بيروت ـ ميشال سماحة
وصل الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس إلى العاصمة اللبنانية بيروت بعد ظهر الأحد، آتياً عن طريق باريس في زيارة رسمية للبنان تستمر حتّى يوم الأربعاء المقبل. وكان في استقباله في المطار، وزير الخارجية عبدالله بو حبيب والمبعوثة الدائمة للبنان لدى الأمم المتحدة السفيرة أمال مدللي والمنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان يوانا فرونتسكا. إلى ذلك، اتخذت في المطار تدابير أمنية مشدّدة لهذه الغاية. وغادر غوتيريس المطار من دون الإدلاء بأيّ تصريح مكتفياً بالقول إنها "ليست الزيارة الأولى لي في لبنان، لقد زرته سابقاً، وأنا اليوم هنا للتضامن معه ومع الشعب اللبناني".
وأعلن مكتب المنسقة الخاصة للأمم المتحدة، في بيان، أن "غوتيريس وفور وصوله إلى مطار رفيق الحريري الدولي، قال: "عندما كنت المفوض السامي لشؤون اللاجئين، جئت إلى لبنان مرات عدّة، ولمست وقتها تضامن شعب لبنان مع العديد من اللاجئين. أعتقد أن الوقت قد حان لنا جميعاً، في العالم، للتعبير عن نفس التضامن مع شعب لبنان. لذلك، إذا أردت وصف زيارتي إلى لبنان بكلمة واحدة ستكون كلمة تضامن". إثر الزيارة، التقى غوتيريس رئيس الجمهورية ميشال عون في قصر بعبدا، حيث تمّ التداول في الأوضاع الراهنة لاسيّما ملف الإصلاحات.
عقب اللقاء، أكّد عون أن "بين لبنان والأمم المتحدة شراكة عميقة تعود جذورها إلى إنشاء المنظمة حيث كان لبنان من الدول الخمسين التي شاركت في تأسيس الأمم المتحدة في العام 1945 في سان فرنسيسكو، ومن الذين ساهموا في وضع شرعة حقوق الانسان في العام 1948". وأضاف: "خلال الأزمات العديدة التي عصفت بلبنان منذ العام 1948 واللجوء الفلسطيني وحتى يومنا هذا مروراً بالحرب اللبنانية، والحروب الإسرائيلية العديدة، وصولاً إلى انعكاسات النزوح السوري الكثيف، وانفجار مرفأ بيروت، والأزمة الاقتصادية المالية، وتداعيات الأزمات الحالية غير المسبوقة، فإن منظمة الأمم المتحدة كانت عامل دعم ومؤازرة للاستقرار خصوصاً عبر قوات "اليونيفيل" في الجنوب، وشريكاً في التنمية عبر أجهزتها العاملة في لبنان".
وأشار إلى أنّه بحث مع غوتيريس "في الأزمات المتلاحقة التي يعاني منها لبنان والسبل الآيلة إلى الخروج منها لا سيّما ما يتعلق منها بالأوضاع الاقتصادية والمعيشية التي تردّت خلال الأشهر الأخيرة"، مؤكّداً "العمل على تجاوزها ولو تدريجياً من خلال وضع خطة التعافي الاقتصادي لعرضها على صندوق النقد الدولي والتفاوض بشأنها كذلك بالتزامن مع إصلاحات متعدّدة في المجالات الاقتصادية والمالية والإدارية، وإعادة النظر بعدد من إدارات الدولة وضبط الانفاق ووقف الهدر ومكافحة الفساد وبلوغ التدقيق المحاسبي الجنائي في حسابات مصرف لبنان أهدافه في كشف المسؤولين عمّا لحق بالبلاد من خسائر على مر السنين الماضية"، موضحاً أن "الهدف يبقى اعتماد حوكمة مستدامة تصحح الخلل الذي اعترى مؤسّسات الدولة".
وأكّد عون أن "لبنان سيشهد في الربيع المقبل انتخابات نيابية ستوفر لها كل الأسباب كي تكون شفافة ونزيهة تعكس الإرادة الحقيقية للبنانيين في اختيار ممثليهم"، لافتاً إلى أنّه "تمّ التطرّق إلى موضوع النزوح السوري، حيث شدّد على ضرورة إيجاد مقاربة جديدة لموضوع النازحين السوريين وعودتهم إلى وطنهم". إلى ذلك، أكّد عون "التزام لبنان تنفيذ القرار 1701 بكل مندرجاته والحفاظ على الاستقرار القائم على الحدود الجنوبية والتعاون الدائم بين الجيش اللبناني وقوات اليونيفيل"، لافتاً إلى "استمرار الانتهاكات الإسرائيلية البرّية والبحرية والجويّة لاسيّما استخدام الأجواء اللبنانية منطلقاً لاعتداءات جويّة متكرّرة على سوريا". من جهته، أبلغ غوتيريس عون أنّه "يحمل رسالة واحدة بسيطة وهي أن الأمم المتحدة تقف متضامنة مع الشعب اللبناني"، داعياً "المجتمع الدولي إلى دعم لبنان لتجاوز أزماته ونحثّ الحكومة على إجراء الإصلاحات اللازمة".
واعتبر غوتيريس أن "الانتخابات العام المقبل ستكون المفتاح، وعلى الشعب اللبناني أن ينخرط بقوة في عملية اختيار كيفية تقدّم البلد". وشدّد على أن "استمرار الدعم الدولي للجيش اللبناني والمؤسّسات الأمنية الأخرى، هو أساسيّ لاستقرار لبنان"، ودعا كل الدول الأعضاء على "الاستمرار وزيادة دعمهم". وتُعدّ زيارة غوتيريس "ذات طابع تضامني سيُعيد خلالها تأكيد دعم أسرة الأمم المتحدة برمّتها- البعثة السياسية وقوات حفظ السلام والعاملين في مجالات الدعم الإنساني والإغاثي للبنان وشعبه"، وفق ما ذكرت المنظمة الحكومية الدولية في بيان
وسيلتقي الأمين العام مسؤولين حكوميين، على رأسهم رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه برّي ورئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي، بالإضافةً إلى عدد من القادة الدينيين وممثّلين عن المجتمع المدني. وتكريماً لأرواح ضحايا انفجار مرفأ بيروت، سيقف الأمين العام دقيقة صمت في المرفأ. كما سيقوم بزيارات ميدانية يلتقي خلالها بالمتضرّرين من الأزمات المتعدّدة التي تواجهها البلاد، قبل أن يتوجّه إلى جنوب لبنان لزيارة قوات اليونيفيل وللقيام بجولة على الخط الأزرق، ويغادر لبنان في 22 كانون الأول.
قد يهمك أيضاً :
غوتيريش يستعرض المكاسب الدبلوماسية والتنمية الاقتصادية في الصحراء المغربية في مجلس الأمن
أنطونيو غوتيريس يدعو المجتمع الدولي إلى توحيد الصفوف للقضاء على التهديد الإرهابي في أفغانستان
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر