بعد أكثر من عام ونصف على السكون والركود المترتب عن التداعيات الناتجة عن فيروس كورونا، عادت عجلة الحياة للدوران مجددا في ساحة جامع الفنا القلب النابض لمدينة مراكش، جنوبي المغرب.
وبدت مظاهر التعافي خلال الأيام القليلة الماضية واضحة، وعاد أصحاب المطاعم والمحلات التجارية بالساحة الذائعة الصيت عالميا، لاستئناف نشاطهم بالتزامن مع توافد زوار من أبناء المدينة وآخرين من السياح الداخليين إلى جانب مغاربة مقيمين خارج المملكة.
ويراهن العاملون في القطاع السياحي بمراكش على غرار باقي المدن السياحية الأخرى في المغرب، على عودة مغاربة العالم إلى أرض الوطن، من أجل إنعاش هذا القطاع الحيوي خلال عطلة الصيف.
وقرر المغرب قبل حوالي ثلاث أسابيع فتح مجاله الجوي أمام مواطنيه في الخارج والسياح الأجانب وفق شروط محددة، وقدم إلى المملكة منذ استئناف أولى الرحلات الجوية الدولية خلال الأسبوع الأول فقط، أكثر من 195 ألف مسافر عبر مختلف المطارات المغربية.
وتكبد قطاع السياحة في المملكة خسائر قدرت بمليارات الدولارات، وتراجعت مداخيل القطاع بنسبة تفوق 69 في المئة، خلال النصف الأول من سنة 2021.
إقبال ملحوظ
وعانى أرباب المحلات التجارية في أشهر ساحة في المغرب "جامع الفنا" لشهور طويلة من أزمة حادة وغير مسبوقة بسبب الأزمة الصحية الناتجة عن فيروس كورونا وما تمخض عنها من إجراءات صارمة تسببت في تعطيل الحياة الطبيعية، والتي بدأت تدب من جديد في هذه الساحة المدرجة في قائمة التراث العالمي للإنسانية، بعد تخفيف المغرب للإجراءات الاحترازية المتخذة لمواجهة الوباء في ظل تحسن الوضعية الوبائية، وتزايد عدد المستفيدين من عملية التطعيم.
وفي جولة لموقع "سكاي نيوز عربية" في ساحة جامع الفنا وداخل الأسواق المحيطة بها، بدت الحياة تسترجع عافيتها مجددا، وعاد المواطنون والزوار لارتياد المقاهي والمطاعم الشعبية، وزاد الإقبال على ما تعرضه المحلات من منتوجات للصناعات التقليدية، بالرغم من تواصل غياب أصحاب بعض المهن مثل الحكواتي والموسيقيين ومروضي الأفاعي.
وتحدثت سلوى القادمة من باريس إلى مراكش، لموقع "سكاي نيوز عربية" قائلة: "لا يمكنك زيارة مدينة مراكش دون المرور عبر ساحة جامع الفنا، إنه مكان بسيط، لكنه غني بالتراث، ويبقى راسخا في المخيلة ومرتبطا بالسفر وبالذكريات الجميلة".
وأضافت المهاجرة المغربية المقيمة بفرنسا: "يصعب عليّ التعبير عن حجم سعادتي بالعودة لزيارة هذا المكان الغالي على قلبي من جديد، بعد كل هذا الغياب الطويل الذي فرضته الظروف التي يعلمها الجميع ونحن في بلد المهجر".
أما إسماعيل الذي قدم من مدينة الدار البيضاء رفقة أصدقائه، في زيارة لمراكش، فقد أبدى فرحته لرؤية هذا الفضاء السياحي الأشهر على صعيد المملكة يستعيد عافيته بعودة الحركة واستئناف معظم المحلات لأنشطتها، غير أنه عبّر عن أسفه الشديد لاستمرار توقف رواد "الحلقة" عن تقديم العروض لزوار الساحة، حيث أكد إسماعيل على أن الحكواتيين كانوا يضفون سحرا خاص على هذه الساحة التاريخية.
وبيّن إساعيل: "لقد كان منظر الساحة يحز في النفس قبل أشهر وكانت صور ساحة جامع الفنا المنتشرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي وهي خاوية على عروشها تدمي القلب، لما ألت إليه من وضع بسبب الركود الذي أصابها، بعدما كانت تعج بالسياح من مختلف بقاع العالم، غير أن الوضع يبدو قد تحسن كثيرا، أتمنى صادقا ألا تتكرر مرة أخرى تلك الصور المؤلمة".
تخفيف حدة الأزمة
يعتبر عدد من العاملين في الساحة أن تخفيف المغرب القيود المرتبطة بمواجهة جائحة "كوفيد 19"، قد ساهم في إخراج الساحة من حالة الركود الذي كانت تعاني منها لشهور طويلة.
وحول ذلك، يقول رئيس جمعية تجار وحرفي سوق الجديد بساحة جامع الفنا، عبد الحق بن الخدير، إن عودة النشاط في الساحة التاريخية يقدر بنسبة 40 في المئة مقارنة مع سنة 2019، بفضل الرواج المسجل خلال الفترة الأخيرة.
وأشار بن الخدير إلى أن توافد السياح من الداخل أو المغاربة القاطنين في الخارج، على الساحة، قد ساهم بشكل كبير في إنعاش الحركة التجارية وإحياء معظم الأنشطة والخدمات التي كانت تقدم سابقا لزوار هذا الفضاء السياحي وسط المدينة الحمراء.
ولفت إلى أن الاقبال على الساحة يزداد خصوصا خلال فترة نهاية الأسبوع مقارنة مع باقي الأيام الاخرى، متوقعا أن تنتعش الحركة السياحية بشكل أكبر خلال الفترة المقبلة، باستئناف الحكواتيين ومروضي الأفاعي لأنشطتهم.
ومن جانبه أكد عبد الجليل بن يحيى، الكاتب العام بجمعية مستقبل ساحة "جامع الفنا" للفواكه والمشروبات، أن تقليص مدة سريان حظر التجول وتمديد ساعات التجول إلى غاية الحادية عشر ليلا، قد ساهم في عودة الحركة إلى الساحة وإنعاش التجارة بعد الأزمة الخانقة التي مرّ بها التجار لشهور عديدة جراء الإغلاق الشامل وتقيد حركة التنقل بين المدن وإغلاق الحدود الجوية.
وإلى جانب تقليص سريان حظر التجول بالمملكة، شدد عبد الجليل على أن عودة مغاربة العالم لقضاء العطلة الصيفية في أرض الوطن كان له انعكاس إيجابي على السياحة في مدينة مراكش وساعد على نفض غبار الركود عن ساحة جامع الفنا.
قد يهمك ايضأ:
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر