صعّد الصيادلة موقفهم ضد مضامين التقرير الأخير للمجلس الأعلى للحسابات المتعلقة بهامش أرباحهم من بيع الأدوية، الذي قالوا إن الجدل الذي رافقه تقف خلفه “أياد خفيّة” تريد الالتفاف على المشاكل الحقيقية التي يتخبط فيها القطاع الصيدلي، وحصر النقاش في أرباح الفاعلين في القطاع، متوعدين بخوض إضراب عام في حال فكرت الحكومة في الإقدام على أي خطوة لتقليص هامش أرباحهم.
جاء ذلك خلال ندوة صحافية عقدتها كونفدرالية نقابات صيادلة المغرب، الخميس بالرباط، حيث قال رئيسها، محمد الحبابي، إن الجدل الذي أعقب تقرير المجلس الأعلى للحسابات “وراءَه أياد خفية تريد حصر النقاش حول تسهيل ولوج المواطنين إلى الدواء في هامش ربح الصيدلاني، علما أنه هو الحلقة الأضعف في قطاع الصيدلة، وبالتالي الإجهاز على ما تبقى من هذا القطاع”.
وذهب مسؤول كونفدرالية نقابات صيادلة المغرب إلى وصف المعطيات الواردة في تقرير المجلس الأعلى للحسابات بخصوص هامش ربح الصيادلة المغاربة بـ”المغالطات”، وبأنها “انتُقيت بطريقة مغلوطة ومبتورة من المرسوم الوزاري المتعلق بتحديد سعر الدواء المُصنّع محليا والمستورد، الصادر سنة 2014”.
وقال الحبابي إن المجلس الأعلى للحسابات “وقع في خطأ تأويل المعطيات المتعلقة بهامش ربح الصيادلة، إذ تم تقديم معامل هامش الربح، الذي يساعد على حساب سعر الدواء، على أساس أنه هامش الربح الذي يحصل عليه الصيادلة”، وأوضح أن المجلس الأعلى للحسابات حدد هامش ربح الصيادلة في 57 في المائة، بينما لا تتعدى نسبة هامش ربحهم الخام، كما هي محددة بمقتضى مرسوم تحديد سعر الأدوية، 33.93 في المائة.
وبحسب مقتضيات المرسوم المذكور فإن الأدوية تنقسم إلى أربع فئات من حيث السعر؛ تضم الأولى الأدوية التي يقل سعرها عن 299 درهما، وحُدد هامش الربح فيها في 33.93 في المائة، فيما تضم الثانية الأدوية التي يقل سعرها عن 588 درهما، وحُدد هامش ربح الصيادلة فيها في 29.7 في المائة؛ بينما يتقاضى الصيدلاني 400 درهم كربح جزافي عن كل علبة من الأدوية المصنفة في الفئتين الثالثة والرابعة، وهي أدوية مرتفعة الثمن.
وأوضح الحبابي أن علبة الدواء التي تباع للعموم بـ40 ألف درهم يربح فيها الصيدلاني 400 درهم كهامش ربح خام، أي 1 في المائة، تُقتطع منه الضرائب، ونفقات تسيير الصيدلية، مضيفا: “إذن أين نحن من هامش ربح 57 في المائة و47 في المائة الذي جاء في تقرير المجلس الأعلى للحسابات؟”.
وقدم مسؤولو كونفدرالية نقابات الصيادلة وثائق قالوا إنها تفنّد المعطيات الواردة في تقرير المجلس الأعلى للحسابات، ومنها اتفاقية إبرائية تم توقيعها مع الإدارة العامة للضرائب، وتم بموجبها تحديد متوسط هامش ربح الصيادلة الخام في 27 في المائة، في حين تم تحديد متوسط هامش الربح الصافي في 8 في المائة.
وذهب الحبابي إلى القول إن مقارنة نسبة هامش ربح الصيادلة المغاربة مع نسبة هامش ربح نظرائهم في دول أخرى “هي مقارنة مشوهة وغير دقيقة”، موردا أن المقاربة التي اعتمدها المجلس الأعلى للحسابات في هذه المقارنة “لا يمكن وصفها إلا بالسطحية لأن هوامش ربح الصيادلة في الدول التي ذكرها التقرير مركّبة (Taux compose) تتكون من عدة عناصر، تتضمن، فضلا عن هامش الربح، تعويضات قارة عن صرف الدواء، تشكل النسبة الأكبر من هامش الربح الإجمالي للصيادلة في تلك البلدان”.
وقدم مسؤولو كونفدرالية نقابات صيادلة المغرب أرقاما حول هامش أرباح الصيادلة في الدول التي قارن المجلس الأعلى للحسابات بينها وبين المغرب، ففي بلجيكا يصل هامش الربح الاقتصادي للصيدلية إلى 18.6 في المائة، لكن الصيدلاني هناك يتلقى تعويضات إضافية عن صرف الدواء، واستبدال الدواء الأصلي بالجنيس، وتعويضات عن التلقيح داخل الصيدلانية، وعن الكشوفات السريعة.
وقال الحبابي إن الصيادلة المغاربة “واعون بضرورة إنجاح الورش الملكي لتعميم التغطية الصحية، ويساهمون يوميا في هذا الاتجاه، ولكنهم متفقون على ألا يكون ذلك على حسابهم، وألا يكونوا ضحية عجز بعض المسؤولين عن وضع التشخيص لمعضلة تذليل ولوج المغاربة إلى الصحة بصفة عامة، وإلى الدواء بصفة خاصة”.
وطالبت كونفدرالية نقابات صيادلة المغرب المجلسَ الأعلى للحسابات بـ”تصحيح الوضع وإخراج تقرير يجلي الحقيقة، وليس تجييش المواطنين ضد الصيادلة الذين يقدمون خدمات جليلة”، بحسب ما جاء على لسان مهدي براي، نائب الكاتب العام للكونفدرالية، بينما قال الحبابي: “أي مسّ بهامش ربح الصيادلة سيجعلنا مضطرين إلى اللجوء إلى إضراب عام وطني وإغلاق جميع صيدليات المملكة”.
قد يهمك أيضاً :
مديرية الأدوية والصيادلة المغاربة يجتمعان في لقاء تشاوريا
هامش الأرباح من بيع الأدوية لا يتخطى نسبة 8 في المائة
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر