يعتبر الموقع الجغرافي للأراضي الفلسطينية ذو تأثير مهم على السياحة من حيث كونها منطقة جذب سياحي بحكم الموقع المتميز الذي يعتبر قريبًا من مصادر قدوم السائحين والحجاج، والمتمثل في دول غرب أوروبا وبعض مناطق آسيا وأفريقيا، بالإضافة إلى الموارد السياحية المتنوعة والمميزات التي تمتلكها بخاصةً من المنظور الديني لأتباع الديانات السماوية وما تمثله من مهدٍ للحضارات البشرية.
اقرأ أيضًا:محمود عباس يعلن أن المحكمة الدستورية أصدرت قرارًا بحل المجلس التشريعي
وأدى الاحتلال الإسرائيلي وإجراءاته العنصرية إلى عزوف الملايين من المسلمين والمسيحيين عن زيارة الأماكن المقدسة وخاصةً الحرم القدسي الشريف وكنيستي القيامة والمهد، فاقتصر دور السياحة الدينية في فلسطين على قلة من المسلمين وبعض المسيحيين الذين يتمكنون من الحج إلى المقدسات المسيحية والإسلامية. كما صعدت سلطات الاحتلال من الإجراءات العدوانية والتعقيدات الاستفزازية التي دأبت على اتخاذها ضد المسلمين والمسيحيين من سكان الضفة الغربية وقطاع غزة فحالت بينهم وبين الوصول إلى الأماكن المقدسة.
و تمتاز الأراضي الفلسطينية بالمناخ المتنوع على مدار السنة، بخاصةً بالنسبة للسياح والحجاج القادمين من غرب أوروبا وأميركا الشمالية الذين يستفيدون من اعتدال المناخ صيفًا ودفئه شتاءً.
وتتصدر فلسطين التاريخية عامة والضفة الغربية بخاصة دول العالم من حيث توفر المواقع الأثرية والدينية فيها، كما تتميز عن الأقطار العربية والإسلامية الأخرى بأنها محور اهتمام المسلمين والمسيحيين واليهود من جميع البلدان، ووجهة الحجاج المسيحيين والمسلمين، فهي نداء روحي لبلد يضم أماكن مقدسة لأصحاب الرسالات السماوية الثلاث
وتختزن الأراضي الفلسطينية العديد من المدن والأماكن الدينية المقدسة منها مدينة القدس التي تضم الكثير من الأماكن المقدسة، فقد شهدت هذه المدينة الأحداث الأخيرة من حياة سيدنا عيسى المسيح عليه السلام، وتضم الجسمانية ودرب الآلام وكنيسة القيامة، كما أنها المكان الذي عرج منه الرسول محمد عليه الصلاة والسلام إلى السماوات السبع بعد أن أسري به من مكة المكرمة إلى القدس في رحلة الإسراء والمعراج، وشكلت القدس قبلة المسلمين الأولى، وهي تضم بين جنباتها المسجد الأقصى المبارك وقبة الصخرة المشرفة، ومسجد عمر بن الخطاب رضي الله عنه. وتعتبر وجهة الحجاج المسلمين بعد أداء مناسك الحج حتى انقطعت زيارتهم عنها بعد الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية في العام 1967.
وتعد مدينة بيت لحم ذات أهمية دينية خاصة حيث شهدت مولد سيدنا المسيح عليه السلام، كما توجد بها كنيسة المهد ومغارة الصليب، ويأتي الحجاج المسيحيون إلى هذه الأماكن المقدسة سنويًا وتعرف مدينة الخليل باسم "خليل الرحمن" وهي من الأماكن المقدسة إضافة إلى كونها مدينة تاريخية قديمة حيث يوجد بها المسجد الإبراهيمي الشريف ومغارة المكفيلا التي يعتقد بأنه تم دفن الأنبياء إبراهيم وإسحاق ويعقوب ويوسف عليهم السلام فيها.
وتنتشر في مختلف الأراضي الفلسطينية الكنائس والأديرة القديمة مثل دير قرنطل ودير حجلة ودير مار يوحنا والمغطس في أريحا، وكنيسة القديس بورفيريوس في غزة، وبئر يعقوب في نابلس، وكنيسة مارجرجيس في برقين قرب جنين، وكنيسة الافتقاد في البيرة.
و تضم الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة أيضًا الكثير من المساجد التاريخية وقبور وأضرحة ومقامات الأنبياء والصحابة مثل مقام النبي موسى في أريحا، ومسجد بلال بن رباح بالقرب من بيت لحم ومسجد هاشم في غزة، ومسجد النصر في نابلس الذي يضم أضرحة المجاهدين أثناء الحروب الصليبية، والعديد من المزارات للأولياء الصالحين مثل قبر يوسف ومزار عماد الدين، ورجال العمود في نابلس. كما أن فلسطين تزخر بمعالم أخرى مثل: رامة الخليل، وزاوية الجعبرى، وزاوية أبى بكر الشبلي وبركة السلطان في الخليل، وفي القدس مقبرة باب الرحمة والتربة السعدية وحائط البراق والمدرسة الملكية والمدرسة الحنفية والمدرسة الحكمية ودار السلام القرآنية، وقد ساهم وجود هذه الأماكن في تنشيط حركة السياحة الداخلية والدولية إذ تقام العديد من المواسم والمهرجانات للتذكير بأصحاب هذه المقامات.
و أكدت وزيرة السياحة والآثار الفلسطينية رُلى معايعة على حجم النشاط السياحي الكبير الذي تحظى به فلسطين عامة ومدينة بيت لحم بخاصة، بالإضافة إلى حجم الحجوزات الفندقية والذي يشارف على نسبة 100% في معظم فنادق بيت لحم، مما يؤكّد أن هذا القطاع قادر على النهوض والاستمرار والاستقرار في ظل التغيرات الكبيرة والدقيقة التي تمر بها المنطقة.
وأضافت في مقابلة سابقة مع "المغرب اليوم " أنه على الرغم من العراقيل والظروف المحيطة فإن فلسطين ستحتفل هذا العام بعيد الميلاد المجيد وسترسل رسالة العيد للعالم أجمع رسالة سلام ومحبة فالعيد هو رسالة بقاء ووجود.
وقالت إن الزائر القادم إلى بيت لحم يلاحظ الحركة السياحية النشطة التي تحظى بها مدينة بيت لحم، من جهة وفود سياحية متوجهة لزيارة كنيسة المهد ووفود أخرى متوجهة لمتاجر التحف الشرقية ووفود أخرى متوجة لزيارة حقل الرعاة في مدينة بيت ساحور ووفود أخرى متوجهة لزيارة متاحف بيت لحم، فلا تنفك شوارع المدينة أن تهدئ من حركة الحافلات والمركبات السياحية والوفود السياحية التي تسير على الأقدام وأضافت معايعة عدم الالتفات للإشاعات التي تروجها جهات إسرائيلية هدفها زعزعة النشاط السياحي والحد من القفزات النوعية التي يحققها هذا القطاع بخاصة في أعداد الوفود السياحية وأعداد ليالي المبيت في الفنادق الفلسطينية.
وأكدت معايعة أن فلسطين استقبلت هذا العام أكثر من 2.8 مليون سائح من مختلف دول العالم، وهم شهود على قوة ومتانة وتطور القطاع السياحي، أكثر من 2.8 مليون سائح زار فلسطين واستمتع بزيارة المواقع السياحية الفلسطينية واتطلع على القطاع السياحي الفلسطيني وعاد الى بلادة حاملا صورة جميلة وحقيقة عن فلسطين وعن القطاع السياحي الفلسطيني وتحدثت معايعة عن الوفود السياحية الجديدة التي بدأت تأتي إلى فلسطين نتيجة لانتهاجنا مجموعة جديدة من الأنماط السياحية كسياحة المسارات، حيث تستهدف هذه الأنماط السياحية أنواع جديدة من الفئات العمرية والوفود السياحية لم تكون ضمن الوفود السياحية التقليدية التي تأتي إلى فلسطين ما شكل رافد إضافيًا في تدعيم إعداد الوفود السياحية القادمة إلى فلسطين، علاوة على انتهاج مجموعة من الخطط التسويقية والتي عملت على الترويج للقطاع السياحي الفلسطيني ولبرامجه في مختلف دول العالم مما ساهم في تكثيف أعداد الوفود السياحية التي تأتي ضمن برامج سياحية فلسطينية ومستخدمة للمرافق السياحية الفلسطينية ومشكلة بذلك مصدرًا مهمًا من مصادر الدخل القومي الفلسطيني.
وتواجه السياحة الفلسطينية تحديات مركبة أدت إلى بقاء مساهمة القطاع السياحي في الناتج المحلي الإجمالي متواضعة، رغم أن فلسطين تضم إرثًا دينيًا وحضاريًا وتاريخيًا فريدًا لا مثيل له في أي بقعة جغرافية بالعالم وبحسب تقديرات فلسطينية، فإن إسرائيل تستولي على 90 في المائة من العائدات السياحية، علمًا أن ملايين الزوار يأتون قاصدين معالم دينية وتاريخية فلسطينية و قال رئيس بلدية بيت لحم انطون سلمان إن مدينة بيت لحم أن هناك إقبال كبير على زيارة المدينة من سياح أجانب، وحتى من عرب 48 وهذه رسالة بحد ذاتها الى العالم أن بيت لحم آمنة بفعل العيون الساهرة للمؤسسة الامنية، والمواطن الحريص على إنجاح الاحتفالات والخروج بها بأبهى صورها.
وأشار إلى أن الجانب السياحي شهد هذا العام ارتفاعًا كبيرًا بأعداد السياح، مؤكدًا أن بيت لحم هي مدينة آمنة وأضاف سلمان، أنه رغم صعوبات الاحتلال وما يفرضه على المدينة، من جدار للفصل العنصري وحواجز عسكرية تقطع أوصالها، إلا أن الأمل يعمر قلوب أهالي المدينة وشعبنا، وعليه لا بد للفرح أن يأتي وللضيق أن يزول.
وأشار إلى أن عيد الميلاد هو مناسبة إنسانية واجتماعية ودينية وعالمية، تجدد في نفوسنا البهجة والفرحة والشوق بأمل وإيمان بمستقبل أفضل يسوده العدل والمساواة والمحبة بين شعوب العالم و قال مستشار الرئيس للشؤون المسيحية زياد البندك إن إجراءات الاحتلال المستمرة ليست بجديدة وإن الضوء الأخضر التي حصلت عليه حكومة الاحتلال خاصة بالدعم الأميركي الموجود أصبحت إجراءات الاحتلال كبيرة، والمستوطنون يستمرون في نشاط أوسع في أراضي الضفة الغربية وأوضح البندك أن نسبة الهجرة وخاصة بين المسيحيين زادت كثيرًا في الفترة الأخيرة، مؤكدًا على وجوب أهمية تنفيذ عدد من المشاريع واتّخاذ إجراءات لمواجهة ظاهرة هجرة المسيحيين.
و قال محافظ بيت لحم كامل حميد: إن مهد المسيح شامخ ومتحدٍ لغطرسة المحتل الذي دوما ما يحاول أن يعكر الأجواء من خلال ادعاءاته الكاذبة بشأن الأوضاع العامة، لكننا اليوم نقف أمام مشهد فلسطيني رائع يتمثل بحرص الجميع على المشاركة في إنجاح الاحتفالات وهو ما يظهر جليًا في واقعنا وتقف الدعاية الممنهجة من سلطات الاحتلال على رأس التحديات أمام نمو قطاع السياحة في فلسطين، عبر الاستمرار ببث إشاعات تزعم أن فلسطين مكان غير آمن للزوار الأجانب، ما يجعل ملايين السياح، يأتون إلى المواقع الدينية في الضفة الغربية لساعات ثم يعودون إلى إسرائيل للمبيت في فنادقها.
قد يهمك المزيد:
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر