تونس - أزهار الجربوعي
شهد اليوم الثاني من مناقشة الدستور التونسي، حالة من الفوضى، والخلافات الحادة، بين النواب، أدت إلى انسحاب الكثير منهم، عقب المصادقة على الفصل الأول من الدستور، في ما اتهم النائب عن "الجبهة الشعبية"، المنجي الرحوي، حركة "النهضة الإسلامية" صاحبة الأغلبية الحاكمة بمحاولة الانقلاب على التوافق، وتمرير
مضامين إخوانية دينية، تتناقض مع مبادئ الدولة المدنية، التي تم التنصيص عليها في لجنة "التوافقات" بشأن الدستور، وأثارت الخلافات والانقسامات الحادة بين النواب مخاوفًا بشأن فشل "التأسيسي" في الوفاء بوعده، والمصادقة على الدستور قبل تاريخ 14 كانون الثاني/يناير المقبل المتزامن مع الذكرى الثالثة للثورة التونسية.
وصادق نواب المجلس الوطني التاسيسي (البرلمان)، خلال جلسة عامة السبت، على 5 فصول من الدستور الجديد للدولة التونسية، حيث استأنف نواب المجلس الوطني التأسيسي السبت أعمال الجلسة العامة الثانية لمناقشة الدستور، بعد أن تم رفعها من قِبل رئيس المجلس، مصطفى بن جعفر، الذي طلب اجتماعًا استثنائيًّا لمكتب المجلس، لاتخاذ قرار فيما يخص تصرف النائب عن حزب "الوطنيين الديمقراطيين" منجي الرحوي، واحتجاجه الذي أحدث اضطرابًا وفوضى داخل الجلسة العامة، بعد أن عبر الرحوي عن رفضه القطعي للفصل الأول من الدستور.
وأشار الرحوي إلى أنه "لن يقبل بتمرير مقترح يعتبر الدين الإسلامي، دين الدولة، وليس دين الشعب"، واصفًا إياه بـ"المؤامرة من طرف حركة النهضة"، ومضيفًا أن "هذا المقترح تآمر على مدنية الدولة التونسية والتوافقات، وذلك بعد أن صادق نواب التأسيسي على الفصل الأول، والباب الأول من الدستور، بأغلبية 146 صوتًا، وتحفَّظ 2، في ما صوّت نائب واحد ضد الفصل".
وينص الفصل الأول من مشروع الدستور الجديد، الذي تم الإبقاء عليه من الدستور القديم، والذي تم وضعه خلال فترة حكم الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة، على أنّ "تونس دولة حرة مستقلة، ذات سيادة، والإسلام دينها، والعربية لغتها، والجمهورية نظامها، ولا يجوز تعديل هذا الفصل"، وتجدر الإشارة إلى إضافة عبارة "لا يجوز تعديل هذا الفصل" التزامًا بما توافقت عليه الأحزاب السياسية داخل لجنة التوافقات بشأن الدستور.
وقرّر رئيس المجلس التأسيسي، مصطفى بن جعفر، عقد اجتماع استثنائي، ودعوة النواب المعترضين، والذين تسببوا في إيقاف جلسات التصويت على الدستور للنقاش والاتفاق معهم بشأن آلية تضمن تدخلهم في النقاش لإبداء مواقفهم، دون عرقلة سير الجلسات.
وتعقيبًا على اتهامها بالانقلاب على التوافقات، ومحاولة "أخونة الدستور"، أكَّدت حركة "النهضة الإسلامية"، الحاكمة، تمسكها بالتوافقات الحاصلة بين الأحزاب بشأن الفصل الأول من الدستور المتعلق بدين ومدنية الدولة التونسية"، متهمة "النائب المنجي الرحوي بتعطيل الجلسة وخرق النظام الداخلي".
وأثارت حالة الفوضى والتعثر غير المتوقعة خلال جلسات مناقشة الدستور التونسي انتقادات واسعة من خارج قبة المجلس التأسيسي (البرلمان)، لاسيما بعد أن توقع مراقبون أن تكون لجنة التوافقات، حسمت في الانقسامات بشأن الدستور، وهو ما جعل الرأي العام يخشى فشل التأسيسي في الوفاء بوعده والالتزام بخارطة طريق الحوار الوطني، والمصادقة على الدستور قبل تاريخ 14 كانون الثاني/يناير المقبل، وهو ما يمكن أن يدخل البلاد في أزمة سياسية جديدة.
من جهة أخرى، يعقد المجلس الوطني التأسيسي جلسة عامة، مساء الأحد، لانتخاب الأعضاء التسعة لمجلس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، حيث من المنتظر أن تجتمع لجنة الفرز السبت؛ لتحديد طريقة التصويت على الـ358 مرشّحًا.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر