عودة سرطان الثدي إلى نشاطه بعد الاختفاء بالعلاج إشكالية تشغل بال العلماء
آخر تحديث GMT 02:41:48
المغرب اليوم -

أقوى العوامل المُحدِّدة لخطر تكرار حدوثه كانت المستخدَمة درجة شراسته

عودة سرطان الثدي إلى نشاطه بعد الاختفاء بالعلاج إشكالية تشغل بال العلماء

المغرب اليوم -

المغرب اليوم - عودة سرطان الثدي إلى نشاطه بعد الاختفاء بالعلاج إشكالية تشغل بال العلماء

سرطان الثدي
لندن - المغرب اليوم

توصل الأطباء مؤخرًا إلى إنجازات كبيرة في مجاليّ الكشف المبكر والعلاج لمرض سرطان الثدي، لينخفض عدد الوفيات الناجمة عن المرض، حيث كان الكشف سابقًا يعني استئصال الثدي بالكامل، أما اليوم، فإن هذه العمليات لا تُجرى إلا في حالات نادرة، إذ يوجد مجموعة واسعة من العلاجات المتوفرة.

يُعرّف سرطان الثدي بأنه نمو غير طبيعي للخلايا المبطنة لقنوات الحليب أو لفصوص الثدي. غالبًا ما يتكون الورم السرطاني في قنوات نقل الحليب وأحيانًا في الفصوص وجزء بسيط جدًا في بقية الأنسجة، والأوعية الليمفاوية هي قنوات تحمل سائل شفاف ينقل مخلفات الأنسجة وخلايا المناعة من الثدي إلى عقد صغيرة تسمى العقد الليمفاوية، غالبًا ما تصب الأوعية اللمفاوية إلى العقد الموجودة في منطقة الإبط وأحيانًا إلى العقد فوق عظمة الترقوة أو تحت عظمة القص، وتستطيع الخلايا السرطانية الدخول إلى القنوات اللمفاوية والانتشار من خلال هذه القنوات إلى العقد الليمفاوية ومن ثم إلى أعضاء الجسم الأخرى وذلك عن طريق الأوعية الليمفاوية أو الأوردة الدموية.

إنّ الهدف الرئيس من العلاج المساعد، الذي يُقدّم بعد نجاح ظاهريّ للعلاج الأوليّ للسرطان، هو تقليل خطر حدوث انتكاس مرضيّ نقيليّ موضعيّ وقصيّ، بسبب خلايا ورم الثدي المتبقية، التي قد تظل لسنوات أو عقود في حالة من السكون. ومعرفتنا ببيولوجيا المرض المتبقي الساكن لا تزال محدودة للغاية. وفي دراسة بان وزملائه، المنشورة في “نيو إنغلاند جورنال أوف مديسين” New England Journal of Medicine، فحص الباحثون معدلات انتشار السرطان النقيليّ في 62,923 امرأة خضعن للعلاج من سرطان الثدي، وتلقين العلاج المساعد. وقدَّمَت النتائج التي توصَّل إليها الباحثون فرصة لفَهْم السكون في هذا المرض.

وقد أجرى بان وزملاؤه تحليلًا تلويًّا لثمان وثمانين تجربة، تضمّنت نساء مصابات بأنواع سرطان الثدي مُستقبِل الأستروجين الإيجابي، وهي أنواع فرعية من سرطان الثدي، تتميّز بتعبيرها عن مستقبِل الأستروجين. كانت النساء جميعهن قد برئن تمامًا من المرض بعد خمس سنوات من تلقِّيهن علاج الغدد الصمّاء المساعد بانتظام، الذي تَضَمَّن تناولهن أدوية تقلل من نشاط مستقبِل الأستروجين، فيما لا يوجد خلاف على الآثار النافعة لهذه العلاجات في منع حدوث النقيلة خلال السنوات الخمس التالية للتشخيص، إلا أن تحليل الباحثين كان من أجل معرفة احتمال حدوث نقيلة متأخرة بعد فترة تتراوح من خمس سنوات إلى عشرين سنة، في حالة إنهاء العلاج المساعد بعد خمس سنوات. واكتشف الباحثون أن النقيلة حدثت بمعدل ثابت خلال الخمس عشرة سنة التالية لانتهاء فترة العلاج.

ومن المثير للاهتمام، أن أقوى العوامل المُحدِّدة لخطر تكرار حدوث المرض كانت هي نفسها المستخدَمة أصلًا لتحديد درجة شراسة السرطان الأوليّ، وهي قُطْر الورم، وعدد العُقد الليمفاوية التي تحتوي على خلايا سرطانية، ما يحدد ما إذا كان المرض الأَوّلِيّ قد انتشر في بداية العلاج، أم لا، لكن حتى بين النساء المصابات بأورام صغيرة غير ممتدة إلى العُقد الليمفاوية، كان خطر حدوث النقيلة يبلغ حوالي 10% على مدار فترة الخمس عشرة سنة.

ويعترف بان وزملاؤه بوجود عدة ثغرات تدعو إلى الحذر في تحليلهم، من بينها عدم توفر بيانات كافية عن عدد النساء اللواتي أتممن علاجهنّ المساعد، والعلاج دون الأمثل للنساء اللواتي كنَّ مصابات بنوع معيَّن من سرطان الثدي مُستقبِل الأستروجين الإيجابي، الذي يُعرَف باسم HER2 الإيجابي، ومع ذلك.. فمن الواضح أنه حتى بعد علاج الغدد الصمّاء المساعد، ظلت النساء المصابات بسرطان الثدي مُستقبِل الأستروجين الإيجابي في مراحله المبكِّرة معرَّضات لخطر مستمر لعودة المرض خلال 20 عاما على الأقل بعد التشخيص الأصليّ. وقد تكون لهذه النتائج – بالإضافة إلى البيانات المستقاة من تحليل آخر لانتكاس سرطان الثدي2 – آثار على استراتيجيات المتابعة طويلة المدى، بل وربما على العلاجات أيضًا.

قد يمكن تقليل خطر حدوث الانتكاس بإطالة مدة علاج الغدد الصمّاء المساعد. وهي استراتيجية قيد الاختبار بالفعل، إلا أننا نتساءل عما إذا كانت هذه الوسيلة كافية لتقليل خطر حدوث النقيلة المتأخرة أو تفادي حدوثها، أم لا. وتشير تجربة3 نُشِرت في عام 2016 إلى أن زيادة مدة العلاج المساعد من 5 سنوات إلى 10 سنوات تحسِّن بشكل واضح من معدلات بقاء المريضات بريئات من المرض لمدة خمس سنوات بعد انتهاء العلاج، ويقلل من نسبة ظهور السرطان في الثدي الذي لم يكن مصابًا في السابق، على أنه لا يزيد معدلات البقاء الكلية.

قارنت تجربة ثانية 4 بين العلاج المساعد المستمر لمدة تتراوح بين خمس إلى عشر سنوات، وعلاج “متقطِّع” استهدف إعادة استثارة حساسية الخلايا السرطانية التي ربما قد أصبحت مقاوِمة للعلاج. ولم تتوصل التجربة إلى أي فرق في معدَّلات بقاء المريضات خاليات من النقيلة، بعد اكتمال أيٍّ من العلاجين، ومِن الضروريّ إجراء متابَعات لفترات أطول؛ للتوصل إلى فهم أفضل لآثار إطالة مدة علاج الغدد الصمّاء المساعد، لأن سرطان الثدي بطيء التقدّم بطبيعته. ومن الواضح أنه على الرغم من أن إطالة مدة العلاج يمكن أن تلعب دورًا في منع حدوث الانتكاسات المتأخرة، ربما من الضروري إعطاء العلاج للمريضة لما تبقى من عمرها، ليكون فعّالًا. وهذا يثير مشكلات السُّميّة، والالتزام، والتكلفة.

ولتحديد طرق أخرى ممكنة لتقليل خطر الانتكاس على أفضل نحو، يتعين علينا التفكير في العوامل التي قد توقظ خلايا الورم الساكنة – التي تنشأ منها النقيلة – من سباتها بعد سنوات عديدة. فما يحدث هو أن الخلايا الساكنة تهرب من تدمير الجهاز المناعيّ لها، وتدخل بيئة مجهرية تدعم بقاءها5. وبمجرد دخولها هذه البيئة الملائمة، قد تتسبب آليات عديدة في سكونها. وبالتأكيد، يمكن النظر إلى السكون باعتباره حالة متعددة الأبعاد، تنطوي على عوامل عدة.

أوضح بان وزملاؤه أن النساء اللواتي يحصلن على أدوية لمدة خمس سنوات بعد استئصال سرطان الثدي الأَوّلِيّ لديهن يظللن عرضة لخطر الانتكاس المتأخر، بسبب هجرة الخلايا السرطانية إلى موقع ثانويّ، مثل العظام، واتخاذها حالة من الهجوع.

أ: يمكن أن تسهم عدة عوامل في سكون الخلايا السرطانية، مثل نقص إمداد الأوعية الدموية، ما يعني عدم حصول الخلايا على القدر الكافي من الأكسجين والمواد الغذائية للتكاثر؛ والمراقبة المستمرة التي تفرضها الخلايا المناعية التي تقتل بعض الخلايا السرطانية الساكنة؛ والإشارات الصادرة من داخل الخلايا السرطانية، ومن الخلايا الموجودة في البيئة العظمية الملائمة المحيطة، التي تثبِّط تكاثر الخلايا السرطانية (السهم المتقطع المجعَّد).

ب: يحدث الانتكاس عندما يُفقَد التوازن بين تكاثر الخلايا السرطانية وهذه العوامل، بسبب نمو الأوعية الدمويّة، أو تلافي نشاط الخلايا المناعية، أو التغيُّرات التي تَحُول دون صدور الإشارات المانعة للتكاثر، وهو ما يؤدي إلى نمو الورم.

أحد أبعاد هذه الحالة هو السكون الخلويّ، الذي تدفع فيه عوامل داخلية – أو خارجية – الخلايا إلى الدخول في حالة كُمُون. وقد تتضمن العوامل الداخلية التغيّرات التي تقلل من دافع الخلية للانقسام، وهي التغيّرات التي تشبه تلك التي تحدّ من تكاثر الخلايا الجذعية السرطانية. وقد تكون هذه التغيّرات غير جينية – أي تُعدِّل التعبير الجينيّ، دون التأثير على تسلسل الحمض النوويّ المتسبب فيه – أو جينيّة.

أما العوامل الخارجية، فتشمل التداخل بين أنواع مختلفة من الخلايا في البيئة المجهرية المحيطة، مثل الخلايا البِطانية التي تبطِّن الأوعية الدموية، والخلايا المناعية، والأرومة الليفية، التي تكوِّن الإطار البنائيّ للأنسجة. والبُعد الثاني لحالة السكون هو السكون المرتبط بالجملة الوعائية، الذي تظل فيه مجموعة الخلايا الورمية صغيرة، حيث إن تكوُّن الأوعية الضعيف في المنطقة يؤدي إلى نقص المواد الغذائية، والأكسجين. أما البعد الثالث، فهو السكون الناجم عن المناعة، الذي يحدّ فيه النظام المناعيّ من انتشار مجموعة الخلايا الورمية، عن طريق البحث المتواصل عن الخلايا السرطانيّة؛ والقضاء عليها.

وإذا فَقَدَت حالة السكون هذه توازنها، بسبب التغيّرات في أيٍّ من هذه العوامل سالفة الذكر؛ فإن الخلايا الساكنة تفيق من سباتها، ويتطوّر مرض نقيليّ. ومن ثم، ينبغي أن تهدف استراتيجيّات منْع الانتكاس إمّا إلى منع إفاقة الخلايا الساكنة، أو تدميرها وهي ساكنة، ولتحقيق هذا الهدف.. مِن المفيد تحديد المريضات اللاتي قد تُصَبْن بانتكاس متأخر، ثم تصميم استراتيجية علاجية خاصة بهن. تتسم سرطانات الثدي مستقبِلة الأستروجين الإيجابية بمستوى منخفض من التباين الخلويّ داخل الورم، مثل الأشكال المميّزة من التباين الجينيّ، وغير الجينيّ، والوظيفيّ. وقد يؤدي توصّلنا إلى فَهْم أفضل لهذا التباين إلى تحديد العوامل التي تُمكِّن خلايا معينة من أن تصبح مقاوِمة لعلاج الغدد الصمّاء، وتبقى حيّة في بيئاتها النقيلية.

لعل أهم أثر لإطالة مدة علاج الغدد الصمّاء المساعد هو إبقاء الخلايا الورمية ساكنة لفترة أطول، لكنها تظل فترة مؤقتة. ونحن نرى أن استخدام استراتيجية مركّبة تستهدف – بشكل متزامن – الخلايا الورمية والبيئة المجهرية المحيطة بها قد يزيد من احتمال تدمير الخلايا الساكنة، أو إحداث حالة سكون للخلايا مدى الحياة، وهو ما قد يزيد فرص الشفاء. ومِن المهم للغاية كذلك التوصّل إلى فَهْم أفضل للتداخل بين الخلايا الساكنة، وأنواع الخلايا المحيطة بها، والنظام المناعيّ؛ من أجل تطوير علاجات فعَّالة تستهدف البيئات المجهرية. وإضافة إلى ذلك، يلزم الانتباه إلى احتمال خضوع خلايا أورام الثدي الساكنة لبرامج محميّة بالتطوُّر، تؤدّي إلى دخول الخلايا في حالة سكون مطوَّلة، شبيهة بالخلايا الجذعيّة. فالإبقاء على هذه الحالة الشبيهة بالخلايا الجذعية بشكل مستديم قد يمثّل وسيلة أخرى لمنع الخلايا الساكنة من التيقُّظ مجددًا.

almaghribtoday
almaghribtoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عودة سرطان الثدي إلى نشاطه بعد الاختفاء بالعلاج إشكالية تشغل بال العلماء عودة سرطان الثدي إلى نشاطه بعد الاختفاء بالعلاج إشكالية تشغل بال العلماء



نجوى كرم بإطلالات استثنائية وتنسيقات مبهرة في "Arabs Got Talent"

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 08:38 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

ميلانيا ترامب تظهر بإطلالة بارزة ليلة فوز زوجها
المغرب اليوم - ميلانيا ترامب تظهر بإطلالة بارزة ليلة فوز زوجها

GMT 15:54 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

حورية فرغلي تكشف موقفاً محرجاً بعد عودتها إلى التمثيل
المغرب اليوم - حورية فرغلي تكشف موقفاً محرجاً بعد عودتها إلى التمثيل

GMT 10:33 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أستراليا تحظر السوشيال ميديا لمن دون 16 عاماً
المغرب اليوم - أستراليا تحظر السوشيال ميديا لمن دون 16 عاماً

GMT 17:36 2012 السبت ,15 أيلول / سبتمبر

مجموعة للعناية بالشعر وتقويته

GMT 12:24 2018 الأربعاء ,25 إبريل / نيسان

أولمبيك آسفي يخطط لضم 4 لاعبين في الميركاتو

GMT 17:23 2016 الثلاثاء ,12 إبريل / نيسان

مشوار المنتخب السعودي في تصفيات كأس العالم 2018

GMT 02:35 2018 الإثنين ,05 شباط / فبراير

عفاف شعيب سيدة شعبية في مسلسل "فوق السحاب"

GMT 19:13 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

Jacob & Co"" تطرح مجموعة جديدة من المجوهرات الفاخرة

GMT 05:15 2018 الأربعاء ,24 كانون الثاني / يناير

موقع الواجهة البحرية في "رامسغيت" يتحول إلى إبداع فني

GMT 10:01 2018 الإثنين ,08 كانون الثاني / يناير

آخر الاتجاهات المميزة في عالم الموضة لعام 2018

GMT 05:26 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أبرز أسباب انتشار قشرة الشعر خلال موسم الشتاء

GMT 15:25 2017 الثلاثاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

إيقاف لاعب كرة إكوادوري أربعة مواسم بسبب المنشطات

GMT 11:31 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

الاسباني فيليبي السادس يستعد لزيارة المملكة المغربية
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib