الرباط - المغرب اليوم
تعتبر منطقة أزرو، التابعة إداريا لإقليم إفران، من المناطق المغربية ذات التنوع البيئي الغني، سواء على المستوى المناخي أو النباتي أو الحيواني، كما أن المؤهلات الطبيعية التي تزخر بها، خاصة الغابة الواقعة بمدخل مدينة أزرو من جهة إقليم ميدلت، تجعلها قبلة سياحية إيكولوجية بامتياز. وتتوفر مدينة أزور ونواحيها على مقومات سياحية إيكولوجية، نظرا لما تضمه من غابات ومنتزهات شاسعة وبعض البحيرات، خاصة غابتها المعروفة عالميا التي تحوي أكبر عدد من أشجار الأرز المصنف من طرف اليونسكو تراثا عالميا. ويزور منطقة أزرو، خصوصا غاباتها، عدد من السياح الأجانب والمغاربة عشاق البيئة وهواة السياحة الإيكولوجية والتجول مشيا على الأقدام، فضلا عن عشاق السياحة العلمية والمعرفية والسياحة المقترنة بالمغامرات، وفق إفادة بعض المرشدين السياحيين من أبناء المنطقة.
ويجمع العرض السياحي في هذه المنطقة الواقعة بجبال الأطلس بين المناظر الخلابة المتنوعة والغطاء النباتي والغابوي المميز والثراء الحيواني بأصناف متنوعة، بالإضافة إلى الثروة المائية وجمالية التضاريس المشكلة لمجالها. وفي تصريحات متطابقة لهسبريس، شدد عدد من أبناء مدينة أزرو على أن امتزاج الموروث الطبيعي في المنطقة بالمكون الإنساني وتجليات العمق الثقافي والتاريخي للساكنة، يظهر حاجة المنطقة إلى مقاربة مستدامة تنشد تنمية محلية قوامها السياحة وهدفها الإنسان.
السياحة الإيكولوجية
وكشف عدد من الجمعويين، في تصريحات لهسبريس، أن السياحة الإيكولوجية تعتبر ركيزة أساسية لتحريك الاقتصاد المحلي بمنطقة أزرو والنواحي، خاصة أن المنطقة تتوفر على مقومات مهمة في هذا المجال، حيث يشكل المورد المجالي والخصوصيات الترابية مع الإنسان، سواء كان سائحا أو فاعلا، واعتباراته السوسيو-ثقافية والاقتصادية، العناصر الجوهرية لثالوث الاستدامة. وفي هذا الإطار، قال بدر الدين صالح، فاعل جمعوي بمدينة أزرو، إن المنطقة تعتبر وجهة مثالية لاستكشاف جمالية المغرب من قلب غابات الأطلس، والاطلاع على عراقة المملكة المغربية وغناها التاريخي والثقافي، مستدركا: “لكن في السنتين الأخيرتين، عرفت المنطقة، على غرار باقي مناطق المملكة والعالم بصفة عامة، ركودا سياحيا بسبب جائحة كورونا”.
ودعا المجمعوي ذاته، في تصريح لهسبريس، المسؤولين بالمنطقة إلى تطوير المنتوج والعرض السياحي لجعل المنطقة خاصة، والمغرب عموما، وجهة سياحية عالمية مرجعية في مجال التنمية المستدامة، مشيرا إلى أن السياحة الإيكولوجية هي مستقبل العديد من الدول، ليس فقط في إفريقيا بل وفي أوروبا وآسيا. وأوضح المتحدث أن مقومات السياحة الإيكولوجية بالمغرب عديدة وكثيرة يجب التعريف بها عبر وسائل الإعلام والإشهار ليعلم عشاق هذه السياحة ما يزخر به المغرب من شماله إلى جنوبه ومن غربه إلى شرقه، موردا أن “كل من زار غابة أزرو لوحدها يكتشف أن المغرب الذي يراه في الشاشات ليس هو المغرب الذي يشاهده عن قرب”.
ركود سياحي
لم يخف عدد من زوار وسكان مدينة أزرو، خاصة أصحاب الخيول والأكشاك التجارية الواقعة بكل من غابة أزرو وغابة أرز كورو، أن جائحة كورونا أدخلت المنطقة كلها في أزمة شاملة غير مسبوقة ضربت جميع القطاعات، أساسا القطاع السياحي والمجالات المرتبطة به، ما أثر سلبا على العاملين بها. وفي هذا الإطار، قالت السعيدة محب، من ساكنة مدينة أزرو، إن المنطقة كانت تشهد إقبالا كبيرا من الزوار المغاربة والأجانب، وكانت قبلة سياحية بالنسبة إليهم لما تتوفر عليه من غابات وبحيرات، ومواقع أثرية وتاريخية تقربهم من حقب تاريخية ماضية.
“الجائحة العالمية تسببت في ركود سياحي واقتصادي، ما دفع بالعديد من العاملين في القطاعات المتضررة إلى امتهان مهن أخرى لكسب قوتهم اليومي”، تقول المتحدثة ذاتها موضحة أن “العديد من العائلات تكسب قوت يومها من عائدات السياحة، من خلال كراء الخيول للسياح للقيام بجولات على ظهورها في الغابة والتقاط الصور، وبيع الأحجار والمنقوشات بالأكشاك المتواجدة في الغابة”. في السياق ذاته، كشف مصدر من السلطة المحلية بمدينة أزرو أن الركود لم يشمل فقط القطاع السياحي، بل كل القطاعات التي لها علاقة مباشرة بالسياحة، من كراء الخيول والأكشاك والإرشاد السياحي، والتجارة بصفة عامة، موضحا أن “المنطقة تنتظر تخفيف القيود من أجل استعادة نشاطها السابق والعودة إلى الحياة الطبيعة بعد سنتين من الركود والعطالة”.
وأضاف أن “الوضعية التي يتخبط فيها القطاع السياحي والعاملون في المجال كانت موضوع مراسلات عدة من طرف السلطات المحلية والإقليمية إلى الجهات المختصة من أجل التدخل وإيجاد حلول ناجعة”، موردا أن “الجميع يعاني، سواء من المواطنين والمهنيين أو حتى المسؤولين على مختلف رتبهم”.
خيول وطعام للقردة
بمجرد دخولك إحدى غابات أزرو المتعددة، خاصة المناطق التي يتوقف فيها المواطنون لالتقاط الصور مع القردة وركوب الخيول، يستقبلك عدد من الأشخاص يريدون خدمتك، سواء ركوب الخيل والقيام بجولة في الغابة أو تقديم طعام خاص بالقردة لتستطيع أخذ صور معها في راحة تامة ودون مشاكل. وبين بيع طعام القردة وكراء الخيول، علامات الفقر بادية على هؤلاء المواطنين وهم يحاولون تقديم هذه الخدمات للزوار المغاربة والأجانب، ما يجعل هؤلاء يشفقون على حالهم ويقدمون لهم مساعدات مادية لإعانتهم على تكاليف الحياة اليومية.
وفي هذا الإطار، قال داود بنعيسى، واحد من ممتهني كراء الخيول بغابة أزرو، إن “الحالة المادية لكثير من مزاولي كراء الخيول تدهورت خلال السنتين الأخيرتين بسبب هذا الفيروس اللعين”، موضحا أنهم كانوا في السنوات الماضية يجنون أموالا من هذه المهنة تعينهم على إعالة أسرهم. وأضاف بنعيسى أن “كثيرا من الزوار اليوم يشفقون على حالنا ويمنحوننا صدقات نعيل بها أسرنا”، مضيفا: “أملنا أن يرفع الله عنا هذا الوباء وتعود الحياة إلى طبيعتها بعد سنتين من الفقر المدقع، فبيع طعام القردة وكراء الخيول مهنة أصبحت غير قادرة على توفير لقمة العيش لمزاوليها”.
قد يهمك أيضاً :
مواطنون مغاربة يشيدون بكفاءة قائدة منطقة أزرو
غابة أزرو تُعد مزار سياحي داخل مدينة أزرو في إقليم إفران
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر