وجّه المبعوث الرئاسي الروسي في سورية، ألكسندر يفيموف، خطابًا مصورًا إلى "المقيمين الروس في سورية، وإلى المواطنين السوريين"، بمناسبة الاحتفال بـ"يوم روسيا" الذي صادف الجمعة، ضمنه إشارات إلى توجهات السياسة الروسية في سورية خلال المرحلة المقبلة.واستعار الخطاب، وهو الأول ليفيموف منذ تعيينه مبعوثًا رئاسيًا خاصًا إلى سورية قبل أسابيع، أسلوب الرئيس فلاديمير بوتين، ليس فقط لجهة الشكل في توجيه الخطاب المصور، بل ومن حيث المضمون، إذ تضمن عبارات حماسية كررها بوتين في خطاباته الكثيرة، حول "قدرات الروس غير المحدودة على مواجهة التحديات، والخروج منها بانتصارات"، وتأكيده أن "الصعوبات لا تخيفنا"، وتذكيره بتجارب "ألف عام من التجارب الصعبة". وفي مقابل إشارة السفير إلى التجارب الواسعة لروسيا على مدى قرون، فقد اكتفى من تاريخ سورية الطويل بالتذكير بـ"سنوات صمدت فيها في مواجهة الإرهاب".
وشن يفيموف هجومًا على الغرب، قائلًا إن "الدول التي تعد نفسها نموذجًا للإنسانية والأخلاقية" لم تصغِ إلى دعوة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى تخفيف العقوبات ضد حكومة دمشق في ظل جائحة فيروس كورونا، بل سارعت بالعكس إلى تمديد هذه الإجراءات العقابية.
وحذر من أن "هذا الضغط سيزداد في المستقبل"، معربًا عن ثقة بأنه "لا يمكن التغلب على روسيا وسورية عبر الإرهاب الاقتصادي"، ورأى أن "هذه المحاولات ستفشل، كما فشلت المحاولات السابقة لفرض إرادة أطراف أخرى على الشعب السوري بقوة السلاح". وقال المبعوث الرئاسي إن "روسيا لن تتخلى عن سورية في هذه الفترة الصعبة"، مشيرًا إلى أن البلدين توصلا إلى "أرفع درجات الثقة والتفاهم المتبادل خلال سنوات الحرب ضد العدو المشترك"، لافتًا إلى أن الزيارة "التاريخية" للرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى دمشق في يناير (كانون الثاني) الماضي "أعطت زخمًا جديدًا" لديناميكية العلاقات بين الدولتين، قائلًا إن "هذه الزيارة بعثت برسالة واحدة إلى جميع الأعداء، مفادها أن موسكو لا تنوي التخلي عن نهجها المبدئي لدعم الشعب السوري"، وزاد أن "الأحداث التي تحصل يوميًا في العالم، وخاصة في سورية، تؤكد أن روسيا وحلفاءها يقفون في الجانب الصحيح من التاريخ".
وفي إشارة لافتة إلى توسيع مهامه وصلاحياته، بعد تعيينه في منصبه الجديد، لفت السفير إلى 4 محاور، قال إنها شكلت أساسًا للإنجازات في الفترة الماضية، وهي: "استعادة الحكومة الشرعية السيطرة على أراض جديدة، وإطلاق عملية التسوية عبر دفع مسار اللجنة الدستورية، والشروع في عمليات إعادة تأهيل البنى التحتية، وإعادة عشرات الآلاف من اللاجئين والنازحين إلى مناطقهم"، مؤكدًا "استمرار التعاون مع سورية في هذه المسائل" خلال الفترة المقبلة.
وخصص جزءًا من رسالته المصورة للحديث عن النشاط الروسي الثقافي في سورية. واستذكر بمناسبة "يوم روسيا" جانبًا من "التاريخ والإنجازات العظيمة". وقال إن "الأجداد تركوا لنا إرثًا نفخر به، ونعمل على توسيع قدراتنا من أجل الأجيال المقبلة". وزاد أن روسيا قامت بـ"الخطوة الأولى من أجل استعادة وجودها الثقافي سورية"، مشيرًا إلى إطلاق المركز الثقافي الروسي نهاية الشهر الماضي دورات تعليم اللغة الروسية، وتحدث عن خطوات عدة مقبلة على هذا الصعيد، مشيدًا بجهد "مواطنين، خصوصًا مواطنات روسيات، في سورية".
وعلى صعيد آخر، اتهمت السفارة الروسية لدى واشنطن مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأوسط، ديفيد شينكير، بـ"تسميم العلاقات" بين روسيا والولايات المتحدة من خلال "نشر معلومات زائفة". ووصفت، في بيان، التصريحات التي أدلى بها شينكير خلال اليومين الماضيين بـ"المناهضة لروسيا". وأضافت البعثة الدبلوماسية الروسية: "من المؤسف أن مسؤولين رفيعي المستوى في الإدارة الأميركية يمارسون نشر الأخبار الزائفة، ويسممون بذلك العلاقات بين روسيا والولايات المتحدة".
وكان شينكير قد اتهم، خلال مشاركته في فعالية بمعهد هودزون الأميركي، روسيا بأنها "ساعدت السلطات السورية في تنفيذ إبادة جماعية بحق شعبها"، وتحدث عن نيات موسكو إنشاء قاعدة عسكرية روسية في ليبيا.
ويأتي هذا في وقت تسعى موسكو فيه إلى تنشيط قنوات الاتصال مع واشنطن حول سورية. وكان نائب وزير الخارجية، سيرغي ريابكوف، قد قال إن بلاده تعمل لإقامة حوار شامل مع الولايات المتحدة، بما في ذلك في الشأن السوري. وأجرى نائب الوزير، سيرغي فيرشينين، قبل يومين حوارًا هاتفيًا "تفصيليًا" حول الوضع في سورية مع المبعوث الأميركي الخاص إلى هذا البلد، جيمس جيفري.
دفعت تركيا بتعزيزات عسكرية ضخمة إلى إدلب، في الوقت الذي تواصلت فيه خروقات النظام في مناطق خفض التصعيد. وتواصلت الاشتباكات العنيفة والقصف المتبادل بين الفصائل الموالية لتركيا والقوات الكردية في ريف حلب الشمالي. وتضاربت التصريحات عن إصابة عشرات الجنود وعناصر الشرطة الأتراك في شمال سورية.
ودخل رتل عسكري تركي ضخم، أمس (السبت)، من معبر كفر لوسين الحدودي مع ولاية هطاي جنوب تركيا إلى شمال محافظة إدلب، يتألف من 60 آلية محملة بسيارات عسكرية مزودة برشاشات ثقيلة وكتل إسمنتية ومواد لوجستية، وتوجه إلى نقاط المراقبة العسكرية الواقعة ضمن منطقة خفض التصعيد.
في الوقت ذاته، قامت القوات التركية بإزالة سواتر ترابية بالقرب من نقاطها في منطقة سراقب وتفتناز وبنش وطريق آفس في ريف إدلب.
وأعلنت وزارة الدفاع وفاة جندي تركي متأثرًا بجراح أصيب بها في 5 يونيو (حزيران) خلال هجوم تعرضت له مركبة إسعاف مدرعة للجيش، حيث قتل جندي وأصيب آخر بجروح خطيرة.
وجددت قوات النظام بعد منتصف ليل الجمعة - السبت، قصفها على مناطق في الفطيرة وكنصفرة وسفوهن والرويحة وبينين والحلوبة وفليفل والبارة والعنكاوي بريفي إدلب الجنوبي وحماة الشمالي الغربي، الواقعة ضمن مناطق خفض التصعيد في شمال غربي سورية.
كان وزير الخارجية التركي طالب في تصريحات، أول من أمس، بالعمل على وقف خروقات النظام و"مجموعات متشددة"، لم يحددها لوقف إطلاق النار المطبق في إدلب منذ 6 مارس (آذار) الماضي بموجب اتفاق بين أنقرة وموسكو.
وتواصلت الاشتباكات العنيفة بريف حلب الشمالي، على محور كفر كلبين، بين القوات الكردية المنتشرة في المنطقة، والفصائل الموالية لتركيا، وذلك لليوم الثاني على التوالي.
في الوقت ذاته، أعلنت وزارة الدفاع التركية، في بيان، أمس، إلقاء القبض على 7 من عناصر "وحدات حماية الشعب" الكردية في منطقتي عمليتي "درع الفرات" و"غصن الزيتون" اللتين تسيطر عليهما القوات التركية والفصائل الموالية لها في شمال سورية.
وذكر البيان أن القبض على هذه العناصر جاء في إطار عمليات متواصلة بهدف منع عناصر "الوحدات الكردية" من تقويض الأمن والسلام في المنطقة، وأن القوات الأمنية التركية أوقفت أحد العناصر في منطقة "درع الفرات"، والستة الآخرين في منطقة "غصن الزيتون".
في سياق متصل، قال وزير الداخلية التركي سليمان صويلو، إن قوات الأمن ألقت القبض على أحد عناصر "الوحدات الكردية" بعد عبوره من سورية إلى تركيا، وبحوزته 10 كيلوغرامات من المتفجرات.
وأضاف صويلو، في تغريدة عبر "تويتر"، أمس، أنه تم القبض على "الإرهابي" بعد عبوره من مدينة عين العرب (كوباني)، حيث كان يستعد لتنفيذ عمل إرهابي في تركيا، مشيرًا إلى أن قوات الأمن ألقت القبض على آخر في قضاء أكتشا قلعة التابع لولاية شانلي أورفا المتاخمة للحدود السورية.
إلى ذلك، تضاربت التصريحات بشأن إصابة جنود من القوات التركية وعناصر من الشرطة يعملون في شمال سورية بفيروس كورونا. وأعلن والي هطاي (جنوب تركيا) عن إصابة 140 جنديًا وضابط شرطة أتراك يعملون في مدينتي عفرين وإدلب في سورية بالفيروس.
ونقلت صحيفة "حرييت" التركية عن رحمي دوغان، والي هطاي الواقعة قرب الحدود التركية مع سورية، أن هناك 320 حالة إصابة بفيروس كورونا في الولاية، كما أن 140 جنديًا وضابط شرطة يعملون في مدينتي عفرين وإدلب في سورية أيضًا مصابون بـ"كورونا". ولفت دوغان إلى أن عدد المصابين من عناصر القوات التركية العاملة في مدينة عفرين بلغ 120 حالة، إضافة إلى 20 حالة في صفوف القوات العاملة في القاعدة التركية بمدينة إدلب، وأنه لم يتم تسجيل حالات في صفوف المدنيين في المناطق التي توجد فيها القوات التركية في سورية.
إلى ذلك، قاطعت كتل سياسية معارضة اجتماع "هيئة التفاوض السوري" عبر الفيديو، أمس، الذي استهدف انتخاب رئيس جديد لها بدلًا من نصر الحريري الذي انتهت ولايته.
قد يهمك ايضا
أمين عام الأمم المتحدة قلق من تطورات جنوب اليمن ويُطالب بضبط النفس
أمين عام الأمم المتحدة يشيد بـ"الخطوات الإيجابية" بين الخرطوم وجوبا حول أبيي
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر