قضية الصحراء المغربية في مرآة سياسات البلقنة والتجزئة الاستعمارية
آخر تحديث GMT 16:41:38
المغرب اليوم -
ثوران بركاني جديد في أيسلندا يهدد منتجع بلو لاجون الشهير الحكومة الإسبانية تفرض غرامة تصل لـ179 مليون يورو على 5 شركات طيران بسبب ممارسات تعسفية السلطات الأمنية في بريطانيا تُخلي أجزاء كبيرة من مطار جاتويك جنوبي لندن لأسباب أمنية وزارة الصحة في غزة تُناشد المؤسسات الدولية والإنسانية بتوفير الحماية للمستشفيات والكوادر الصحية في القطاع إصابة 6 كوادر طبية وأضرار مادية جراء هجوم إسرائيلي على مستشفى كمال عدوان شمال قطاع غزة مقتل 10 أشخاص فى هجوم على مزار فى ولاية بغلان شمال شرق أفغانستان الشرطة البريطانية تُغلق السفارة الأميركية فى لندن بعد انفجار طرد مشبوه عثر عليه بالمنطقة الجيش الإسرائيلي يُصدر أمراً بإخلاء 3 قرى في جنوب لبنان وانتقال السكان إلى شمال نهر الأولى الشرطة البرازيلية تتهم بشكل رسمي الرئيس السابق اليميني جاير بولسونارو بالتخطيط لقلب نتيجة انتخابات 2022 بالتعاون مع مؤيديه المرصد السوري لحقوق الإنسان يُعلن ارتفاع عدد شهداء الغارة الإسرائيلية علي مدينة تدمر الي 92 شخصاً
أخر الأخبار

الخطاب الرسمي للمملكة يحرص على مهادنة الطرف الإسباني

قضية الصحراء المغربية في مرآة سياسات البلقنة والتجزئة الاستعمارية

المغرب اليوم -

المغرب اليوم - قضية الصحراء المغربية في مرآة سياسات البلقنة والتجزئة الاستعمارية

الصحراء المغربية
الرباط - المغرب اليوم

تربط القراءات ظهور ما يُسمى بـ"قضية الصحراء الغربية" بالمخطط المرسوم من قبل الاستعمار الرامي إلى فصل دول المغربي العربي عن الصحراء الكبرى مهمشة أو غير مطروحة أصلا، لذا يتطلب هذا البعد الاستراتيجي إعادة النظر في عدم حصر جذور هذه القضية في بُعدها الإقليمي، أي "كصراع مغربي- جزائري" للسيطرة على المغرب العربي، أو طرحها، كما تفعل الكثير من التيارات اليسارية، باعتبارها "نضالا للشعب الصحراوي الذي يواجه النظام المغربي التوسعي"، بالرغم من أن قبائل الصحراء هم خليط عربي- بربري، مثل الأغلبية الساحقة من سكان المغرب العربي، ولا يتميزون بصفات إثنية أو قومية خاصة بهم تجعلهم شعباً قائماً بحد ذاته.
من ناحية أخرى، لا يسود في الطرح المغربي أي التباس في تعريف قضية الصحراء كقضية وطنية تنال شرعيتها من تطلع الشعب المغربي ورغبة الدولة في استكمال وحدتها الترابية. إلا أن سردية البعد الاستعماري في هندسة التجزئة المغاربية باتت مغيبة مع أفول عهد الحركة الوطنية، علماً أن الخطاب الرسمي المغربي يحرص كل الحرص على مهادنة الطرف الإسباني بحكم ارتباط هذا الملف بملف سبتة ومليلية والجزر المغربية المحتلة.
وتبقى المفارقة قائمة في موقف الدولة الجزائرية التي تجعل من مسألة الصحراء "قضية تحررية" تخص "الشعب الصحراوي" متناسية بذلك المشروع الفرنسي التجزيئي الذي كاد يفصل الصحراء الجزائرية عن باقي التراب الجزائري خلال السنوات الأخيرة لثورة نوفمبر.
وبخصوص الطموح الاستعماري في عزل أجزاء شاسعة من الصحراء الكبرى عن الموجة الاستقلالية التي عرفها المغرب العربي إبان خمسينيات القرن الماضي، ينبغي طرح الحالة السياسية عشية استقلال كل من المغرب والجزائر ومنطقة غرب إفريقيا؛ فبالنسبة للمغرب، طفا على سطح الخطاب السياسي بعد إحرازه الاستقلال سنة 1956 مفهوم "المغرب الكبير"، ما أسفر عن ظهور مطالب باستكمال تحقيق الوحدة الترابية والتحرر من الاستعمار الذي جزأ المغرب إلى خمس مناطق مستعمرة. ففي موريتانيا قوبل هذا المطلب باستجابة من تيار واسع داخل ذلك البلد؛ حيث كانت هذه الاستجابة هي المنصة التي تشكل بموجبها حزب النهضة الموريتاني المتأثر بالفكر الناصري.

وقد تعرض دعاة الوحدة مع المغرب في موريتانيا -الذين كان يتزعمهم حرمة ولد بابانا- إلى موجة من الاعتقالات والنفي على أيدي الاستعمار الفرنسي. ومما يؤكد على الإجماع الوحدوي وأهمية استرجاع الأقاليم الصحراوية من قبضة الاستعمار الفرنسي والإسباني هو الموقف الذي صرح به زعيم المقاومة المغربية عبد الكريم الخطابي في القاهرة سنة 1957: "إن فرنسا لا تزال تسيطر بقوتها على الصحراء المتممة للمغرب والتي لا يمكن للمغرب أن يحيا بدونها. أما موريتانيا فليست إلا جزءاً من البلاد المغربي… فمن صالح المغرب أن يكافح في سبيل استقلاله الحقيقي مادام الشعب الجزائري يقلق راحة فرنسا ويرغمها أن تعيش في فقر وقلق".

أما على الصعيد السياسي فتمت معاكسة العمل الوحدوي عبر "المشروع الإقليمي للصحراء"، الذي حاول الاستعمار الفرنسي من خلاله اقتطاع أجزاء واسعة من الصحراء الجزائرية بعد اكتشاف النفط والغاز والحديد فيها، الأمر الذي كان يؤشر على ضمها لمنطقة السّاحل ضمن خطة إعادة تركيب كيان "غرب أفريقيا الفرنسي". وقد أطلقت فرنسا الديغولية (نسبة للرئيس الفرنسي شارل ديغول) في هذا السياق "مشروع قسنطينة" الرامي إلى استغلال الثروات الباطنية للصحراء الجزائرية بعدما أسست لهذا الغرض "المنظمة المشتركة لاستغلال الثروات الصحراوية" التي عُززت فيما بعد بقانون البترول (code de petrole) لمنح امتيازات واسعة للشركات الأجنبية للاستثمار في الصحراء الجزائرية.

رافقت هذا المشروع الديغولي هندسة مؤسساتية تجسدت في استحداث "وزارة الصحراء" فاتحةً المجال لعدة صيغ تمكّن فرنسا من البقاء في الصحراء بضمها كمقاطعة فرنسية أو عبر إقامة دويلة صحراوية تابعة لها توظفها كقاعدة عسكرية وكمرتع لتجاربها النووية وكمصدر هائل للثروات النفطية. وكانت قيادة الثورة الجزائرية مدركةً تمام الإدراك للنوايا الفرنسية، فكثفت من العمليات الفدائية وكثفت من النشاط السياسي الرافض لاقتطاع الصحراء، مما جعل قضية الصحراء نقطة ساخنة وحجر عثرة خلال مفاوضات الاستقلال بين الطرفين.

أما إسبانيا فكانت متشبثة بالدوافع الاقتصادية والاستراتيجية ذاتها للحفاظ على الصحراء المغربية، خصوصاً من ناحية استغلال مناجم الفوسفات التي تم اكتشافها في منطقة بوكراع. ويجدر الذكر أن إسبانيا اتخذت منذ مطالبة المغرب باستقلال الصحراء موقفاً ينتزع الصفة المغربية للصحراء عبر عدم اعتبار النزاع مع المغرب أمراً ثنائياً مما دفعها إلى القيام بتدويل هذه القضية وطرحها كإشكالية تخص عدة أطراف في الإقليم، مرسخة بذلك الحالة التجزيئية في المنطقة.

يتضح من هذا الموقف التخوف الذي كان يعتمل في مخيلة المستعمر الإسباني إزاء الرغبة المغربية باسترجاع أقاليمه الصحراوية، علماً أن الصحراء كانت بالنسبة لإسبانيا مرتبطة استراتيجياً وعملياً بأمن "جزر الخالدات" (المسماة غربياً جزر "الكناري") التي تعتبر تلك الجزر، مع بقية الثغور المغربية المحتلة، البوابة الرئيسية لبسط النفوذ الاستراتيجي في المغرب العربي ومنطقة الساحل وخليج غينيا. وقد شهدت "جزر الخالدات" بدورها نشوء وعي استقلالي في مرحلة التحرر الوطني، تطور لاحقاً إلى حركة سياسية عرفت باسم"حركة تقرير المصير واستقلال الأرخبيل الكناري" تزعمها أنطونيو كوبيلو، داعياً لانتماء هذه الجزر للفضاء المغاربي انطلاقاً من "الهوية الأمازيغية" لسكانها الأصليين.

من جهتها تركت الجزائر، باعتبارها الدولة الحاضنة لهذه الحركة في جزر الخالدات، المجال للمغرب لاستغلال التناقض بينها وبين إسبانيا عبر الخلط بين الدعم الذي تقدمه الجزائر لحركة استقلال الخالدات ولجبهة البوليساريو الانفصالية، محملةً إياها مسؤولية حالة عدم الاستقرار في المنطقة بهدف إقناع مدريد بالموقف المغربي إزاء الصحراء.

وإن دل هذا على شيء فإنما يدل على المنطق القُطري الضيّق والمتجاهل لاستفادة الجانب الإسباني من المعادلة بصفته الطرف الأقوى القادر على التحكم في ديمومة النزاع بمواقفه المتأرجحة وسياسة فرق تسد. ويبقى تاريخ مرحلة الاستقلال خيرَ شاهد على الدور الرئيس للاستعمار في فرض التجزئة وتعزيز العصبيات المحافظة عليها. وتُمثل في هذا المضمار دوافع العملية العسكرية المشتركة التي شنها الاستعمار الفرنسي والإسباني سنة 1958 تحت اسم “ ecouvillon”، أو "المكنسة" في الصحراء المغربية، التي عبرت عن المصلحة الاستعمارية العليا في القضاء على التلاحم الميداني الذي حصل بين عناصر مغاربية مُتحدّية لحدود المستعمر. وهي العملية التي تُذكّر المغاربة بالتحالف الإسباني-الفرنسي خلال عشرينيات القرن الماضي لمنع اتساع رقعة المقاومة نحو العمق المغربي بقيادة عبد الكريم الخطابي.

بين الأمس واليوم، ما يزال قطار التجزئة يجول ذهاباً وإياباً في معظم أقطار المغرب العربي على غرار بلدان المشرق، مستفيداً من حالة التجزئة التي يكرسها النظام الرسمي العربي من ناحية، وغياب المشاريع التكتلية والوحدوية من ناحية أخرى. فبعد موجة "الربيع العربي" وإسقاط الدولة الليبية من طرف الحلف الأطلسي سنة 2011، برزت الجهوية والقبلية في هذا القطر المغاربي بطريقة لم يسبق لها مثيل، إذ وصل الأمر إلى اقتراح أمريكي لتقسيم ليبيا إلى ثلاث دول، وهو التصريح الذي أطلقه سيباستيان غوركا المساعد الأسبق للرئيس ترامب سنة 2017.

أما الجزائر فأصبحت مكشوفةً لمشروع "دولة طوارقية" في الصحراء بعد تجربة إعلان استقلال "الأزواد" شمال مالي سنة 2012 والتدخل الفرنسي هناك بذريعة محاربة الإرهاب، بالإضافة إلى التحدي الذي تشكله حركات أمازيغية انفصالية في كل من غرداية ومنطقة القبائل.

ولا تختلف الحالة المغربية كثيراً عن الحالة الجزائرية بعد ظهور عوارض انفصالية واضحة في مناطق مختلفة من البلاد وعلى رأسها منطقة الريف التي شهدت حراكاً جماهيرياً واسعا سنة 2017، حاولت بعض الأطراف الخارجية إلباسه لبوسا انفصاليا. وتبقى في نهاية المطاف موريتانيا بمجتمعها القبلي متخبطة بدورها بين مطرقة الجهوية وسندان الانفصالية الزنجية جنوب البلاد.

وعلى أي حال، تبدو قضية الصحراء المغربية في ظل سياسات البلقنة التي تتعرض لها الدول العربية أكثر ترشحاً لكي تصبح قطعة من قطع المشهد الفسيفسائي إذا استمرت الحالة السياسية على ما هي عليه.

قد يهمك ايضا

نصرٌ جديد في قضية الصحراء المغربية والعواصم الكبرى تؤيد الحكم الذاتي

"العدالة والتنمية" يُسائل الحكومة عن جُملة مِن القضايا والمواضيع المُهمَّة

almaghribtoday
almaghribtoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قضية الصحراء المغربية في مرآة سياسات البلقنة والتجزئة الاستعمارية قضية الصحراء المغربية في مرآة سياسات البلقنة والتجزئة الاستعمارية



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ المغرب اليوم

GMT 07:39 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
المغرب اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 08:04 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
المغرب اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 09:49 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
المغرب اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 01:41 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد سعد يوجه رسالة ليسرا في حفل غولدن غلوب
المغرب اليوم - أحمد سعد يوجه رسالة ليسرا في حفل غولدن غلوب

GMT 09:10 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
المغرب اليوم -

GMT 06:31 2017 الثلاثاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

سيارة " X3" الأنجح في سلسلة منتجات "بي ام دبليو"

GMT 06:01 2020 السبت ,25 كانون الثاني / يناير

"أولتراس الوداد" يطالب بدعم المدرب الجديد دوسابر

GMT 13:55 2018 الثلاثاء ,02 تشرين الأول / أكتوبر

لاعب الجيش الملكي محمد كمال يعود بعد تعافيه من الإصابة

GMT 13:14 2018 الجمعة ,04 أيار / مايو

الكلاسيكية والعصرية تحت سقف قصر آدم ليفين

GMT 20:27 2018 الأربعاء ,02 أيار / مايو

اتحاد السلة يقصي الحسيمة والكوكب من كأس العرش

GMT 13:50 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

مطعم مبني على طراز كنسي في اليابان
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib