوار قبل سيطرة "داعش") سابقًا كان اسمها ساحة الرئيس؛ لنصل في نهاية رحلتنا إلى الكراج جنوب المركز الثقافي"، مبيّنًا: "توجهت إلى دوار الساعة في وسط مدينة الرقة، ومن ثم إلى السوق الشرقي الذي يحتوي الخضروات والألبان وغيرها من المنتجات الغذائية، ومعظم المحال كانت مغلقة؛ لأن وصولي تزامن مع وقت صلاة العصر، حيث تنتشر عناصر الحسبة على الطرقات؛ لإغلاق المحال المفتوحة".
واستكمل: "وخلال تواجدي تم اعتقال أحد الأشخاص أما المسجد الكبير يملك سيارة خضراوات كان يريد بيعها بعد الصلاة، والتهمة كانت والتهمة عدم دخول المسجد وقت الصلاة"، مردفًا أنّ في السوق هناك عدد من النساء يجلسن على الأرصفة في انتظار فتح المحلات، بعد الصلاة، وكلهن منقبات خوفا من الشرطة النسائية (سيارة حسبة نسائية تدور أحياء الرقة وأغلبهم من النساء المهاجرات)".
ويختم الرقاوي: "بالنسبة إلى المساجد تم ازالة جميع الصور والآيات القرآنية من داخل المسجد، أما الكتابات المحفورة تم طلائها باللون الأسود، والمحراب تم ازالته عن طريق سده في حائط لكل جوامع الرقة، ومن هذه الجوامع (النووي والنور والفردوس)، أهم جوامع يلقي فيها عناصر "داعش" خطبه، كما تم وضع قفص حديد كبير عند دوار الدلة؛ لوضع المعتقلين لدى التنظيم فيه؛ ليكونوا عبرة لغيرهم، في حين تتواجد مقرات التنظيم في كل مكان منها (خلف المحافظة وفي البانورما)".
واستطرد، أنّ حالة الأهالي صعبة جدًا، حيث شهدت الرقة أخيرًا، ارتفاع كبير في الأسعار والمياه مقطوعة دائمًا، ولا تصل إلى الطوابق العليا؛ إلا في الليل، وشراء المياه بواسطة الصهاريج، فضلًا عن انقطاع التيار الكهربائي على نحو كبير جدًا.
يذكر أنّ حملة (#صرخة_من_الرقة) تنشط في مدينة الرقة والبوكمال وتعمل على كشف انتهاكات "داعش" وعناصرها.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر