عاد الهدوء إلى ساحة الحبوبي في الناصرية، الثلاثاء، وفقًا لما أعلنه قائد شرطة ذي قار، مؤكداً أن الوضع بات تحت السيطرة، وذلك بعدما أفاد مصدر أمني بتعرض المتظاهرين في ساحة الاعتصام إلى إطلاق نار، حيث إن أنصار حزب الله العراقي أطلقوا النار على المتظاهرين واعتدوا عليهم، وقاموا بإحراق خيامهم في ساحة الحبوبي بالناصرية.وذكرت مصادر إعلامية أن مشيعين لجثمان رمزي لأبو مهدي المهندس، نائب قائد الحرس الثوري الإيراني الذي قتل الجمعة الماضي بعملية أميركية في بغداد، حاولوا دخول ساحة الحبوبي، منوّهة إلى سماع إطلاق نار من جهة جسر الحضارات، فيما أشار مصدر أمني لوسائل إلام محلية إلى أن "متظاهري ساحة اعتصام الناصرية تعرضوا
جإلى إطلاق نار من جهة جسر الحضارات، ما أدى إلى إصابة 6 منهم بجروح متفرقة، كما أحرقت 5 خيام".
"توتر متزايد بعد جنازة رمزية"
يأتي هذا في وقت يشهد العراق فيه توترا متزايدا بعد أيام على مقتل قائد فيلق القدس قاسم سليماني، ونائب قائد الحرس الثوري الإيراني أبو مهدي المهندس بعملية أميركية استهدفتهما الجمعة الماضي في بغداد، كما قامت عناصر ميليشيا حزب الله العراقي بإطلاق الرصاص الحي، الاثنين، على المتظاهرين، بعد أن رفض المحتجون دخول نعشين رمزيين لأبو مهدي المهندس، نائب رئيس ميليشيا الحشد الشعبي، وقاسم سليماني قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري، في حين رد المتظاهرون بإضرام النار في سيارة تابعة للحزب.
وأقدم المحتجون على حرق مبنى مقر هيئة الحشد الشعبي وسط الناصرية، وسبق ذلك محاولة قيادة شرطة ذي قار تهدئة الموقف، لكن المتظاهرين عادوا بعد ذلك وأحرقوا المقر، وأتت تلك التوترات على خلفية صدام وقع بين المحتجين وعدد من المشيعين الذين أصروا على حمل جثمانين رمزيين لسليماني والمهندس.
ووقعت اشتباكات بين قوات مكافحة الشغب وعدد من المتظاهرين في حي البلدية وسط مدينة كربلاء جنوبي العراق، فيما استخدمت قوات الأمن القنابل المسيلة للدموع لتفريق المحتجين، وتوارت أحداث الاحتجاجات العارمة التي تضرب العراق بشكل مؤقت، بعد العملية الأميركية التي أسفرت عن مقتل سليماني والمهندس ومرافقين لهما، فجر الجمعة، أثناء خروجهم من مطار بغدادوأجبرت المظاهرات التي طالبت بمكافحة الفساد وتحسين مستوى المعيشة ووضع حد للنفوذ الإيراني، رئيس الحكومة العراقي عادل عبد المهدي على تقديم استقالته، فيما فشلت حتى الآن كل مساعي تشكيل حكومة جديدة.
"رسالة الانسحاب" الأميركي
وأعلن رئيس الوزراء العراقي المستقيل عادل عبد المهدي، الثلاثاء، تسلمه رسالة من الأميركيين الإثنين "موقعة" من قائد العمليات العسكرية الأميركية في البلاد، تفيد بـ"إعادة التموضع بهدف الانسحاب من البلاد"، غداة إعلان واشنطن أنها أرسلت من طريق الخطأوأعلنت الولايات المتحدة الإثنين أنّها أبلغت العراق "من طريق الخطأ" أنها تعدّ لسحب قواتها من أراضيه، وفي رسالة رسمية موجّهة إلى قيادة العمليات المشتركة العراقية، قال الجيش الأميركي، "إنّ قوات التحالف التي تقودها واشنطن بصدد اتخاذ إجراءات معينة لضمان الخروج من العراق"، وستنفّذ عمليات "إعادة تمركز خلال الأيام والأسابيع المقبلة".
وأضافت الرسالة الموقّعة من الجنرال وليام سيلي الثالث، قائد قوة المهمات الأميركية في العراق، أن القرار جاء "احتراما لسيادة جمهورية العراق"، مشيرة إلى أنه "ستكون هناك زيادة برحلات الطائرات المروحية داخل وحول المنطقة الخضراء (...) خلال ساعات الليل".
لكنّ رئيس أركان الجيش الأميركي سرعان ما أعلن أنّ الرسالة عبارة عن "مسودة"، وتم إرسالها من طريق الخطأ، وقال الجنرال مارك ميلي، "إنّه خطأ ارتكبه ماكينزي"، في إشارة إلى قائد القيادة الأميركية الوسطى الجنرال فرانك ماكينزي، مشددا على أنّ هذه الرسالة "مسودّة" و"ما كان يجب أن تُرسل"، وأكد عبد المهدي الثلاثاء أنها كانت "رسالة رسمية في السياق الطبيعي (...) ليست ورقة وقعت من الطابعة أو أتت بالصدفة"، وأضاف "قلنا لهم أيضا إن الترجمة العربية تختلف عن الترجمة الإنجليزية، فأرسلوا لنا نسخة عربية أخرى تتطابق ترجمتها مع الإنجليزية".
ونفى وزير الدفاع الأميركي مارك إسبر أن تكون بلاده قد قرّرت إخراج قواتها من العراق، وقال "ليس هناك أيّ قرار على الإطلاق بمغادرة العراق... لم يتّخذ أي قرار بالخروج من العراق. نقطة على السطر".
العراق لن تكون ساحة حرب
وأكد وزير الخارجية العراقي محمد علي الحكيم، أن بلاده لن تسمح بأن تكون ساحة حرب، وشدد الحكيم، بحسب بيان للخارجية العراقية، الثلاثاء، على ضرورة احترام سيادة بلاده، وإيقاف الانتهاكات، وذلك خلال اتصال هاتفي من نظيره الهولندي، ستيف بلوك.
ويشار إلى أن وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) أعلنت فجر الجمعة الماضي تنفيذ ضربة جوية بالقرب من مطار بغداد الدولي، أسفرت عن مقتل قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني، بالإضافة إلى نائب رئيس ميليشيا الحشد الشعبي، أبو مهدي المهندس، وآخرين.
إلى ذلك وجّه العراق شكوى للأمم المتحدة، الأحد، بشأن الغارات الأميركية التي استهدفت مواقع عسكرية على أراضيه، معتبراً أن تلك الغارات "انتهاك خطير" لسيادة البلاد. وأكدت الخارجية العراقية أن بغداد "تطالب مجلس الأمن بإدانة عمليات القصف والاغتيال" التي جرت في بغداد.
وتتهم واشنطن سليماني، الذي كانت تضعه على قائمة الإرهاب لديها، بالمسؤولية عن العديد من الهجمات التي أوقعت قتلى أميركيين والتجهيز لمزيد من تلك العمليات، وتصاعد التوتر بين واشنطن وطهران في أعقاب مقتل سليماني. وتوعد مسؤولون إيرانيون عدة، لا سيما في الحرس الثوري، بالرد على الولايات المتحدة.
انسحابات وإجراءات غربية وسط تصاعد التوتر
ومع تعقد الأوضاع الأمنية في العراق، أعلن حلف شمال الأطلسي "الناتو" وعدد من الدول الأوروبية، سحب قواتهم من العراق بشكل مؤقت، وذلك عقب التهديدات الإيرانية المتصاعدة، ردا على مقتل قائد فيلق القدس الإيراني الجنرال قاسم سليماني بغارة أميركية في بغداد، وكان البرلمان العراقي قد دعا يوم الأحد، القوات الأميركية وغيرها من القوات الأجنبية إلى مغادرة البلاد، بعد مقتل سليماني.
وأعلن الناتو، الثلاثاء، أنه "سيسحب مؤقتا قسما من عناصره في العراق"، بعد تعليق مهمته في تدريب القوات العراقية، وقال مسؤول في الحلف في بيان: "نتخذ كافة الإجراءات الضرورية لحماية موظفينا. ويشمل ذلك إعادة تمركز مؤقت لقسم من موظفينا في مختلف المناطق داخل العراق وخارجة".
وأشار المسؤول في الوقت نفسه إلى أن الحلف "يبقي مع ذلك وجودا في العراق، وفق ما ذكرت وكالة فرانس برس، وأعلن رئيس هيئة الأركان الكندية، أن بعض القوات الكندية المتمركزة في العراق "ستنقل مؤقتا إلى الكويت لأسباب أمنية"، كما سحب الجيش الألماني قسما من جنوده المنتشرين في العراق، لأداء مهمات تدريب، ونقلهم إلى الأردن والكويت "بسبب التوتر في المنطقة".
وذكرت وزارة الدفاع الرومانية أنها "ستعيد تموضع" جنودها الـ14 في العراق "مؤقتا إلى قاعدة أخرى تابعة للحلف"، أما بريطانيا، فقالت على لسان وزير دفاعها بن والاس، إنها ستسحب قواتها من العراق، "إذا طلبت بغداد ذلك"، بحسب وكالة رويترز، وأضاف والاس أن لندن "ترغب في بقاء قواتها في العراق، لكنها ستسحبها إذا طلبت بغداد ذلك"، مضيفا: "نحترم سيادة العراق، وإذا طلبوا منا المغادرة فهذا حقهم وسنحترمه".
التحالف يوقف التدريب
ويذكر أن التحالف الدولي ضد "داعش" جدد تأكيده على تويتر، الاثنين، "إيقاف التدريب مع الشركاء ودعم العمليات ضد داعش بسبب الهجمات الأخيرة على القواعد العسكرية في العراق"، كما أكد أن "نشاطات التحالف الأخرى ضد داعش، بما فيها مكافحة التمويل والحد من الدعاية ومنع حركة "الإرهابيين"، ستستمر بشكل طبيعي".
ألمانيا تستجيب
إلى ذلك أعلن الجيش الألماني، الثلاثاء، سحب جزء من جنوده المنتشرين في العراق لمهمات تدريب، ونقلهم إلى الأردن والكويت، بسبب التوتر في المنطقة، وغادر عناصر الكتيبة الألمانية في بغداد والتاجي شمال العاصمة، ويبلغ عددهم 35 عسكرياً، العراق، بحسب ما أفاد بيان للجيش الألماني أشار إلى "الوضع الأمني في العراق" وقرار البرلمان العراقي الأخير الذي يطلب مغادرة قوات التحالف الدولي البلاد.
وأكد الجيش الألماني أن "أمن عسكريينا هو أولويتنا القصوى"، ونقل العسكريون الألمان الثلاثة الذين كانوا في بغداد إلى الكويت، فيما جرى نقل 32 عسكرياً ألمانياً كانوا في التاجي إلى قاعدة عسكرية ألمانية في الأزرق في الأردن خلال الليل.
تواجد فرنسي
وعلى النقيض، قال مصدر حكومي فرنسي لم يشأ كشف هويته، "إن بلاده "لا تعتزم" سحب جنودها المنتشرين حاليا في العراق لتنفيذ مهمات تدريب"، وتنشر فرنسا، العضو في التحالف الدولي ضد تنظيم داعش، نحو 200 عسكري في العراق، بينهم 160 يتولون تدريب الجيش العراقي، وفق هيئة الأركان.
وكتبت وزيرة الجيوش الفرنسية فلورانس بارلي على "تويتر"، "بعد الأحداث التي وقعت في بغداد، عززنا منذ الجمعة الفائت مستوى حماية عسكريينا الفرنسيين المنتشرين في العراق. تم القيام بكل شيء لضمان أمنهم"، وأضافت، "الأولوية اليوم هي كما كانت بالأمس، وينبغي أن تكون أولوية الغد: مكافحة داعش. إن تهدئة التوترات في العراق والمنطقة أمر لا غنى عنه. يجب أن يتمكن التحالف الدولي ضد داعش من مواصلة مهمته".
قد يهمك ايضا
كندا تقدم دعما عسكريا للمناطق التي دمرها إعصار دوريان
كندا تقدم 20 مليون دولار لدعم النساء والفتيات في مالي
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر