بعد ثلاثة أشهر من الحجر الصّحي وما واجهها من صعوبات في التّأقلم مع الوضع الجديد، الذي فرضه انتشار "وباء" كورونا في المغرب، أخيراً صارَ بإمكان مصطفى (63 سنة) أن يظفر بقليل من الحرّية في ممارسة مشاغلهِ اليومية، فالفيروس "لم يعد يخيفُ النّاس"، وأصبحَ التّجوّل في الخارج "عادة يومية".
في الشّوارع والمحال التّجارية يشتدّ الزّحام بين المواطنين المغاربة الذين صارَ بإمكانهم اليوم التّجول بحرية، دون الأخذ بعين الاعتبار تدابير الوقاية، التي ما فتئت وزارة الصّحة توصي بها عبر حمالتها الإعلامية والتّواصلية، لاسيما في ظلّ تسجيل إصابات جديدة بالفيروس في صفوف المغاربة.
وفي مدينة طنجة، التي تسجّل هذه الأيام حالات متزايدة من الإصابات بكوفيد 19، سجل عدم احترام غالبية المواطنين إرشادات وزارتي الصّحة والدّاخلية، ورغم أنّ حافلات النّقل الحضري بالمدينة عملت على توزيع منشورات من أجل الالتزام بارتداء الكمامات الوقائية، واحترام مسافة الأمان، إلا أنّ غالبية مرتاديها لم يطبقوا ذلك، وعوضَ أن يلزمَ كلّ واحد مقعده، عمت مظاهر الفوضى والالتصاق الجسدي.
وتؤكد وزارة الصحة على ضرورة احترام تدابير الوقاية من "كوفيد 19" ومواصلة الالتزام بقواعد التباعد الاجتماعي وارتداء الكمامات والحرص على نظافة اليد، غير أنّ هذه الإرشادات لا تجد لها أثرا على مستوى سلوك غالبية المواطنين المغاربة.
تراخ ملحوظ
يشير الحبيب كروم، فاعل نقابي في قطاع الصحة يعمل بالمركز الاستشفائي ابن سينا، إلى أنّ "المغاربة لا يلتزمون بالتباعد الاجتماعي"، مبرزاً أنّ "هذا السلوك لا يمكن تعميمه، فهناك شرائح من المجتمع تلتزم بذلك، وهذا يظهر في المرافق الإدارية والأماكن العمومية".
واعترف الفاعل الحقوقي والنقابي بأنّ "نسبة كبيرة لا تبالي باحترام التباعد الجسدي رغم التحسيس والتوعية التي قامت وتقوم بها وزارة الصحة والسلطات الحكومية"، مرجعاً أسباب ذلك إلى "غياب الوعي والتراخي الملحوظ عند البعض وأسباب أخرى راجعة إلى عوامل اجتماعية".
وأبرز المتحدث أنّ "الأرقام المسجلة والحالات المعلنة بالمغرب يعتبرها البعض دون خطورة لاستقرار عدد الوفيات، والحالات الجديدة المعلنة تكون حاملة للفيروس دون أعراض، كما وقع بمجموعة من الوحدات الإنتاجية والصناعية".
الضّغط على النّظام الصحي
من جانبه يرى الدّكتور مصطفى كرين أنّ "الأمر لا يتعلق بالمراهنة على تخفيض أو تقليص عدد الحالات، وإنما يتعلق بتخفيض الضغط الواقع على النظام الصحي والبنيات الاستشفائية والأطر الطبية".
وأبرز كرين في تصريح أنّ "الفيروس قد يستمر معنا لمدة طويلة، وقد يصبح متوطنا، كما أن الغالبية الساحقة من المرضى لا تظهر عليهم أي أعراض..".
وعند سؤاله عن إستراتيجية الدولة لمواجهة الارتفاع الكبير في عدد الإصابات، خاصة في الجانب المتعلق بالاستشفاء وتكاليفه الباهظة، أكّد الطّبيب أنّ "عدد الحالات المتزايدة لا يشكّل مشكلا في حد ذاته بما أن أكثر من 98% من الحالات لا تشكل أي خطورة على المصابين".
ودعا الطبيب ذاته الحكومة ووزارة الصحة إلى "تبني إستراتيجية جديدة تتمثّل في إخضاع المصابين بالوباء للحجر الصّحي داخلَ بيوتهم تفادياً للتكاليف المرتفعة".
قد يهمك ايضا
تفاصيل تحوُّل آسفي إلى بؤرة وبائية انطلاقًا من معمل لتصبير السمك
تسريبات جديدة تفجّر مفاجأة في قضية اختراق هاتف عمر الراضي
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر