بيروت ـ ميشال سماحة
علّق المحقق العدلي طارق بيطار، الإثنين، تحقيقه في قضية انفجار مرفأ بيروت بعد تبلغه دعوى تقدم بها وزير سابق يطلب فيها نقل القضية إلى قاض آخر رداً على طلب استجوابه كمدعى عليه، وفق ما أفاد مصدر قضائي.وكان القاضي البيطار تبلغ صباحاً طلب نقل الدعوى من يده إلى قاض آخر والمقدم من الوزير السابق للأشغال والنقل يوسف فنيانوس.كما حضر القاضي البيطار صباحاً إلى مكتبه واستجوب كما كان مقرراً العميد المتقاعد في الجيش جودت عويدات. وقبل أن يتخذ القاضي البيطار أي قرار في شأن هذا الاستجواب تبلّغ طلب ردّه المقدم من المشنوق. وأصولاً يتوقف القاضي عن النظر في الملف موضوع الرد عند تبلغه إياه. وسيجيب القاضي البيطار عنّه خلال ثلاثة أيام. وينتظر أن يجري تبليغ سائر الفرقاء في هذه الدعوى من نيابة عامة ومدعين ومدعى عليهم. ويشار إلى أن طلب نقل الدعوى لا يوقف القاضي البيطار عن متابعة النظر بالدعوى إلا بقرار من محكمة التمييز ، لذا عقد جلسة الاستجواب التي كانت مقررة اليوم ومحددة في وقت سابق.
وكان القاضي البيطار كرر، قبل تبلغه طلب الرد، دعوة النواب الثلاثة عبر الأمانة العامة لمجلس النواب ووزارة الداخلية في مقر إقامتهم، كما أحال قاضياً على النيابة العامة التمييزية للادعاء عليه. وهو القاضي الثالث الذي يطلب ملاحقته.وأرجأ استجواب ضابطين متقاعدين في المخابرات بعد تبلغه هذا الطلب متوقفاً عن متابعة التحقيق.ومنذ ادعائه على رئيس الحكومة السابق حسان دياب وطلبه ملاحقة نواب ووزراء سابقين ومسؤولين أمنيين، يخشى كثيرون أن تؤدي الضغوط السياسية الى عزل بيطار، على غرار ما جرى مع سلفه فادي صوان الذي نُحي في فبراير بعد ادعائه على دياب وثلاثة وزراء سابقين.
وأدى الانفجار الضخم في مرفأ بيروت في 4 آب/ أغسطس 2020، والذي عزته السلطات الى تخزين كميات كبيرة من نيترات الأمونيوم من دون إجراءات وقاية، الى مقتل 214 شخصاً على الأقل وإصابة أكثر من 6500 آخرين بجروح، عدا عن دمار واسع في العاصمة. وتبيّن لاحقاً أن مسؤولين على مستويات عدة سياسية وأمنية وقضائية كانوا على دراية بمخاطر تخزين هذه المادة ولم يحركوا ساكناً.وقال المصدر القضائي إن بيطار وبعدما تبلغ الدعوى بحقه من النائب والوزير السابق نهاد المشنوق "علّق تحقيقاته وكل الإجراءات المتعلقة بملف انفجار مرفأ بيروت، إلى أن تبت محكمة الاستئناف في بيروت (...) بقبول الدعوى أو رفضها".
ويأتي هذا التطور بعد أيام على تسريب إعلاميين رسالة على لسان مسؤول في حزب الله الى القاضي بيطار تتضمن امتعاض الحزب، من مسار التحقيق وتهديده بإزاحته.
وبعد نحو خمسة أشهر على تسلمه الملف، أعلن بيطار في تموز/ يوليو عزمه استجواب دياب كمدعى عليه، ووجّه كتاباً الى البرلمان طلب فيه رفع الحصانة النيابية عن ثلاثة وزراء سابقين هم النواب علي حسن خليل (المال) وغازي زعيتر (الأشغال)، وهما ينتميان إلى كتلة حركة أمل المتحالفة مع حزب الله، ونهاد المشنوق (الداخلية)، وكان ينتمي الى تيار المستقبل بزعامة سعد الحريري، "تمهيداً للادعاء عليهم".
وكان المشنوق تقدم الأسبوع الماضي أمام محكمة الاستئناف في بيروت بدعوى لتعيين محقق عدلي آخر.ويأتي تعليق التحقيق الإثنين في بداية أسبوع كان يفترض أن يشهد جلسات استجواب عدة لمسؤولين عسكريين بينهم قائد الجيش السابق جان قهوجي. كما كان بيطار حدد الخميس موعداً لاستجواب المشنوق والجمعة لاستجواب زعيتر وخليل.ورفضت الأمانة العامة لمجلس النواب الأسبوع الماضي مذكرات تبليغ أرسلها بيطار لاستجواب النواب الثلاثة.وفي 16 أيلول/ سبتمبر، أصدر بيطار مذكرة توقيف بحق وزير الأشغال السابق يوسف فنيانوس بعد امتناعه عن المثول أمامه لاستجوابه. وقد تقدم فنيانوس أيضاً بدعوى أمام محكمة التمييز الجزائية مطالباً بتنحية بيطار.
وغادر دياب الشهر الجاري إلى الولايات المتحدة برغم صدور مذكرة إحضار بحقّه وتحديد موعد استجوابه.ومنذ وقوع الانفجار، رفضت السلطات تحقيقاً دولياً، فيما تندّد منظمات حقوقية وعائلات الضحايا والناجون من الانفجار بمحاولة القادة السياسيين عرقلة التحقيقات.وقالت الباحثة المتخصصة في شؤون لبنان في منظمة هيومن رايتس ووتش آية مجذوب إن ما يحصل "يظهر بوضوح أن الطبقة السياسية اللبنانية ستفعل ما بوسعها لتقويض وعرقلة التحقيق.. وللإفلات من العدالة مجدداً في أحد أكبر الجرائم في تاريخ لبنان الحديث".
يذكر أن النائبين علي حسن خليل وغازي زعيتر كانا قد تقدما بطلب أمام المحكمة الأخيرة بكف يد المحقق العدلي السابق فادي صوان في كانون الأول الماضي وانتهى قرار محكمة التمييز الذي صدر بعد شهرين ونصف في 13 شباط/ فبراير الماضي. وتوقف التحقيق ثلاثة أشهر ونصف انتظاراً لصدور قرار المحكمة وتعيين القاضي البيطار خلفاً له.
وقد أطلق عدد من الناشطين والإعلاميين وأهالي الضحايا عبر مواقع التواصل حملة تضامن واسعة مع البيطار، تزامناً مع الدعوة للتحرّك يوم الأربعاء المقبل الساعة ١ ظهراً امام قصر العدل في بيروت، وذلك "منعاً لوقف التحقيق في انفجار بيروت وبالتالي عرقلة أي محاسبة في هذا البلد".
قد يهمك أيضَا :
انفجار مرفأ بيروت درسٌ في المناهج الفرنسية والدولة اللبنانية تُغرقه في الظلام
تهديد "حزب الله" للمحقق العدلي بقضية انفجار مرفأ بيروت يتفاعل وسط دعاوى واستنكارات
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر