الدارالبيضاء ـ حاتم قسيمي
قرّر وزير العدل والحريات المغربي مصطفى الرميد فتح تحقيق في شأن التسجيلات الصوتية، التي كشفت عن اختلالات وتلاعبات تشوب الصفقات العمومية، ومباريات التوظيف لدى وزارة العدل.وأوضحت وزارة العدل، في بيان لها، أنّه "تقرّر تكوين لجنة للبحث والتحري في صحة تلك الاتهامات، يترأسها المفتش العام لدى الوزارة"، مؤكّدة أنَّ "الإجراءات القانونية اللازمة ستتخذ على ضوء تقرير هذه اللجنة، وسيتم إطلاع الرأي العام بنتائجها".وأشارت الوزارة إلى أنَّ "التحقيق سيشمل أيضًا ما ورد من اتهامات بالانتقام من الموظف الذي قام بتسريب التسجيلات، عبر نقله تعسفًا إلى خارج الرباط".وكانت تسريبات لتسجيلات صوتيّة قد كشفت عن حجم الاختلالات والتلاعبات التي تشوب الصفقات العمومية، ومباريات التوظيف لدى وزارة العدل، فيما أكّدت مصادر من الوزارة أنَّ وزير العدل والحريات تلقى شكاوى عدّة من موظفين في وزارته، تكشف بعض هذه الاختلالات، دون أن يفتح تحقيقًا بشأنها.
وتتضمن التسجيلات الصوتية، والتي هي عبارة عن مكالمات هاتفية سجلها أحد الموظفين الذي تم إبعاده من وزارة العدل، ونقله إلى مدينة خارج الرباط، تفاصيل التلاعب بالصفقات، وتورط مسؤولين على المستوى المركزي والجهوي، في نهب وسرقة تجهيزات من إحدى المديريات الفرعية للتجهيز والممتلكات التابعة للوزارة في مدينة القنيطرة.وفي مكالمة أخرى، بين الموظف ومسؤول في مصلحة تابعة لمديرية التجهيز والممتلكات، بشأن الفساد والاختلالات التي شابت صفقة بناء المقر الجديد للمحكمة الابتداية في مدينة ابن جرير، وهو المشروع الذي انطلق منذ 2008، وكان من المفروض أن يكتمل في ظرف 18 شهرًا، لكنه ظلَّ متوقفًا لأكثر من 3 أعوام، يحكي مهندس في القطاع الخاص في التسجيل صوتي، كيف منح رشوة لأحد المسؤولين المركزيين في الوزارة، بقيمة 8 آلاف درهم، بغية التستر على التلاعبات التقنية التي شابت المشروع، وعدم احترام دفتر التحملات، والتلاعب في نوعية الرخام المستعمل، فضلاً عن إبعاد مكتب الدراسات الذي أشرف على المشروع.
وكشف تسجيل صوتي آخر، أجراه الموظف مع عضو في لجنة انتقاء ودراسة ملفات المرشحين لمباراة توظيف مهندسين في مديرية التجهيز وتدبير الممتلكات، وتدخل مديرين مركزيين، لصالح مرشحة محظوظة، تمَّ تعيينها دون احترام الضوابط القانونية.وأوضح مصدر من الوزارة أنّه في "31 كانون الأول/ديسمبر 2010، جرت مباراة لتوظيف مهندسين ومهندسين معماريين لدى وزارة العدل، التحق منهم 12 مهندسًا ومهندسة، في 1 شباط/فبراير 2011، من بينهم مهندسة معمارية كانت في تلك الفترة حامل في شهرها السابع، وفي يوم 12 نيسان/أبريل 2011، غادرت العمل، بعد حصولها على رخصة الولادة، قبل ترسيمها للعمل بالوزارة، وعادت لاستئناف العمل في منتصف تموز/يوليو 2011، حيث تم تعيينها مباشرة في منصب مكلفة بالدراسات المرتبطة بالبنايات، علمًا أنها مصلحة، ويتطلب أن يشرف عليها رئيس مصلحة، طبقًا لمقتضيات المرسوم الصادر في تشرين الأول/أكتوبر 2011، وبما أنها لم تكن مرسمة بعد، ولا تتوفر فيها الشروط المنصوص عليها في المرسوم المذكور، لاسيما شرط الأقدميّة لثلاثة أعوام، بقيت في هذا في المنصب حتى تستوفي الشروط وتعيّن رسميًا".
ولفت مسؤول في المديرية، في تسجيل صوتي، إلى أنَّ "المهندسة المذكورة حصلت على الوظيفة بالوزارة بتدخل من طرف مديرين مركزيين، بعد مطالبتهما أعضاء اللجنة بانتقائها، وضمان نجاحها، لكونها ابنة مسؤول قضائي كبير، وتعيينها في المصلحة السالفة الذكر، على الرغم من أنَّ مهندسًا معماريًا آخر ترشح لمنصب رئيس المصلحة ذاتها، في 6 أيلول/سبتمبر 2013، وتتوفر فيه كل الشروط، إلا أنه تلقى إنذارات واستفسارات من طرف المدير المركزي، وبعد إعلان النتائج فوجئ بعدم انتقائه، وبعدها مباشرة تعرض للانتقام، عبر النقل التعسفي إلى المديرية الفرعية، لدى محكمة الاستئناف في الرباط".
وأضاف "في يوم 1 شباط/فبراير الماضي، استوفت المهندسة المرشحة الشروط المنصوص عليها في المرسوم، وتمَّ الإعلان عن مباراة الترشح للمنصب، للمرة الثانية، وتمَّ تعيينها في منصب رئيس المصلحة، وهو المنصب الذي قضت فيه ثلاثة أعوام بالنيابة، وكأنَّ الوزارة لم تجد أيّ مهندس تتوفر فيه الشروط المطلوبة"، حسب وصف المشتكي.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر