أمضى الصومال يوماً دامياً، السبت، بعد الإعلان عن مقتل 100 شخص على الأقل، بينهم مجموعة من الطلاب، ومهندسان تركيان، بالإضافة إلى عشرات المصابين، في تفجير «مدمر» بواسطة شاحنة ملغومة في تقاطع مكتظ بالمواطنين بالعاصمة مقديشو، في وقت تبنت حركة «الشباب» مسؤولية اغتيال ضابط بالجيش الصومالي.
ومنذ وقوع التفجير صباح أمس، وأعداد الضحايا في تزايد مستمر، نظراً لخطورة حالة الجرحى، وكثرة الأشلاء في الموقع الذي غرق في الدماء، وهياكل المركبات المتفحّمة.
وقالت الشرطة الصومالية إن مائة شخص تقريباً قُتلوا في انفجار السيارة المفخخة، ونقل ضابط الشرطة أحمد بشاني لوكالة الأنباء الألمانية، أمس، إن مائة شخص قتلوا حتى مساء أمس، في هذا الهجوم المروع. وأكد ظاهر علمي وهو مسؤول بأحد مستشفيات «شافي» بمقديشو، وفاة ثمانية أشخاص وإصابة المزيد. وكان مستشفى آخر يسمى «المدينة» أبلغ عن وفاة 73 بالفعل. وقال بشاني إن هناك مستشفيات أخرى استقبلت قتلى وضحايا مصابين. وكانت السيارة المفخخة انفجرت في تقاطع طرق مزدحم في الجانب الجنوبي الغربي من مقديشو.
ولم تعلن أي جهة على الفور مسؤوليتها عن الانفجار، لكن حركة «الشباب» الإسلامية، المرتبطة بتنظيم «القاعدة»، التي تريد الإطاحة بالحكومة المدعومة من الأمم المتحدة، تنفذ عادة مثل هذه الهجمات.
ومبكراً، وقبل أن يُعلن عن ارتفاع حصيلة الضحايا، قال مسؤول بخدمة للإسعاف في الصومال إن انفجاراً عند نقطة تفتيش مزدحمة بالعاصمة مقديشو أودى بحياة 61 شخصاً على الأقل، كما أصيب العشرات. وأضاف عبد القادر عبد الرحمن حاج ادن، مؤسس «خدمة آمن للإسعاف» لـ«رويترز»: «لدينا حتى الآن 61 قتيلاً و51 مصاباً، هناك مزيد من الضحايا، ومن المؤكد أن عدد القتلى سيرتفع».
ويعاني الصومال من الصراع منذ عام 1991 عندما أطاح مقاتلون بالديكتاتور محمد سياد بري، ثم تحولوا لقتال بعضهم البعض. ونفذت حركة «الشباب» هجمات في بلدان أخرى في شرق أفريقيا، منها كينيا وأوغندا.
وروى سبدو علي (55 عاماً)، الذي يسكن بالقرب من موقع الانفجار، أنه بعدما سمع دوي الانفجار الهائل عند نقطة تفتيش «إكس - كنترول» في مقديشو، غادر منزله وأحصى 13 قتيلاً على الأقل، وقال: «عشرات المصابين كانوا يصرخون طلباً للمساعدة، لكن الشرطة فتحت النار على الفور فهرعت عائداً إلى منزلي».
ونُقل المصابون إلى مستشفيات عدة، ورأى شاهد عشرات الجرحى يصلون إلى المكان في سيارات الإسعاف. وقال رئيس بلدية مقديشو عمر محمود للصحافيين من مكان الانفجار، إن الحكومة تؤكد إصابة 90 مدنياً على الأقل في الانفجار، ومعظمهم طلاب.
ويظل أسوأ هجوم أسفر عن قتلى واتُهمت «الشباب» بالمسؤولية عنه في أكتوبر (تشرين الأول) عام 2017 عندما انفجرت شاحنة ملغومة بجوار صهريج وقود في مقديشو، ما أدى لحريق هائل أودى بحياة نحو 600 شخص.
وقالت الشرطة إن عديداً من القتلى هم طلاب جامعيون ضرب الانفجار حافلتهم. ووصف الضابط في الشرطة إبراهيم محمد، الانفجار، بأنه كان «مدمّراً».
وأضاف: «تأكدنا من أن مواطنين تركيين، يعتقد أنهما مهندسان يعملان في مجال تشييد الطرقات، هم بين القتلى. لا نملك تفاصيل بشأن إن كانا يمرّان في المنطقة، أم أنهما يقيمان فيها».
وقال رئيس بلدية مقديشو عمر محمود محمد، في مؤتمر صحافي، إن العدد الدقيق للقتلى لم يتضح بعد: «سنؤكد العدد الدقيق للقتلى لاحقاً لكنه لن يكون صغيراً. معظم القتلى هم طلاب جامعة أبرياء وغيرهم من المدنيين».
وذكر مسؤول بالشرطة الصومالية لوكالة أنباء «بلومبرغ»، أن مهندسين أتراكاً كانوا هدف انفجار السيارة المفخخة، وقال الضابط بالشرطة الصومالية أحمد عبدي حسين، إن السيارة المفخخة انفجرت في تقاطع طرق مزدحم في الجانب الجنوبي الغربي من العاصمة. بينما نقلت وكالة أنباء «الأناضول» عن وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو، القول إن شخصين تركيين قتلا في الهجوم. وأفاد شاهد آخر، يدعى مهيب أحمد، «كانت حادثة مدمرة إذ كان هناك العديد من الأشخاص، بينهم طلبة، وحافلات تصادف مرورها في المكان عند وقوع الانفجار».
أما زكريا عبد القادر، الذي كان قرب المنطقة عند وقوع الانفجار الذي تسبب «بتحطم عدة نوافذ في سيارته»، فذكر: «كل ما رأيته هو جثث متناثرة (...) تفحّم بعضها لدرجة جعلت من المستحيل التعرّف على أصحابها».
أعربت المملكة العربية السعودية عن إدانتها واستنكارها بشدة للتفجير الذي وقع في العاصمة الصومالية مقديشو، وأدى إلى سقوط عشرات القتلى والجرحى، مجددة التأكيد على موقف الرياض الرافض لكل أشكال العنف والتطرف والإرهاب.
ونقلت وكالة الأنباء السعودية (واس) أمس عن وزارة الخارجية بالمملكة إدانة الرياض واستنكارها للتفجير الذي وقع في مقديشو، وجددت الوزارة التأكيد على موقف المملكة الرافض لكل أشكال العنف والتطرف والإرهاب، معبرة عن تعازي المملكة لذوي الضحايا وللصومال حكومة وشعباً مع التمنيات للجرحى بالشفاء العاجل.
كما أدانت منظمة التعاون الإسلامي بشدة التفجير الإرهابي الذي وقع أمس في العاصمة مقديشو، وأعرب الدكتور يوسف العثيمين، الأمين العام للمنظمة، عن تنديده الشديد بهذه العملية الإرهابية الجديدة في الصومال، متوجهاً بصادق تعازيه لأسر الضحايا ولحكومة الصومال وشعبه، راجياً الشفاء العاجل للمصابين.
وجدّد الأمين العام إدانة منظمة التعاون الإسلامي للإرهاب بكافة أشكاله ومظاهره، ودعمها لجهود الحكومة الصومالية في التصدي له ومكافحته.
وأدانت دول عربية وغربية الحادث، وأعربت الإمارات العربية المتحدة عن استنكارها الشديد «لهذه الأعمال الإجرامية»، مؤكدة على رفضها الدائم لجميع أشكال العنف والإرهاب. بينما حذر مرصد الفتاوى التكفيرية والآراء المتشددة التابع لدار الإفتاء المصرية من تصاعد وتيرة الأعمال الإرهابية في العاصمة الصومالية مقديشو، واستهداف الأسواق التجارية والمناطق المزدحمة، خصوصاً قبيل العام الميلادي الجديد.
ووصف البرلمان العربي، في بيان، أمس، الحادث، بـ«الجبان»، وأعرب مشعل السلمي رئيس البرلمان، في بيان، أمس، عن التضامن مع الصومال في جهودها لمحاربة الإرهاب وفرض سياسة الدولة.
وأعلنت وزارة الخارجية الروسية أن التفجير الذي أودى بحياة عشرات الأشخاص وسط العاصمة الصومالية مقديشو، أمس، هدفه زعزعة الاستقرار في هذا البلد.
يأتي هذا الحادث في وقت أعلنت حركة «الشباب» الصومالية مسؤوليتها عن اغتيال ضابط في الجيش الصومالي، أمس، إثر إطلاق النار عليه في منطقة «سوق المواشي» بمديرية هلوا في مقديشو، طبقاً لما ذكره موقع «الصومال الجديد» الإخباري.
وأشارت الحركة المتشددة، في بيان نشرته على شبكة الإنترنت، إلى أن مسلحيها أطلقوا النار على ضابط يدعى محمد إسحاق، فأردوه قتيلاً وهربوا من الموقع.
قد يهمك أيضًا :
البنتاغون يؤكد إرسال قوات أميركية للشرق الأوسط سيشمل صواريخ "باتريوت"
"أسعار النفط وتداعيات التجارة الدولية" أبرز المؤثرات الخارجية على سهم "أرامكو"
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر