شكلت منطقة تافراوت على مدى سنوات طويلة واحدة من أكبر الوجهات السياحية في جهة سوس، نظير ما تتميز بها تافراوت المدينة والجماعات المحيطة بها من مزارات ومناظر طبيعية وجو متميز، كعوامل حولتها إلى منطقة جذب سياحي تستقطب عددا هاما من الزوار المغاربة والأجانب.
وعلى مدار السنة، كانت تافراوت تعج بمئات السياح من مختلف الجنسيات، وهو ما ينتج رواجا محليا كبيرا تمتلئ معه الفنادق عن آخرها، ولا تكاد المطاعم تتوقف عن خدمة الزوار، كما تنتعش محلات الصناعة التقليدية والمحلات التجارية وغيرها من الخدمات.طبعا هذه الوضعية المتميزة كانت قبل سنة 2020، وبالضبط قبل جائحة كورونا التي أرخت بظلالها على عدة قطاعات حيوية بالمغرب كغيره من البلدان؛ أما اليوم فالزائر لتافراوت يمكن أن يلحظ الركود السياحي لهذه المنطقة وما سببه من تبعات وخيمة دفعت العديد من الوحدات الفندقية إلى الإغلاق.
تأثير كارثي للأزمة
ياسر شهمات، مدير أكبر وحدة فندقية مصنفة بتافراوت ورئيس جمعية التنمية السياحية، قال إن “القطاع السياحي عرف أزمة خانقة بسبب جائحة كورونا التي اجتاحت العالم بأسره، والمغرب لم يكن استثناء؛ إذ تضررت معظم القطاعات، ومنها قطاع السياحة الذي يعتبر المتضرر الأول بحكم ارتباطه بالسياح، خصوصا الأجانب”.
وأوضح شهمات، في تصريح أن “تافراوت على غرار باقي مناطق المغرب باعتبارها وجهة سياحية بامتياز، يعتمد اقتصادها المحلي على القطاع السياحي، فإن تأثير الأزمة عليها كان كبيرا وكارثيا”.
وأضاف المتحدث ذاته أن الأزمة الخانقة التي يعانيها القطاع السياحي بمنطقة تافراوت دفعت العديد من المؤسسات الفندقية إلى إغلاق أبوابها دون رجعة إلى حدود اليوم، في وقت تكابد فنادق أخرى من أجل البقاء، متحملة بذلك أجور المستخدمين وبقية المصاريف الثقيلة التي لم تفكر الحكومة السابقة في حجمها قبل اتخاذ قرار وقف الدعم المخصص لهذا الغرض.وأشار رئيس جمعية التنمية السياحية بتافراوت إلى أن “شهر غشت الماضي عرف انفراجا بسيطا، غير أنه لم يدم طويلا بسبب الإجراءات المفاجئة التي تصدرها الحكومة بين الفينة والأخرى، وهو ما عرفه شهر أكتوبر الجاري الذي سجل بعض الحجوزات بالوحدات الفندقية المحلية، قبل أن نفاجأ بإلغائها بعد قرار تعليق الرحلات القادمة من ألمانيا وهولندا والمملكة المتحدة”.
ضرورة دعم الحكومة
“نتفهم أن الصحة العامة وسلامة بلدنا ومواطنيه أهم وأولى، إلا أن ما يعاب على الحكومة هو عدم اعتماد حلول موازية لقراراتها المتخذة قصد المساهمة في تخفيف الأضرار الوخيمة التي لحقت مهنيي القطاع، وإيجاد حلول استثنائية للمؤسسات الفندقية، خاصة منها التي لم تتمكن إلى حدود الساعة من فتح أبوابها منذ الإغلاق الذي لجأت إليه مجبرة، وهنا بتافراوت عدد كبير منها”، يتابع المتحدث ذاته.
كما شدد ياسر شهمات على ضرورة تدخل الوزارة والفاعلين الترابيين، خصوصا على مستوى الجهة، لوضع مخطط للنهوض بالقطاع السياحي بتافراوت، لتدارك ما فات، وكذا إعادة النظر في طريقة تنمية السياحة عبر تشجيع السياحة الداخلية من خلال برامج متكاملة تجمع كافة المتدخلين.وختم شهمات تصريحه لهسبريس بالقول: “نستبشر خيرا في الحكومة الجديدة أن تعمل على تنزيل إجراءات قادرة على إنقاذ السياحة بمنطقة تافراوت؛ على أن يكون من بينها قريبا الرفع من عدد الرحلات المخصصة لمطار أكادير، باعتباره النقطة القريبة لنا في جهة سوس”.
شلل تام للقطاع
“كنا في مثل هذا الوقت من السنة قبل الوباء كمرشدين سياحيين نستقبل الموسم الجديد بأمل كبير، لأننا نعيش على وقع طلبات كثيرة لرحلات تمتد إلى بداية صيف السنة المقبلة”، يقول رشيد أوبيه، المرشد السياحي بتافراوت.
وأضاف المتحدث ذاته في تصريح لهسبريس: “ينشط بتافراوت عشرات المرشدين الرسميين الذين يؤطرون الرحلات، خصوصا المشي الجبلي وتسلق القمم الجبلية وسبر أعماق الواحات والدواوير البعيدة، غير أن كل هذه الأنشطة توقفت تماماً منذ مارس 2020، وإلى اليوم مازال الوضع على حاله تقريباً”.وأوضح أوبيه، وهو يصف الوضعية الكارثية للقطاع السياحي بتافراوت، أن “الكثير من الفنادق أوصدت أبوابها تماما، وبعضها قدمت عروضاً غير مسبوقة للسياح المغاربة”، وزاد: “كما أن السوق تأثر بشكل كبير بغياب السياح الأجانب، والكل يراهن على عودة النشاط السياحي لتجاوز الخسارة وتسديد الديون، أما بالنسبة لنا كمرشدين سياحيين فلم يجد الكثير منا بدا من البحث عن عمل آخر في انتظار عودة المياه إلى مجاريها”.
وأكد المرشد السياحي ذاته أن “التوقف الكلي للنشاط السياحي بتافراوت، الذي دفع بعدد من المرشدين إلى البحث عن بدائل جديدة لكسب مورد رزق، سيضر كثيراً بالسياحة حتى لو عاد النشاط إلى سابق عهده، لأن ممارسة المرشدين أعمالا أخرى بعيدة عن مجالهم ستؤدي دون شك إلى إضعاف مستوياتهم، كما سيجد الكثير منهم أنفسهم أمام مهمة شاقة لاستدراك ما فاتهم من مستجدات في عالم السياحة”، على حد قوله.
فرصة سانحة للتحضير
“في رأيي المتواضع كمهني وكمرشد أعمل بشكل حصري في تافراوت والأطلس الصغير، أرى أن الانتظار سيكلف العرض السياحي بتافراوت كثيراً، وأن هذا التوقف الاضطراري والطويل كان ومازال فرصة سانحة للتحضير والاستعداد لما بعد الوباء والنشاط المنتظر”، يتابع المرشد السياحي ذاته .واسترسل رشيد أوبيه: “يجب القيام بدراسة عميقة للمؤهلات السياحية بالمنطقة وتحليل التطورات والمستجدات في القطاع لمعرفة التوجهات الجديدة للسياحة العالمية، وفي الوقت نفسه استغلال هذه الوقفة لمعالجة المشاكل العالقة والمتراكمة”.
وأشار الفاعل السياحي نفسه إلى أن “تضافر جهود كافة الشركاء سيجعل من تافراوت بعد جائحة كورونا كنزا سياحيا ينتظر الاستثمار، وهو الاتجاه نفسه الذي ذهبت إليه مخرجات الاجتماع المنعقد بأحد فنادق المدينة شهر يونيو الماضي، في إطار مشروع إنعاش السياحة بجهة سوس ماسة، حيث ركز الخبير الدولي في السياحة James McGregor على دور تافراوت الكبير في التنمية السياحية بالجهة”، وفق تعبيره
قـــد يهمــــــــك أيضــــــاُ :
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر