تشير المؤشرات الأولية في تصويت اليونان ضد أحدث حزمة إنقاذ أوروبية، إلى أن مستقبل مركز البلاد في منطقة "اليورو" يغرق في مزيد من الشك.
وتقدم المصوتون بـ "لا" الحملة بفارق 22 نقطة، بنسبة 61%، تاركين البلاد تترنح على حافة الخروج المحتمل من منطقة "اليورو"، حيث توقعت ستة استطلاعات للرأي صدرت بعد لحظات من التصويت انتصارًا لحملة "لا".
ودعت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، في غضون دقائق من إغلاق مراكز الاقتراع، إلى اجتماع طارئ لإيجاد حل لليونان، ومع الإعلان الوشيك للنتيجة النهائية، اجتاح الناخبون مكافحو التقشف الشوارع للاحتفال والغناء وهم يلوحون بالأعلام اليونانية.
وتلتقي المستشارة ميركل مع الرئيس هولاند، بعد ظهر الاثنين لمناقشة مستقبل اليونان، بحضور كبار المسؤولين في منطقة "اليورو"، حيث وصف النواب الألمان تلك النتيجة بـ "الكارثة".
ويؤدي رفض القادة الأوروبيون التراجع عن مقترحات الشؤون المالية في اليونان، إلى توقيف البنك المركزي الأوروبي دعمه للدول المثقلة بالديون، وربما تجبر على الخروج من منطقة "اليورو".
وأوضح حزب "سيريزا" اليساري اليوناني، الذي يترأسه رئيس الوزراء الكسيس تسيبراس، أن الشعب اليوناني أثبت أنه يريد البقاء في أوروبا كعضو وليس باعتباره مستعمرة الديون.
وأفاد متحدث باسم الحكومة أن لديه تفويضًا واضحًا لوضع شروط خطة الإنقاذ بشكل أقل صرامة بعدما دعم الناخبون بأغلبية ساحقة رفضهم لمزيد من التقشف.
وغرد وزير الدفاع اليوناني بيتر كامينوس، "لقد أثبت الشعب اليوناني أنه لن يخضع للابتزاز، ولن يتم إرهابه، ولن يتعرض للتهديد، وقد فازت الديمقراطية".
وفي الوقت نفسه، ذكر مساعد الرئيس تسيبراس، نيكوس بابوس، أنه سيتم التوصل إلى اتفاق مع الدائنين بحلول 20 تموز / يوليو، وهو اليوم المقترح لسداد 305 مليار يورو إلى البنك المركزي الأوروبي.
ويستعد السياسيون للسفر إلى بروكسل الاثنين بعد أن هدد زعماء الاتحاد الأوروبي بسحب "اليورو" في حال التصويت بـ "لا".
ومن المتوقع أن يعقد رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، محادثات الأزمة مع محافظ بنك انجلترا المركزي مارك كارني، الاثنين لمناقشة تأثير النتيجة على الاقتصاد البريطاني، وأفاد أنه من المرجح أن يعقد المزيد من الاجتماعات الطارئة مع الاتحاد الأوروبي الثلاثاء.
وأوضح زعيم حزب "الاستقلال" نايغل فراج: "إذا كانت أرقام الاستطلاع صحيحة، فأنا أثني على الشعب اليوناني لتفهمهم لخدعة للاتحاد الأوروبي".
وأضاف "إن مشروع الاتحاد الأوروبي يموت الآن، إنه أمر رائع لرؤية شجاعة الشعب اليوناني في مواجهة البلطجة السياسية والاقتصادية من بروكسل".
وأكد المحافظ الألماني مايكل فوكس، أنه يأسف لتلك النتيجة، معبرًا " لقد تسبب تسيبراس بكارثة ويجب أن نرى كيف سيصلحها، لا توجد فرصة بأن يوجد حل في غضون 48 ساعة".
وفي الوقت نفسه كانت بلجيكا أول دول منطقة "اليورو" للرد على النتيجة، وأفاد وزير المالية في البلاد يوهان فان أوفرديفيلت، أن محادثات التوصل إلى اتفاق قد تستأنف في غضون ساعات.
وصرّح وزير الخارجية الايطالي باولو جينتيلوني، "الآن هو الوقت المناسب للبدء في محاولة التوصل إلى اتفاق جديد، ولكن ليس هناك مفر من المتاهة اليونانية مع أوروبا الضعيفة".
ويأتي إغلاق صناديق الاقتراع وسط مخاوف متزايدة من أن يكون بنك اليونان على شفا الانهيار، وتم الإعلان عن خطط لعقد اجتماع في اللحظة الأخيرة بين وزير المالية في البلاد والبنك المركزي الأوروبي وبنك اليونان قبل ساعتين فقط من انتهاء التصويت.
ويعتقد أن ما يقرب من عشرة ملايين شخص خرجوا للتصويت حول ما إذا كانت اليونان يجب أن تقبل أحدث حزمة إنقاذ في أوروبا وإدخال تدابير التقشف الأكثر صرامة.
وأكد وزير الداخلية نيكوس فوتسيس، أن أكثر من نصف الناخبين اليونانيين صوتوا، ودعا رئيس الوزراء الكسيس تسيبراس، إلى استفتاء مفاجئ في 26 حزيران / يونيو الماضي قبل أيام من فشل البلاد من سداد ديونها لصندوق النقد الدولي.
وكان من المقرر أن يدفع 1.1 مليار جنيه إسترليني بحلول الساعة 11:00 الثلاثاء الماضي، بعد مفاوضات بين الحكومة والدائنين، الذين كانوا يسألون عن الإصلاحات في مقابل تمديد صفقة إنقاذ البلاد، التي انهارت.
وبعد الإدلاء بصوته الأحد أفاد تسيبراس، أنه تم اختبار بلاده المثقلة بالديون للبت في مصيرها الخاص بشأن منطقة "اليورو"، وتابع: "لا أحد يستطيع تجاهل إرادة الشعب في العيش، وأن يحدد مصيره بيده".
وأضاف: "أنا على يقين أن غدا سنكون قد كسرنا المسار لجميع الشعوب في أوروبا، مسار العودة إلى القيم المؤسسة للديمقراطية والتضامن في أوروبا، وإرسال رسالة قوية، وليس فقط للبقاء ولكن أيضا للعيش بكرامة في أوروبا".
وأردف "لذلك دعونا إلى هذا العمل بإرادة قوية، وهذا حدث احتفالي ديمقراطي من أجل مستقبل أفضل لنا جميعا، سواء في اليونان وأوروبا، أنا متفائل جدا". ومن جانبه وأثناء الإدلاء بصوته أوضح وزير المالية اليوناني يانيس فاروفاكيس، أن الاستفتاء يعطي الأمل لأوروبا أن العملة الموحدة والديمقراطية يمكن أن تتعايشا، مضيفًا أنه يعتقد أنه يمكن التوصل إلى اتفاق خلال 24 ساعة في حال التصويت ب"لا".
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر