مستوى المعيشة يحدّد تأثير الأوبئة على المغاربة على مرّ الزمان
آخر تحديث GMT 08:38:35
المغرب اليوم -
أكرم الروماني مدرب مؤقت لفريق المغرب الفاسي كمدرب مؤقت خلفاً للمدرب المقال الإيطالي غولييرمو أرينا منع تام لحضور جمهور الرجاء الرياضي إلى الملعب البلدي ببركان وليس التنقل الجماعي فقط إيران تعلن استئناف المباحثات النووية مع القوى الأوروبية في يناير 2025 جيش الاحتلال الإسرائيلي يُعلن مقتـل 3 عسكريين بينهم ضابط في المعارك التي تجري مع فصائل المقاومة الفلسطينية شمال قطاع غزة قصر الإليزيه يُعلن تشكيل الحكومة الفرنسية الجديدة بقيادة فرانسوا بايرو التقرير الإحصائي اليومي لعدد الشهداء والجرحى الفلسطينيين جراء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة لليوم الـ444 جيش الاحتلال الإسرائيلي يعلن اغتيال رئيس مُديرية الأمن العام التابع لحركة حماس السلطات تمنع تنقل جماهير الجيش الملكي إلى تطوان تعيين مدرب نيجيري لتدريب الدفاع الحسني الجديدي لكرة الطائرة دونالد ترامب يفضل السماح لتطبيق تيك توك بمواصلة العمل في الولايات المتحدة لفترة قصيرة على الأقل
أخر الأخبار

منها الطاعون والجدري والملاريا والزهري والتيفود والكوليرا

مستوى المعيشة يحدّد تأثير الأوبئة على المغاربة على مرّ الزمان

المغرب اليوم -

المغرب اليوم - مستوى المعيشة يحدّد تأثير الأوبئة على المغاربة على مرّ الزمان

الأوبئة
الرباط - المغرب اليوم

في تاريخ الإنسان، عموما، تعد الأوبئة من أعظم تجليات مأساته؛ ذلك أنه مهما حصل من تحول وتقدم وتمايز بين الشعوب هنا وهناك من العالم، فإن ما هو معدٍ من فيروسات ظل دوما حاضرا ينتظر فرص انتشار مع كل مجاعة وجفاف وجراد..

ولما يتأمل المرء فيما ورد حول الأوبئة في الفترات التاريخية يجد نفسه بدهشة صادمة، نظرًا لِما كانت عليه من قساوة سحقت البشرية وألحقت بها نزيفًا واسعا شمل ما هو ديمغرافي واجتماعي واقتصادي ونفسي وبيئي وسلوكي..

وأوبئة تاريخ الإنسان منذ العصر الوسيط جمعت بين طاعون وجدري وحمى صفراء وملاريا وزهري وتيفويد وكوليرا وغيرها، جوائح ومهالك أتت على ملايين القتلى بعض من هذه الأوبئة تم الخلاص منه وآخر لا يزال منتصبا مخيفا مرعبا، ومن هنا ما هناك من أسئلة مقلقة حول أمراض معدية وأخرى متوطنة وبين الأوبئة.

لعل لمستوى عيش ومعيش المغاربة وأحوال صحتهم دور مهم في فهم أوضاع أمس بلادنا الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، وكان المغرب قد عرف خلال القرن التاسع عشر سلسلة آفات دورية اشتدت وطأتها من جهة إلى أخرى، مثلما حصل مع الكوليرا مثلًا والذي يعد من الأوبئة الأكثر شهرة في تاريخ البشرية الحديث؛ فالدراسات تتحدث على أن ما بين بداية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين اجتاح هذا الوباء العالم لمرات عديدة، بل لا يزال يعيشه في ظل وباء سابع للكوليرا انطلق بداية ستينيات القرن الماضي من أسيا. وكان هذا الوباء دوما من أخطر الأمراض المعدية من الأربعة منها الأكثر وفتكا بالإنسان إلى جانب الطاعون والحمى الصفراء والجدري، بل الكوليرا هي من أبشع ما يمكن أن يصيب الإنسان نظرًا لأعراضها وأثرها وما يمكن أن تتسب فيه من انهيار جسدي.

من موجات هذا الوباء خلال القرن التاسع عشر عندما بدأ الإخباريون المغاربة يميزون في نصوصهم بين الطاعون وغيره من الأوبئة، ارتأينا الوقوف على حلقتين من وباء الكوليرا الذي عصف ببلادنا وكان شاملًا بها الأولى خلال نهاية ستينيات القرن والثانية خلال نهاية السبعينيات منه بعد عقد من الزمن بين الأولى والثانية. علما أن هذا الوباء خلال هذه الفترة تسبب في هلاك حوالي ستة آلاف من أهل الرباط وحوالي ثلاثة آلاف بتطوان سنة 1855، ومع نهاية نفس القرن وبعد تسربه عبر البحر وعبر سفينة حجاج كان بأثر بليغ عام 1896 وهو الوباء الذي نعته المغاربة بـ"بوكًليب"، وقد عجز المخزن آنذاك عن وضع حد له بسبب رفضه إجراء حجر صحي على المسافرين بحرًا.

فحول كوليرا نهاية ستينيات القرن التاسع عشر(1868) الذي قالت نصوص إخبارية معاصرة أنه بدأ بقيء وإسهال مفرطين، ورد أن تسربه إلى البلاد حدث بسبب حجاج مغاربة عبر طنجة وأن سفينة في هذا التاريخ كانت تحمل حجاجا مغاربة من مصر منعت من الرسو بهذه المدينة وعادت أدراجها إلى الإسكندرية من جديد. ورغم ما كان من إجراء احترازي تجاه سفن الحجاج تسرب الوباء إلى شمال البلاد حيث تطوان وطنجة، مع أهمية الإشارة إلى أن محمدا الأمين البزاز يذكر أن هذا الوباء تسرب قبل هذا التاريخ عبر حدود البلاد الشرقية التي ظلت مفتوحة، مضيفًا أن ما حصل من انتشار للعدوى بمختلف جهات البلاد ساعدت عليه ظروف المغاربة المعيشية، وأن عدد القتلى بسببه في طنجة لوحدها مثلًا كان بمعدل سبع عشرة ضحية يوميًا قبل أن يقلع عنها في أواسط فبراير من سنة 1868.

على مستوى شمال البلاد تحديدًا طنجة وتطوان باعتبارهما بوابتين بحريتين مهمتين، هناك تضارب بين الوثائق حول تاريخ تسرب وباء الكوليرا إليهما خلال هذه الفترة مع أن الراجح بحسب تقارير قنصلية أن المدينتين أصيبتا به دفعة واحدة عام 1868.

وكان الوباء قد تجدد بطنجة صيف نفس السنة وبفتك شديد هذه المرة، قبل انتقاله إلى فاس التي كان بها حادًا جدًا، فقد ورد عنه في نص وثيقة: "وقد بلغنا أن الألم المعروف عند العامة ببوكًليب وصل لفاس، وكثر موت الناس به حتى بلغ الموتى به نحو الثلاثمائة ونصف في اليوم". هذا قبل يزحفه إلى مكناس ثم سلا والرباط. وكان هذا الوباء قد مكث بتطوان سبعة وثلاثين يوما، وبطنجة سبعة وعشرين يوما، وبالعرائش تسعة وعشرين يوما، مع أطول مدة له سجلت بالصويرة بخمسة وسبعين يوما. وقد كان عدد ضحاياه في تطوان أربعمائة وثلاثة وثلاثين فردا، وفي طنجة أربعمائة وواحد وأربعين فردا، مع أكبر نسبة كانت في مراكش بألف وثلاثمائة ضحية.

وكانت الحَرْكَات السلطانية التي طبعت مغرب القرن التاسع عشر بأثر كبير في اتساع رقعة الأوبئة؛ فحَرْكة السلطان محمد بن عبد الرحمن إلى مراكش عبر بلاد زعير، خلال هذه الفترة مثلًا، عرفت انتشار الوباء بين عساكرها حيث أتت الكوليرا على ثلاثمائة منهم كمعدل يومي، مما تسبب في خسائر بشرية كبيرة تحدثت وثائق مغربية عن صعوبة إحصاء الموتى بالوباء في المحلة السلطانية، وأنه مات ما لا يحصى من عساكر المخزن إلى درجة ترك الموتى على الأرض تأكلها الضباع والذئاب، واضطر السلطان للعودة إلى مكناس عبر سلا.

أما حول وباء "كوليرا" نهاية سبعينيات القرن التاسع عشر (1878)، فمن المفيد حوله التأمل فيما ورد في نص معاصر جاء فيه: "دخلت سنة خمس وتسعين ومائتين وألف فكانت هذه السنة من أشد السنين على المسلمين قد تعددت فيها المصائب والكروب وتلونت فيها النوائب والخطوب.. فكان فيها أولا غلاء الأسعار.. ثم عقب ذلك انحباس المطر.. وأجيحت الناس وهلكت الدواب والأنعام، وعقب ذلك الجوع ثم الوباء ثلاثة أصناف، كانت أولا بالإسهال والقيء.. ثم كان الموت بالجوع في أهل البادية خاصة هلك منهم الجم الغفير، وكان إخوانهم يحفرون على من دفن منهم ليلًا ويستلبونهم من أكفانهم عثر بسلا على عدد منهم، وأمر السلطان.. أن يرتبوا للناس من الأقوات.. وبعد هذا حدث الوباء بالحمى في أعيان الناس فهلك منهم عدد كبير، وفي هذه المسغبة مد النصارى أيديهم إلى الرقيق فاشتروه".

ولعل "كوليرا" مغرب نهاية سبعينيات القرن التاسع عشر كانت مصحوبة بمجاعة عصفت بجهات عديدة قال عنها القنصل الفرنسي بالدار البيضاء: "إن سلاطين المغرب ينظرون إلى بؤس السكان كأفضل وسيلة للمحافظة على عرشهم.. لأنهم يخشون أن يؤدي رغد العيش إلى انتفاضة شعبهم"، هذا خلافًا لِما جاء في وثائق مغربية معاصرة حول ما كان عليه المخزن المغربي من مساعدات إبان الأزمات. وكان وباء الكوليرا خلال هذه السنة قد انطلق من مكناس في عز أزمة مجاعة، فأتى على عدد كبير من الناس، مما دفع المجلس الصحي بطنجة إلى توجيه طبيب إسباني إلى هذه المدينة أكد واقع الحال.

ومن مكناس انتقل الوباء إلى فاس قبل تسربه شرقًا إلى تازة بواسطة التجار، ومن هذه الأخيرة انتقل إلى تاوريرت ودبدو وعيون سيدي ملوك ثم بلاد الريف قبل بلوغه وجدة. ومن مكناس أيضًا كبؤرة انتقل الوباء جنوبا إلى تافيلالت ومراكش التي ورد أن بسبب ما حصل كانت جثث القتلى تملأ طرقات المدينة بحوالي ثلاثمائة قتيل يوميًا، ومن مكناس انتقل الوباء إلى مدن غرب المغرب الساحلية. وبطنجة في إطار إجراءات وقاية قرر المجلس الصحي انتداب حرس صحي على أبوابها لمنع كل قادم، وهو الإجراء نفسه اتخذ بتطوان التي ورد أنها أدت أفدح ضريبة له بشمال البلاد. وفي دراسة تاريخية قيمة حول قبيلة بني مطير بهضبة سايس وسط البلاد، ورد أنها تعرضت سنة 1878 لوباء عظيم أتى على عدد كبير من الأنفس، في وقت كانت فيه القبيلة بصدد مشادة عنيفة مع حرْكة سلطان عرفت بحرْكة الوباء.

يبقى أن التشوف لكل تجديد في الكتابة التاريخية المغربية يقتضى جملة نقاط ومسارات، نعتقد أن منها أهمية انفتاح باحثينا ومؤرخينا على قضايا زمن بلادنا الاجتماعي وانعطافاته ومحطاته، بما في ذلك زمن الأزمات ومنها الديمغرافية كتعبير أشمل من البيولوجية. ورش كانت قد طبعته تطورات مهمة مع جيل الحوليات الفرنسية الثالث من خلال ولوج ما هو نوعي، كذا بناء مفاهيم ونظم عوض جمْعِ وكَمْ.

إن انفتاح باحثينا ومؤرخينا على قضايا فكر فقهائنا الطبي منذ العصر الوسيط، من خلال جمع ما يتعلق بذهنيات وعقليات، بات وجهة على درجة من الأهمية لإغناء نصوصنا التاريخية الحديثة وتراكماتنا وخزانتنا. فما هي عليه ذاكرة بلادنا من أزمات طبيعية واجتماعية تشكل زمنا وملفات وتجليات داعمة لرهان بحث ومقاربة وفق ما ينبغي من تقاطعات منهجية ومعرفية، وهو ما قد يسمح بمراجعات كثيرة حول هذا وذاك من تاريخنا عمومًا.

وعلى أهمية ما حصل من قيمة مضافة وجهد وتراكم خلال العقود الأخيرة، لا شك في أن جوانب كثيرة من تاريخنا الاجتماعي لا تزال بغير ما ينبغي مما تستحق؛ ذلك أن مصائب بلادنا من شدة دوراتها ملأت حيزًا مهما من زمنها بل هي بمحطات فاصلة فيه. وبقدر ما كان القرن التاسع عشر المغربي بآفات عديدة خلفت أثرا وتدهورًا كبيرًا على أكثر من صعيد، بقدر ما يتحدث الباحث والمؤرخ عما يسجل من عجز للمادة الوثائقية المتوفرة في إسعاف البحث والدراسة لبلوغ تاريخ اجتماعي دقيق لمغرب ما قبل الاستعمار، بل حتى مجرد رصد تطور عام يغطي جهات البلاد.

وفي هذا الإطار من أجل تاريخ اجتماعي أهم وأوسع يخص زمن بلادنا المعاصر والراهن منه، من المفيد تنويعًا للمادة العلمية الانفتاح أكثر على الأرشيف الأجنبي الفرنسي والإسباني خاصة ومعًا، لتأثيث مقاربات تخص مثلًا قضايا الأوبئة والمجاعات التي طبعت هذه الفترة؛ فالوثيقة الأجنبية قد تكون بمعطيات مهمة تخص المحلي من مدن وبوادٍ، وبالتالي إمكانية سد ثغرات وبياضات في تاريخ بلادنا الاجتماعي، فضلًا عن توسيع وعاء نصوص حديثة في هذا الباب وإغناء خزانة تاريخية وطنية بما هو مفيد للبلاد والعباد.

قد يهمك ايضا:

تطويق حي في وجدة بعد التأكد من إصابة صاحب محل بفيروس كورونا

توزيع الحالات الجديدة المصابة بفيروس "كورونا" في المغرب

almaghribtoday
almaghribtoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مستوى المعيشة يحدّد تأثير الأوبئة على المغاربة على مرّ الزمان مستوى المعيشة يحدّد تأثير الأوبئة على المغاربة على مرّ الزمان



الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

عمان - المغرب اليوم

GMT 08:46 2014 الثلاثاء ,10 حزيران / يونيو

افتتاح مطعم للفلافل في شارع محمد السادس في مراكش

GMT 08:59 2017 الإثنين ,11 كانون الأول / ديسمبر

12 مغربيًا في وضعية صعبة محتجزون لدى عصابة ليبية

GMT 10:29 2015 الأربعاء ,06 أيار / مايو

الضّعف الجنسي عند الرّجل سببه المرأة

GMT 19:17 2017 السبت ,10 حزيران / يونيو

زكرياء حدراف يصرّ على مغادرة الدفاع الجديدي

GMT 10:25 2017 السبت ,25 شباط / فبراير

عمر هو عمر

GMT 16:22 2013 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

حكاية غريبة لـ"رحى" تساعد النساء على إيجاد العرسان بسرعة

GMT 14:49 2017 الإثنين ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

سعر الجنية المصري مقابل الجنية الاسترليني الاثنين

GMT 01:56 2017 الإثنين ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

التشكيلة الأساسية للوداد امام الراسينغ البيضاوي

GMT 13:01 2015 الإثنين ,21 كانون الأول / ديسمبر

تليفون مطلي بالذهب الخالص هدية للفنانة دنيا بطمة

GMT 08:49 2017 الأربعاء ,08 شباط / فبراير

لمسات بسيطة تحوّل أريكتك إلى قطعة فنية هائلة

GMT 09:50 2016 الجمعة ,09 كانون الأول / ديسمبر

مصطفى شعبان يتألق بإطلالة كلاسيكية وتفضيل للكاجوال

GMT 12:41 2016 الجمعة ,05 شباط / فبراير

الصفاء يسعى لمواصلة صدارة الدوري اللبناني

GMT 06:38 2017 الإثنين ,30 كانون الثاني / يناير

طوني شعيا يعرض فساتين زفاف 2017 بإطلالات أميرية فاخرة

GMT 09:26 2017 الثلاثاء ,27 حزيران / يونيو

ثلاثة أطفال ماتوا غرقًا في شاطئ أشقار في مدينة طنجة

GMT 02:28 2017 الإثنين ,30 تشرين الأول / أكتوبر

تعرف على أغرب فنادق العالم في دولة تنزانيا
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib