بدأ الرئيس التركي رجب طيب إردوغان زيارة رسمية لألمانيا تستمر 3 أيام، وسط توترات بين البلدين وصلت إلى مستويات قياسية.ورغم أن الزيارة الثنائية الرسمية الأخيرة للرئيس التركي إلى برلين قبل 5 سنوات جاءت في أجواء شبيهة من التوتر، فالخلافات هذه المرة قد تكون أعمق من عام 2018. وزار إردوغان برلين بعد ذلك في يناير (كانون الثاني) عام 2020 للمشاركة في مؤتمر ليبيا، الذي دعت إليه ألمانيا آنذاك.
وفي عام 2018، خيّمت على الزيارة التبعات الداخلية في تركيا لمحاولات الانقلاب الفاشل. وهذه المرة تطغى تبعات إقليمية جلبتها الحرب بين إسرائيل وحركة «حماس» على لقاء إردوغان والمستشار أولاف شولتس. فوجهات النظر حول الحرب مختلفة بين الرجلين لحد التناقض. ولم يتردد المستشار الألماني في وصف تصريحات الرئيس التركي حول إسرائيل واتهامه لها بالـ«فاشية» وبارتكاب جرائم حرب في غزة بأنها «سخيفة». وأكد أنه سيكرر موقف ألمانيا الداعم لإسرائيل أمام إردوغان.
وتعكس أجندة الرئيس التركي في ألمانيا التوترات التي تجلبها معها هذه الزيارة. فقد ألغيت مشاركته في مباراة كرة قدم بين الفريقين التركي والألماني يوم السبت. ولم يتمكن الطرفان التركي والألماني من الاتفاق على عقد مؤتمر صحافي مشترك إلا في اللحظات الأخيرة. ورغم أن إردوغان لن يمضي في برلين سوى يوم واحد في لقاء الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير ثم شولتس، فهو باقٍ في ألمانيا ليومين إضافيين ينتقل فيهما إلى ولايات أخرى لعقد لقاءات مع الجالية التركية الكبيرة.
وبقيت علامات الاستفهام حول إمكانية إلغاء زيارة إردوغان حتى اللحظات الأخيرة، خاصة أن المطالبات تعلو منذ أسبوع لسحب الدعوة منه بسبب تصريحاته المعادية لإسرائيل، وهو ما تقمعه السلطات في ألمانيا منذ بداية الحرب في غزة. وقال رئيس المجلس اليهودي في ألمانيا جوزيف شوستر إن إردوغان «لا يجب أن يكون شريكاً لألمانيا». وأضاف: «أي شخص ينفي حق إسرائيل بالوجود... لا يجب أن يكون شريكاً في السياسة لألمانيا، وعلى المستشار أن يستغل زيارة الرئيس التركي لكي يؤكد أن تمجيد إرهاب (حماس) غير مقبول تحت أي ظرف من الظروف».
ودعت منظمات كردية في ألمانيا إلى إلغاء الزيارة، وقال رئيس المجلس الكردي علي إرتان توبراك: «لا يمكن أن نقول إن أمن إسرائيل أساسي لألمانيا وفي الوقت نفسه نفرش السجادة الحمراء لأحد أكبر معادي السامية».
ويكرر المسؤولون الألمان منذ 7 أكتوبر أن «أمن إسرائيل أساسي لألمانيا» وأن لإسرائيل حق الدفاع عن نفسها، رافضين في الوقت نفسه الدعوة إلى وقف إطلاق النار رغم تزايد الضحايا المدنيين في غزة.
وصدرت دعوات من أطراف سياسية لإلغاء الزيارة كذلك، وقال زعيم حزب «دي لينكا» اليساري المتطرف مارتن شيردفان إنه «يجب سحب الدعوة» من إردوغان، مضيفاً: «إن فرش السجاد الأحمر لمؤيد للإرهاب أمر منفصم». ورغم أن زعيم الحزب المسيحي الديمقراطي فردريك ميرتز، أكبر حزب معارض، الذي تنتمي إليه المستشارة السابقة أنجيلا ميركل، قال إن الزيارة «صحيحة»، فقد اشترط أن يوضح شولتس لضيفه موقف ألمانيا ويؤكد له أن «تصريحاته حول إسرائيل غير مقبولة بتاتاً». وتحدث ميرتز عن الاتفاق حول الهجرة بين تركيا وألمانيا وقال إنه يجب الحفاظ عليه.
واعترف شولتس نفسه بالتحديات التي تمثلها زيارة الرئيس التركي، لكنه كرر أنه من الضروري إبقاء الحوار مع تركيا. وقال متحدث باسم الحكومة مدافعاً عن الزيارة: «لدينا دائماً شركاء صعبون علينا التعامل معهم». وأضاف أنه رغم «هذه الخلافات الكبيرة يجب أن نحقق تقدماً حول عدد من القضايا المختلفة»، معدداً الحرب في الشرق الأوسط وأوكرانيا وعضوية السويد في الناتو المعلقة بسبب أنقرة، ومسألة الهجرة.
واعتاد إردوغان «إحراج» ألمانيا في زياراته السابقة. ففي عام 2018، آخر زيارة له قبل هذه المرة، سلّم المستشارة آنذاك ميركل لائحة بأسماء 69 تركياً في ألمانيا، قال إنهم «إرهابيون مطلوبون» لدى السلطات التركية، ومن بينهم عدد من الصحافيين المعارضين لإردوغان لجأوا إلى ألمانيا.
ورغم وصف معظم السياسيين في برلين للرئيس التركي بأنه «ضيف صعب»، فقد قامت العاصمة برلين باستعدادات أمنية ضخمة لاستقباله، إذ نشرت نحو 3 آلاف شرطي، وأغلقت الطرق المحيطة بالقصر الرئاسي ومقر المستشارية المجاور له، ونشرت طائرات هليكوبتر وقناصين على أسطح الأبنية المحيطة. وكان في استقبال إردوغان كذلك مجموعة من المظاهرات المعارضة له، نظّمتها بشكل أساسي مجموعات كردية.
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :
إردوغان يحسم السباق الرئاسي التركي ويفوز في جولة الإعادة عقب فرز 99٪ من الأصوات
1.9 مليون أصوات المغتربين في جولة الإعادة وأردوغان يحشد أنصاره وملف اللاجئين يتصدر المشهد
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر