الرباط - المغرب اليوم
لم يمنعهم البرد القارس الذي تعرفه مدينة الدار البيضاء هذه الأيام من الخروج للاحتجاج والاعتصام، أملًا في تحرك ضمير المسؤولين والشفقة عليهم، ومنحهم الحق في السكن بعدما هدمت الجرافات ما كان يعتقد أنها "منازل" تؤويهم من القر والحر، حيث خرجوا منذ أيام ليعتصموا على مستوى عمالة عين السبع الحي المحمدي بالعاصمة الاقتصادية، مطالبين بالتفاتة إنسانية إليهم، بعدما عاشوا لمدة غير هينة من الزمن وسط "كاريان المقاومة"، الذي انطلقت منه شرارة الانتفاضة ضد المستعمر.
اعتصام بـ"الكاريان"
حاملين لافتات، وبرفقتهم أطفالهم، حل "المُقصَون من الاستفادة" ضمن ساكنة "كاريان سنترال"، بالمكان الذي عاشوا به سنوات طويلة، قبل أن يصير اليوم أرضا مستوية، إذ هدمت الجرافات التي حركتها السلطات "برّاكاتهم"، فلم يكن هؤلاء السكان يعتقدون أن حياتهم ستتحول إلى جحيم أكبر من ذاك الذي عاشوه وسط "الكاريان"، بل كانوا يخالون بعد الوعود التي قدمتها السلطات المحلية لهم أن حياتهم ستصير نعيما ينسيهم مرارة ما ذاقوه من ويلات سيدة مقعدة على كرسي أبت إلا أن تشارك في الاعتصام الذي يخوضه آخرون ممن عاشوا بجانبها في هذا "الكاريان"، وكلها أمل أن تلين قلوب المسؤولين بعمالة عين السبع وجهة الدار البيضاء، لوضع حد لمعاناتهم التي استمرت زهاء خمس سنوات.
بجانب هذه السيدة سيدات أخريات كن ينظرن إلى مكان منازلهن التي استوت مع الأرض..بدورهن حضرن هذا الاعتصام، وقررن الاستمرار فيه حتى بزوغ أمل، سواء في الأشهر أو السنوات المقبلة. لا يتمثل حلم هؤلاء النسوة وأفراد عائلاتهن الحاضرين في هذا الاعتصام الذي شرعت فيه الساكنة منذ أيام سوى في التفاتة لهن من لدن الجهات المختصة، حتى ينلن بدورهن تعويضا عن عملية الهدم التي طالت "براريكهن" التي كانت ملاذا لهن، وبها عشن سنين وأنجبن أبناءهن.
اتهامات للسلطات
عزيزة، واحدة من الوجوه البارزة ضمن هذه العائلات المطالبة بالحق في السكن وتعويضها عن عملية الهدم التي طالت "منازلها"، تصر على الحضور في كل شكل احتجاجي، عسى أن تؤول الأمور لصالحها بعد معاناة لمدة خمس سنوات. تؤكد هذه السيدة في حديثها لجريدة هسبريس أن معاناة المعنيين تتفاقم يوما تلو آخر منذ قرار هدم "البراكات" التي كانت تؤويهم، بينما الجهات المختصة غير مكترثة بهم ولا تبالي بوضعهم المزري الذي يعيشونه منذ مارس 2016. وأوضحت المتحدثة نفسها أن طرق مختلف الأبواب، من وزارة الداخلية ووزارة الإسكان،
وكذا جهة الدار البيضاء سطات وغيرها، لم يأتِ بأي نتيجة، الأمر الذي لم يجعل أمام المتضررين سوى الاحتجاج والاعتصام. ورغم المحاولات التي يقوم بها السكان المتضررون، كالتواصل مع مختلف الجهات، غير أنهم لم يتمكنوا إلى حدود اليوم من الحصول على جواب مقنع حول مصيرهم، وهو ما يجعلهم يقررون الاحتجاج بشكل مستمر، طالما أن الأبواب مغلقة في وجههم من لدن السلطات بعمالة عين السبع وكذا من طرف المقاطعة. وتحدثت السيدة عزيزة عن المعاناة الجمة التي يعيشها السكان الذين لم يستفيدوا من التعويض عن عملية الهدم التي تمت في مارس 2016، بل أشارت إلى كون غالبية الأسر تعيش التشرد والضياع، وأوردت أن البعض اضطروا إلى التنقل صوب أسرهم بالعالم القروي.
ولفتت السيدة ذاتها إلى كون السكان لا يطلبون سوى حقهم في السكن أسوة بالأسر التي تم ترحيلها من "كاريان سنترال"، حتى تصير لهم منازل تؤويهم وأسرهم من حالة التيه التي يعيشونها، والتي أرهقتهم وحولت حياتهم إلى جحيم. ويخوض السكان المتضررون منذ مدة طويلة احتجاجات على السلطات بالدار البيضاء، آخرها الوقفة الاحتجاجية التي نظمت أمام مقر ولاية جهة الدار البيضاء سطات، والتي رفعوا فيها شعارات تنشد إيجاد حل لمعاناتهم التي طالت منذ ما يزيد عن خمس سنوات. ويطالب سكان أكبر تجمع صفيحي بالدار البيضاء، غير المستفيدين من السكن، بحق الاستفادة أسوة بآخرين، معتبرين أن مطلبهم هذا قانوني ودستوري، ومشيرين في الوقت نفسه إلى ضرورة إيفاد لجنة مركزية لتقصي الحقائق والوقوف على أسباب عدم استفادتهم من السكن.
قد يهمك ايضا :
مقتضيات جديدة تنظّم إصلاح وتسوية وهدم المباني في المغرب
المغرب في المركز الـ40 ضمن تصنيف أفضل الدول لعام 2020
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر