لندن ـ كارين اليان
ينتشر في الشتاء السعال ونزلات البرد والإنفلونزا والتهابات الجهاز التنفسي السفلي، الذي يسبب احتقانًا في الصدر وسعالًا عميقًا، وهو واحد من أكثر 10 أسباب للوفاة في أميركا وحول العالم، حيث تقتل الإنفلونزا الآلاف كل عام في الولايات المتحدة فقط.
وأكد العلماء أن تناول بعض اللقاحات وغسل اليدين والاسترخاء مفيد جدًّا لتجنب الإنفلونزا في الشتاء، فالإجهاد يؤثر على جهاز المناعة، ما يجعله أكثر عرضةً لخطر العدوى. ويعرِّف عالم الصحة النفسية أندرو باوم، الإجهاد بأنه "تجربة عاطفية سلبية يرافقها تأثير كيميائي وفسيولوجي وسلوكي". ويستطيع العلماء قياس استجابة الجسم للضغط النفسي من خلال فترة استجابته للعدوى، وفي حالات التوتر يُنتج الجسم مواد كيميائية تسمى "السيتوكينات"، تعتبر مواليةً للالتهابات.
وتنشِّط "السيتوكينات" الجهاز المناعي في الجسم، وبدونها لا يكون قادرًا على محاربة البكتيريا والفيروسات والفطريات، لذلك عادةً ما تكون استجابة الجسم للضغط النفسي مفيدة، لأنها تحضره لتحديات أكبر قادمة، ولكن إذا استمر الضغط لفترة أطول، فإن الجسم يفتقر إلى التوازن بين "السيتوكينات" الموالية للالتهابات والمضادة لها، ما يؤدي إلى تلفه.
ويرتبط الإفراط في التوتر بالأمراض المزمنة، مثل القلب والأوعية الدموية والسكري، فالإجهاد يعرض الإنسان إلى الاستجابة أكثر للالتهابات من خلال تثبيط عمل جهاز المناعة، وعندما تتعرض فئران المختبرات إلى الضغوط البيئية المختلفة، تفرز أجسامهم جزيئات في الدم تسمى "الكورتيزون"، الذي يعرف بتأثيراته المثبطة لجهاز المناعة في الجسم، وهو ما يحدث في البشر أيضا، ففي دراسة أجريت مؤخرًا على النساء في منتصف العمر وكبار السن، ارتبط الضغط من مسألة رياضيات معقدة أو التوتر من إلقاء خطاب، بمستويات أعلى من هذه الجزيئات.
وأظهرت دراسة أجريت عام 1995 أن الطلاب الذين ذكروا شعورهم بالتوتر أكثر في فترات الامتحان، كانوا عرضةً أكثر لزيادة مستويات "الكورتيزون" ذات الخصائص المثبطة للمناعة، وهناك دليل على أن الإجهاد يمكن أن يزيد من خطر الإصابة بالعدوى، ففي دراسة لمجموعة من العلماء الإسبان لتقييم الإجهاد لنحو 1149 شخصًا لمدة عام، درسوا عدد المرات التي أصيب فيها كل شخص في المجموعة بالبرد، واستنتجوا أنه كلما زاد الاجهاد زادت مخاطر تعرض الجسم لنزلات البرد.
وعلى الرغم من وجود العديد من علاجات الإنفلونزا، إلا أن أحدث الأدلة تشير إلى أنها غير ذات جدوى كثيرًا، فهي فقط تقلل من الأعراض وتبعد الإنسان عن دخول المستشفى. وعادةً ما يوصف فيتامين C لعلاج نزلات البرد، إلا أنه ليس ذا تأثير كبير أيضًا، لذلك يعتبر البقاء بعيدًا عن الإجهاد أحد أفضل الطرق لبقاء الإنسان في صحة جيدة.
وينصح الخبراء بممارسة الأنشطة التي تحد من التوتر خلال فصل الشتاء، حيث تبيَّنَ أنها تساعد في التقليل من عبء أمراض الجهاز التنفسي. ويمكن أن تشمل هذه الأنشطة ممارسة الرياضة، وتُظهر التجارب أن الأشخاص الذين يمارسون الرياضة والتأمل نادرًا ما يتعرضون إلى أمراض الجهاد التنفسي الحادة. وأثبتت مقالات طبية أن الاسترخاء إستراتيجية علاجية مهمة للأمراض المرتبطة بالتوتر، لذلك يتوجب على الناس أن يكونوا واعين لتأثيرات الإجهاد على جهازهم المناعي، والاسترخاء أكثر.
وأثبت العلم أن التحدث إلى طبيب نفسي أو شخصٍ ما لتقليل أو إدارة الإجهاد، له فعالية كبيرة في الحد من الأمراض. وقالت دراسة أُجريت على الأطفال بين 8-12 عامًا، إن الذين تحدثوا مع المعالجين النفسيين تحسنت أمزجتهم وانخفضت وتيرة نزلات البرد لديهم، وزادت مستويات الإفرازات المناعية لدى هؤلاء الأطفال، ومن بينها المسؤولة عن حماية الأسطح المخاطية مثل الرئتين من خطر العدوى.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر