الخرطوم ـ جمال إمام
كشفت مصادر مقربة من رئيس الحكومة السودانية عبد الله حمدوك، مساء الثلاثاء، أنه يعتزم الاستقالة من منصبه خلال ساعات خلال الساعات المقبلة.
وأضافت المصادر نفسها أن:"حمدوك سيتقدم باستقالته خلال ساعات اعتراضا على تدخلات في تعييناته قيادات الخدمة المدنية".
وأرجع المصدران سبب الاستقالة المرتقبة إلى "خلافات حول التعيينات والإقالات للموظفين بالخدمة العامة، حيث اعترض حمدوك على تدخلات المكون العسكري".
وبحسب المصادر:" كان هناك خلافا دب بين حمدوك والمكون العسكري في مجلس السيادة حول قرار رئيس الوزراء الأخير والخاص بإعادة لقمان أحمد، لمنصب مدير هيئة التلفزيون السوداني بعد استبعاده خلال الفترة الماضية".
وبحسب المصدرين فإن" إعادة لقمان كانت أحد مطالب حمدوك، في وقت يرفض المكون العسكري ذلك ويتمسك بأن يكون مدير هيئة التلفزيون يخضع في عمله لسلطة إدارة التوجيه المعنوي التابعة للجيش السوداني".
وتابع المصدران أن "ضمن الأسباب الأخرى حول عزم حمدوك الاستقالة هو أنه ( حمدوك) لا يشعر بقدرته على إحداث توافق سياسي مع تصاعد الاحتجاجات في البلاد الرافضة لاتفاقه مع رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق أول عبد الفتاح البرهان".
وكان حمدوك، أصدر، مساء الثلاثاء، قرارا أنهى بموجبه تكليف إبراهيم البزعي من منصب مدير عام هيئة الإذاعة والتلفزيون.
وقال حمدوك، في بيان، إن ذلك يأتي "عملاً بأحكام الوثيقة الدستورية"، مشيرا إلى "إعادة تعيين لقمان أحمد محمد مديراً عاماً للهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون".
وشدد رئيس الوزراء السوداني، على الجهات المعنية بـ"اتخاذ إجراءات تنفيذ القرار".
وكان قد صرح حمدوك إن الاتفاق السياسي الذي أبرمه مع قائد الجيش عبد الفتاح البرهان تعثر، محذرا من "تراجع كبير في مسيرة الثورة يهدد أمن البلاد ووحدتها واستقرارها".
ونشر حمدوك خطابا ليل السبت، بمناسبة الذكرى الثالثة لثورة ديسمبر 2018 التي قادت بعد أشهر قليلة إلى إطاحة نظام عمر البشير، تزامنا مع احتجاجات حاشدة انطلقت مساء السبت ومن المتوقع أن تستمر حتى الأحد، للمطالبة بإبعاد الجيش عن المشهد السياسي.
وكان حمدوك عزل من منصبه في 25 أكتوبر الماضي على خلفية إجراءات من الجيش أطاحت المكون العسكري من الحكومة الانتقالية، لكنه عاد رئيسا للحكومة بموجب اتفاق مع البرهان يوم 21 نوفمبر.
وقال رئيس الوزراء في خطابه: "إننا نواجه تراجعا كبيرا في مسيرة ثورتنا، يهدد أمن البلاد ووحدتها واستقرارها، وينذر ببداية الانزلاق نحو هاوية لا تبقي لنا وطنا ولا ثورة، ورغم ذلك لا زلت أعتقد جازما أن الثورة يمكن أن تمضي بحزم وعزم إلى غاياتها بالسير في طريق الحوار والتوافق الوطني".
وتابع: "هذا ما ظللت أعمل من أجله (...) حتى الاتفاق السياسي في 21 نوفمبر الماضي، كانت جميعها محاولات لحث الأطراف للجلوس لحوار شامل يفضي لتكوين كتلة وطنية من الذين يؤمنون بالتحول المدني الديمقراطي، لكن مبلغ الأسف أن هذه المبادرات جميعها قد تعثرت بفعل التمترس وراء المواقف والرؤى المتباينة للقوى المختلفة".
وبرر حمدوك توقيعه على الاتفاق الذي أثار غضب الشارع، قائلا إن ذلك "لم يأت استجابة لتقديرات ذاتية غير ناضجة أو تحت ضغط من أحد، إنما جاء عن قناعة تامة مني أن هذا الاتفاق في حده الأدنى سيؤدي إلى حقن دماء شبابنا وشاباتنا، رغم اقتناعي باستعدادهم للبذل والتضحية من أجل أحلامهم للوطن، لكنني لا أجد حرجا في أن أقول إن صون دماء هؤلاء الشباب وكرامتهم يظل واجبي الأسمى الذي لن أتنازل عنه، فإن ما نبحث عنه من مستقبل هو لهم وبهم".
وأضاف: "كما سعيت عبر هذا الاتفاق لوقف عمليات الاعتقال السياسي وإطلاق سراح المعتقلين من القادة السياسيين، ليضطلعوا بأدوارهم ومسؤولياتهم الوطنية والتاريخية في العمل مع بقية قوى الثورة والتغيير لإكمال ما تعطل من مهام التحول الديمقراطي، ولحماية حق الثوار والثائرات في التعبير السلمي عبر مختلف أدواتهم".
وأردف حمدوك: "ما دفعني لذلك أيضا أنني قد رأيت فيه فرصة لحماية منجزات تحققت على مدى العامين الماضيين من عمر الثورة وصون بلادنا من الانزلاق لعزلة دولية جديدة، إضافة لحقيقة أن الاتفاق في نظري هو أكثر الطرق فعالية وأقلها تكلفة للعودة إلى مسار التحول المدني الديمقراطي وقطع الطريق أمام قوى الثورة المضادة، ومواصلة الحوار بين مختلف المكونات لتقويم مسار الثورة والمضي بخطى ثابتة في ما تبقى من عمر ومهام الانتقال".
وطالب رئيس الحكومة "كافة قوى الثورة وكل المؤمنين بالتحول المدني الديمقراطي بضرورة التوافق على ميثاق سياسي يعالج نواقص الماضي، وينجز ما تبقى من أهداف الثورة والانتقال الديمقراطي المتعلقة بقضايا السلام والأمن والاقتصاد ومعاش الناس، وإكمال هياكل السلطة وإقامة المؤتمر القومي الدستوري وصولا لانتخابات حرة ونزيهة".
ويسعى رئيس الوزراء عبدالله حمدوك إلى إعادة الأمور إلى نصابها وتصحيح القرارات التي أثارت الغضب في الشارع السوداني، والتي كان من بينها عزل لقمان أحمد محمد من رئاسة التلفزيون، وبعض أعضاء مجلسي السيادة والوزراء وحكام الولايات.
وفي هذا الإطار أعفت الحكومة السودانية، قبل أيام، القائمين بمهام إدارة الولايات في البلاد من مهامهم وعينت آخرين في مسعى لتعزيز الحوار السياسي.
وأصدرت وزيرة الحكم اللا مركزي بالسودان بثينة دينار، قراراً قضى بإعفاء الأمناء العامين لحكومات ولايات البلاد الـ18 وتكليف آخرين.
ويتولى الأمين العام في الولاية مهام "الوالي" حال غيابه، ويقع على عاتقه تسيير العمل التنفيذي برمته.
وكان قائد الجيش الفريق أول عبدالفتاح البرهان، قرر في 25 أكتوبر/تشرين أول الماضي، تعليق العمل ببعض بنود الوثيقة الدستورية، وإقالة الحكومة المدنية، قبل أن يتوصل إلى اتفاق مع حمدوك يقضي بإعادة المسار الانتقالي.
وعاد حمدوك إلى منصبه رئيسا للوزراء بموجب اتفاق إعلان سياسي وقعه مع الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان في 21 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي ويجري تنفيذه حالياً.
إلا أن قوى مدنية وسياسية ترفض الاتفاق وتطالب بنقل السلطة بالكامل إلى المدنيين، رافضة الشراكة الحالية في الحكم مع المكون العسكري.
ويجري حمدوك مشاورات لتوسعة هذا الاتفاق ومن ثم تشكيل الحكومة الانتقالية وتعيين ولاة الولايات.نزاع حاد حول إعادته حيث اشترط المكون العسكري أن يكون خاضعا لسلطة التوجيه المعنوي التابعة للجيش
قـــد يهمــــــــك أيضــــــاُ :
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر