بيروت - ميشال سماحة
لا تزال تداعيات الأزمة اللبنانية مع المملكة العربية السعودية وبعض دول الخليج، على خلفية تصريحات وزير الإعلام جورج قرداحي حول اليمن، ترخي بظلالها على الحياة السياسية في لبنان، سواء بين الأفرقاء اللبنانيين، أو حتى على العمل الحكومي المتوقّف حتى إشعار آخر. وفي إطار محاولات إيجاد الحلول، تدّخلت جامعة الدول العربية على خط الحلّ للوصول إلى نتائج تعيد الاستقرار إلى العلاقة بين لبنان ومحيطه العربي. وعلى الأثر، زار الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية حسام زكي بيروت في جولة سياسية على الرؤساء، استهلها بزيارة بعبدا. وأفادت معلومات صحفية أنّ زكي ألمح إلى أن المملكة لن تستجب لأي مسعى قبل استقالة قرداحي، وذلك من خلال طلبه الفصل بين ملف قرداحي وملف العلاقات مع "حزب الله".
والتقى زكي رئيس الجمهورية ميشال عون، مؤكداً أنه جاء "للاطلاع على الموقف اللبناني أولاً، بهدف بذل جهد لتقريب وجهات النظر وحل الإشكال مع السعودية".
وأشار إلى أن "المصلحة اللبنانية والخليجية، هي هدف جامعة الدول العربية وسبيلنا للتوصل إلى مخرج لهذا الوضع". وأكد أن الحوار مع الرئيس عون كان صريحاً كالعادة، لافتاً إلى أنه "سيلتقي رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ورئيس مجلس النواب نبيه بري، وبنهاية اليوم سيكون هناك شكلاً عامّاً للمسار الذي سنسير فيه وإنشاء الله تكون الأمور إيجابية". وكشف أنه "إذا احتاج الأمر زيارة إلى السعودية، فإنه سيقوم بذلك"، مضيفاً: "يجب أن نشعر أن هناك حلحلة في الأزمة حتى ننتقل إلى المرحلة المبقلة من الحل". وأبلغ الرئيس عون زكي أن لبنان "حريص على إقامة أفضل العلاقات واطيبها مع الدول العربية الشقيقة، ولا سيما منها المملكة العربية السعودية ودول الخليج، ولم يترك مناسبة إلا وعبّر عن هذا الحرص"، لافتاً إلى "ضرورة الفصل بين مواقف الدولة اللبنانية وبين ما يمكن أن يصدر عن أفراد أو جماعات، خصوصاً إذا ما كانوا خارج مواقع المسؤولية، آخذين في الاعتبار مقتضيات النظام الديموقراطي الذي اختاره اللبنانيون والذي يضمن حرية الرأي والفكر ضمن ضوابط القانون".
وأكد أنه "يجب معالجة ما حدث مؤخراً بين لبنان والمملكة العربية السعودية، من خلال حوار صادق مبني على أسس الاخوة العربية والتعاون والتنسيق بين مؤسسات الدولتين الشقيقتين نظراً لما يجمعهما من علاقات تاريخية كانت دائما وستبقى لمصلحة الشعبين". ورحب رئيس الجمهورية بأي "مسعى تقوم به جامعة الدول العربية لإعادة العلاقات الأخوية بين البلدين إلى سابق عهدها لا سيما وأن لبنان لا يكن للمملكة إلا الخير والتقدم والازدهار، معتبراً أن المصارحة في مثل هذه الأوضاع هي عامل أساسي لتقريب وجهات النظر ورأب أي صدع، ولن يتردد لبنان في اتخاذ أي موقف يساعد في تهيئة الأجواء لمثل هذه المصارحة". ثم انتقل زكي إلى السريا الحكومية، حيث التقى رئيس الوزراء نجيب ميقاتي، الذي أكد لزكي" أن لبنان حريص على عودة علاقاته الطبيعية مع المملكة العربية السعودية ودول الخليج، وسيبذل كل جهد ممكن لأزالة ما يشوب هذه العلاقات من ثغرات ومعالجة التباينات الحاصلة بروح الأخوّة والتعاون".
وأبلغه" أن الجامعة العربية يمكنها القيام بدور أساسي في هذا المجال، ونحن نشدد على إضطلاعها بمهمة تقريب وجهات النظر، وإزالة الخلافات والتباينات حيثما وجدت". وجدد "التزام لبنان بكل قرارات جامعة الدول العربية تجاه الأزمة اليمنية، المنطلقة من قرار مجلس الأمن الدولي والمبادرة الخليجية ومبدأ الحوار بين الأطراف المعنية". وأكد زكي أن "العلاقات بين لبنان ودول الخليج مهمة للبنان، وأيضاً لدول الخليج، والجهد الذي نبذله قد يؤدي إلى تجاوز الأزمة، ونَعبُر بها إلى حوار أكثر جدية، في مسار العلاقات بين دول الخليج ولبنان". ولفت إلى أنه "قبل قدومنا، لم يكن هناك جهد لرأب الصدع، وهذه مبادرة لوضع الأمور في مسارها الصحيح، وقد قمت بزيارة رئيس الجمهورية ميشال عون، ورئيس الحكومة، وسأقوم بزيارة رئيس مجلس النواب نبيه بري، لكي نعرف أين يقع لبنان من هذه الأزمة، وما الذي يعمل عليه لتجاوزها"، معلنًا حول وجود اتصالات مع السعودية قبل زيارة لبنان، أن "الحوار قائم قبل هذه الزيارة، ووجدنا ثقباً في الباب نستطيع أن نمر منه".
وعن الخطوات المقبلة بعد الزيارة، أشار إلى أنه "بعد الانتهاء من المباحثات، سنقيّم المواقف، ونرى الخطوة التالية". ومن السرايا إلى وزارة الخارجية، حيث كان باستقباله الوزير عبدالله بو حبيب. واعتبر زكي في كلمة له بعد اللقاء أن "العلاقات بين لبنان ودول الخليج، تاريخية وراسخة، ونسعى إلى أن تستعيد زخمها، ونأمل أن يعمل الجميع لتحقيق ذلك". ولفت، عند سؤاله إن كانت تصريحات وزير الإعلام جورج قرداحي تسببت بالأزمة، إلى أن "المسألة أبعد من توصيف للحرب، وما قيل موقف متكامل للوضع في اليمن، وما قيل كان أمراً نظرت إليه السعودية بأنه مسيء وخارج عن الموقف العربي، والحديث حول أن المسألة بسيطة، لا، هي ليست كذلك، وهي أهم من أن تتعامل معها بشكل فيه استخفاف، وكل الأمور تحتاج إلى جهد". بدوره، أكد بوحبيب، على أن "الجامعة العربية هي صلة الوصل بين لبنان والدول العربية، ونحن ندعمها في أي مسعى بين لبنان والدول العربية".
وأكد الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية حسام زكي، في تصريح له من عين التينة، أن "اللقاء مع رئيس مجلس النواب نبيه برّي كان ودياً وصريحاً والهدف من الزيارة لم يكن لإيجاد حل للأزمة فلكل دولة سيادتها بل لمحاولة تقريب وجهات النظر، والتعامل مع هذا الأمر يجب أن يكون دقيقاً". وشدد زكي على "أننا سنقيّم الموقف عقب العودة إلى القاهرة وسنقرر حينها الخطوة المقبلة في سبيل حل الأزمة الديبلوماسية". ولفت زكي إلى أن "العلاقات العربية - العربية يجب أن تكون إيجابية وجيدة ومسألة استقالة الوزير جورج قرداحي كان يمكن أن تنزع فتيل الأزمة من البداية، لكن الأمور استمرّت على حالها والأجواء التي استمعت إليها من المسؤولين الذين التقيتهم حريصة على العلاقات مع الخليج". وردًا على سؤال، أجاب زكي: "التقيت بقيادات لبنان الرسمية ولم أستمع منهم أنه على السعودية أن تعتذر وأنا ملتزم باللقاء معهم للتأكيد على أهمية العلاقة مع السعودية واحترامها واحترام مواقفها والرغبة في استعادة الحوار والتعاون والآراء الأخرى طبيعية"، مشيراً إلى انه "في ما خصّ الأزمة الراهنة لم يكن هناك أيّة رسائل وانعقاد الجلسات الحكومية مُعطّل لأسباب يعرفها الجميع وهناك علامة استفهام على حلحلة هذا التعطيل وتركيزي اليوم هو على أزمة العلاقة مع دول الخليج". وكانت تصريحات وزير الإعلام جورج قرداحي قد سببت أزمة غير مسبوقة مع السعودية وبعض دول الخليج، بعد آرائه عن حرب اليمن، ما دفع إلى سحب السفراء العرب وطرد السفراء اللبنانيين من بعض الدول.
قد يهمك أيضاً :
وفد من الجامعة العربية يزور بيروت لبحث الأزمة مع الخليج ومصير الحكومة متعلق بإستقالة قرداحي
الأزمة المفتوحة بين لبنان والدول الخليجية تُكبده خسائر بالمليارات
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر