رحب الرئيس الإيراني حسن روحاني، الثلاثاء، بالاتفاق النووي المبرم في فيينا مع الدول الكبرى، مؤكدًا أن إيران "حققت كل أهدافها"، قائلًا في حديث متلفز نقل مباشرة، إنه "اتفاق متبادل، كل أهدافنا تحققت في الاتفاق الذي يسمح برفع العقوبات والاعتراف بالحق في برنامج نووي مدني. الله استجاب لصلوات أمتنا".
وأدلى روحاني بكلمته بعد دقائق من إلقاء الرئيس الأميركي باراك أوباما كلمته التي رحب فيها بالاتفاق ونقلها التلفزيون الإيراني الحكومي مباشرة، وهي المرة الثانية خلال 36 عامًا التي ينقل فيها التلفزيون الإيراني خطابًا لرئيس أميركي مباشرة، علمًا أن العلاقات الديبلوماسية مقطوعة بين البلدين منذ 1980.
وأكد روحاني أنَّ إيران "لن تسعى بتاتًا إلى حيازة السلاح النووي"، ونفت طهران مرارًا سعيها إلى حيازة القنبلة الذرية أمام اتهام الغرب لها لذلك.
وأضاف أن مثل هذا السلاح "مخالف لديننا"، وهو يتناقض مع مرسوم الزعيم علي خامنئي الذي يحظر مواصلة الأبحاث لحيازة القنبلة الذرية، مؤكدًا أن برنامج إيران النووي لم يسع بتاتًا إلى "الضغط" على الدول المجاورة، وأن ذلك لن يحصل مستقبلًا.
وقال روحاني: "لقد استجاب الله لصلوات امتنا (...) لقد تحققت كل أهدافنا"، لاسيما وأن الاتفاق يتيح رفع العقوبات الدولية التي تخنق الاقتصاد الإيراني منذ سنوات"، واعتبر الاتفاق "نقطة انطلاق" لبناء الثقة بين بلاده والغرب، قائلاً: "إذا تم تطبيق هذا الاتفاق بالشكل السليم. يمكننا أن نزيل انعدام الثقة بشكل تدريجي (...) هذا اتفاق مشترك. اتفاق متبادل".
وتم التوصل، الثلاثاء، في فيينا إلى اتفاق بين إيران والدول الكبرى بعد 12 عامًا من الخلافات، يهدف إلى ضمان عدم امتلاك إيران لبرنامج يتيح لها تطوير السلاح النووي في مقابل رفع العقوبات الدولية عنها، ويفتح الاتفاق الطريق أمام تطبيع العلاقات الاقتصادية والدبلوماسية مع إيران في الوقت الذي يشهد فيه الشرق الأوسط نزاعات عدة.
وشدَّد الرئيس الأميركي باراك أوباما، على أنَّ الاتفاق النووي مع إيران يتيح الفرصة لإتباع مسار جديد في العلاقات مع طهران، لكنه وعد "إسرائيل" المشككة في الاتفاق بعدم التخلي عنها، مشيرًا إلى أن الاتفاق قطع جميع الطرق المؤدية إلى السلاح النووي بالنسبة إلى الجمهورية إلإيرانية.
وتابع أوباما: "خلافاتنا حقيقية، لا يمكن تجاهل تاريخ من العلاقات الصعبة بين الأمتين. هناك إمكان للتغيير (...) هذا الاتفاق يوفر فرصة للمضي في اتجاه جديد علينا ان نغتنمها"، واعدًا برفع العقوبات الأميركية عن إيران التي لا تزال العلاقات الديبلوماسية مقطوعة معها منذ 35 عامًا.
وصرَّح مستشهدًا بالرئيس الأسبق جون كينيدي: "علينا ألا نتفاوض أبداً بدافع الخوف، ولكن علينا ألا نخاف من التفاوض"، معتبراً أن الاتفاق المبرم في فيينا يبرهن على أن الدبلوماسية الأميركية يمكنها أن تحدث تغييرات حقيقة ومهمة، تغييرات يمكن أن تجعل هذا البلد والعالم أكثر أمانا".
وأضاف أوباما أنه "بفضل هذا الاتفاق سيكون المجتمع الدولي قادراً على ضمان عدم تطوير إيران السلاح النووي. تم قطع جميع الطرق المؤدية إلى السلاح النووي"، محذراً في الوقت نفسه من أنه في حال لم تحترم إيران التزاماتها فسيتم فرض "كل العقوبات" مجددًا.
وقال، إنَّ "هذا الاتفاق ليس قائما على الثقة، إنه قائم على التحقق. المفتشون سيكونون قادرين على الوصول إلى المنشآت النووية الإيرانية الرئيسة 24 ساعة على 24 ساعة"، وحذر الكونغرس الأميركي من اتخاذ قرار "غير مسؤول" برفض الاتفاق، مؤكدًا أنه سيستخدم حق النقض "الفيتو" في حال محاولة عرقلة الاتفاق.
وخاطب المشرعين، قائلًا: "فكروا بما سيحدث في غياب مثل هذا الاتفاق"، مشددا على الخطر المتمثل في سباق تسلح نووي "في المنطقة الأكثر اضطرابًا في العالم"، مضيفًا: "لا أشكك للحظة بأنه في خلال عشر أو 15 عامًا فإن الشخص الذي سيكون في البيت الأبيض سيكون في موقع أفضل مع إيران أكثر بعداً عن السلاح النووي".
ووعد أوباما بمواصلة الجهود "غير المسبوقة في تعزيز أمن اسرائيل، جهود تذهب أبعد مما فعلته أي إدارة في السابق".
ووقعت إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية، الثلاثاء، "خارطة طريق" تجيز التحقيق في النشاطات النووية السابقة لإيران التي يشتبه بأنها كانت تنطوي على بعد عسكري، حسبما أعلن المدير العام للوكالة.
وأضح يوكيا امانو، أنَّه يعتزم إصدار تقرير حول التحقيق بحلول 15 كانون الأول/ ديسمبر، مضيفا: "لقد وقعت للتو خارطة طريق بين طهران والوكالة الدولية للطاقة الذرية لتوضيح المسائل العالقة من الماضي والحاضر حول البرنامج النووي الإيراني".
وتسعى الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى التحقيق منذ زمن طويل حول مزاعم بأن البرنامج الإيراني كان له حتى العام 2003 على الأقل "بعدا عسكريا ممكنا"، وأنها أجرت أبحاثا لتصنيع قنبلة ذرية، إلا أن إيران نفت باستمرار هذه الادعاءات قائلة إنها تستند إلى معلومات استخبارات خاطئة تم تزويد الوكالة الدولية للطاقة الذرية بها.
وصرَّح وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس، بأنَّ مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة سيصدق على الاتفاق النووي بين إيران والقوى الست في غضون أيام، مشيرًا إلى أنَّ "الأمر سيتم سريعًا"، موضحًا أن الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي، بريطانيا وفرنسا والصين وروسيا والولايات المتحدة، وقعت على رسالة مشتركة اليوم لإحالة الاتفاق على مجلس الأمن للتصويت عليه.
ورحب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بالاتفاق التاريخي حول البرنامج النووي الإيراني، قائلًا إنَّ الأسرة الدولية تلقته "بارتياح كبير"، بعد مفاوضات استمرت سنوات طويلة.
وصرح بوتين في بيان صدر عن الكرملين بأن المشاركين في المفاوضات بين ايران ومجموعة 5+1 قاموا "بخيار حاسم حول الاستقرار والتعاون"، قائلًا: "نحن واثقون بأن الأسرة الدولية تلقته بارتياح كبير اليوم".
وأكد أن موسكو "ستبذل كل ما بوسعها" لضمان تطبيق الاتفاق، داعياً كل الأطراف إلى التزام شقها من الاتفاق، قائلًا "نتوقع أن تلتزم كل الأطراف المعنية وخصوصًا مجموعة 5+1 في شكل كامل بالقرارات التي تم التوصل إليها".
ووعد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في فيينا بأن روسيا "ستساهم بخطوات عملية من أجل تطبيق الاتفاق".
وأشاد وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند بـ "الاتفاق التاريخي" الذي أبرم حول البرنامج النووي الإيراني، معتبرًا أنه يشكل "تغييرًا مهمًا" في العلاقات بين إيران والدول المجاورة والأسرة الدولية.
وصرح هاموند في بيان بأنه "بعد أكثر من عقد من المفاوضات الصعبة، أبرمنا اتفاقًا تاريخيًا يفرض حدودًا صارمة وعمليات تفتيش للبرنامج النووي الإيراني".
وأعلنت وكالة الأنباء السورية الرسمية "سانا"، أن الرئيس بشار الأسد هنّأ حليفته الرئيسة إيران بالتوصل إلى اتفاق نهائي في شأن الملف النووي، معتبرًا ذلك "نقطة تحول كبرى في تاريخ إيران والمنطقة والعالم".
وقال الأسد في برقيتي تهنئة أرسلهما إلى الزعيم الإيراني علي خامنئي ونظيره الإيراني حسن روحاني، إنَّ "توقيع هذا الاتفاق يعتبر نقطة تحول كبرى في تاريخ إيران والمنطقة والعالم واعترافًا لا لبس فيه من دول العالم بسلمية البرنامج النووي الإيراني".
من جانبه، أعلن دبلوماسي فرنسي أن الاتفاق حول البرنامج النووي الإيراني الذي تم التوصل إليه اليوم سيتيح رفع العقوبات المفروضة على إيران تدريجيا اعتبارا من مطلع 2016؛ لكنه ينص على إعادة فرضها في حال إخلال طهران بالتزاماتها، ولن يكون بالإمكان رفع العقوبات الأولى إلا بعد اجتماع للوكالة الدولية للطاقة الذرية مقرر في أواسط كانون الأول من اجل تقييم التزام إيران، بحسب المصدر نفسه.
وأفادت وكالة الأنباء الإيرانية، بأنَّ المنشآت النووية في البلاد ستستمر في العمل بمقتضى الاتفاق الذي جرى التوصل إليه بين إيران والقوى العالمية الست، مضيفة فيما وصفته بنبذة عن الاتفاق دون الإشارة إلى مصدر "كل المنشآت النووية ستستمر في العمل، لن يتوقف أي منها أو يجري التخلص منها... إيران ستواصل التخصيب، أبحاث وتطوير أجهزة الطرد المركزي (أي.أر6 وأي.أر-5 وأي.أر4 وأي.أر8) ستستمر".
ونقلت الوكالة أيضا عن وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، قوله إنَّ الاتفاق النووي الذي توصلت إليه إيران والقوى الست هو أفضل اتفاق ممكن لكنه ليس شاملا، وأضاف ظريف: "ما حدث اليوم هو إنهاء أزمة غير ضرورية.. وصلنا إلى لحظة تاريخية.. ليس اتفاقا شاملا لكل الأطراف المعنية لكنه أفضل انجاز يمكن التوصل إليه".
وقابل الاتفاق الموقع اليوم تنديد من "إسرائيل"، حيث اعتبره رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على الفور "خطأ تاريخيا"، وأضاف نتنياهو في بداية اجتماع مع وزير الخارجية الهولندي بيرت كوندرز أنه "تم تقديم تنازلات كبرى في جميع القضايا التي كان من المفترض أن تمنع إيران فيها من امتلاك قدرة على التزود بأسلحة نووية".
يُذكر أن الاتفاق جاء بعد انتظار طويل لأنه كان مقررا أساسا في 30 حزيران/ يونيو، إلا أن الموعد أرجئ عدة مرات بسبب أهمية المسائل التي تم التفاوض بشأنها.
ووافقت إيران على الحد من عدد أجهزة الطرد المركزي ومخزونها من اليورانيوم المخصب، الأمر الذي سيجعل من المستحيل عليها صنع قنبلة ذرية.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر