قالت ورقة بحثية منشورة في موقع مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة إن "الانتشار السريع لفيروس كورونا المستجد زمنيًّا وجغرافيًّا أسفر عن العديد من الآثار التي تجاوزت المجال الصحي لتشمل كافة مجالات الحياة الأخرى، السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وذلك اقترانًا مع الإجراءات التي اتخذتها العديد من الدول، بدءًا من إغلاق الحدود وتعليق حركة الطيران، وصولًا إلى فرض الحجر الصحي الشامل".
وأضافت الورقة، المعنونة بـ "مستقبل اقتصادات صناعة الأدوية في ظل أزمة كورونا"، أنه "انطلاقًا من أن تداعيات تفشي الأوبئة لا تنطبق بالتساوي على كافة القطاعات الاقتصادية، حيث تتضرر بعض القطاعات أكثر من غيرها؛ ففي حالة الكورونا نجد أن قطاعات السياحة والطيران والتجارة والصناعة تأتي في مقدمة تلك القطاعات المتضررة، إلا أنه-على الجانب الآخر-من المتوقع أن تحقق بعض القطاعات الأخرى أرباحًا طائلة مستفيدة في ذلك من تصاعد الحاجة المجتمعية إليها".
وتابعت الورقة التي أعدتها الباحثة سارة عبد العزيز سالم: "يأتي في مقدمة هؤلاء المستفيدين المحتملين شركات الأدوية التي تتسابق سواء في الترويج للأدوية الموجودة لديها، والتي أثبت بعضها قدرًا من الفعالية في التخفيف من حدة أعراض فيروس كورونا، أو تطوير اللقاحات الجديدة أو المنتجات الأخرى اللازمة للاستجابة لتفشي الفيروس"، موردة أن "مؤسسة (PWC) كشفت في تقريرها الصادر عام 2012 أن من أهم التحديات التي تواجه تلك الصناعة هي ثبات وضعف الإنتاجية لشركات الأدوية من اللقاحات الجديدة".
لكن الواقع العملي، تضيف صاحبة المقالة، كشف حدوث تحول نوعي في أسواق صناعة الدواء، نتيجة النمو السريع الذي حققته بعض الاقتصادات الناشئة في مجال البحث والتطوير في الصناعات الدوائية في دول مثل البرازيل والصين والهند، وهو ما أوضحته البيانات التي استعرضها تقرير صادر عن الاتحاد الأوروبي للصناعات والجمعيات الصيدلانية (EFPIA)".
وأوضحت المقالة أن "فيروس كورونا أطلق سباقًا محمومًا من جانب كلٍّ من الدول والشركات في محاولة لمواجهة الفيروس الجديد، وذلك للتقليل من حجم الخسائر البشرية التي مُنِيَ بها العالم، وقد اتخذت تلك الجهود أحد مسارات ثلاثة، وهي إما استكشاف طرق استخدام التقنيات التي توفر القدرة على زيادة الإنتاج بسرعة بمجرد تحديد اللقاح المحتمل، أو تطوير الأدوية واللقاحات التي تم اختبارها سابقًا على مسببات الأمراض الفيروسية الأخرى، وأخيرًا محاولة تطوير لقاحات جديدة قادرة على الشفاء التام من الفيروس أو التخفيف من أعراضه".
ومضت الباحثة بالقول: "يمكن استعراض أهم تلك المبادرات على النحو التالي؛ أولا شركة مودرنا (Moderna) بوصفها شركة أمريكية تبلغ قيمتها السوقية حوالي 8.7 مليارات دولار، وقد أعلنت الشركة في أواخر فبراير عن بدء شحن دفعات من اللقاح الذي طورته لعلاج COVID-19 لاستخدامه في المرحلة الأولى من التجارب البشرية وذلك في المعاهد الوطنية للصحة، على أن تبدأ التجارب السريرية في أواخر أبريل".
تنضاف إليها، شركة جلعاد للعلوم (Gilead Sciences) التي طرحت استخدام عقار (Remdesivir)، وهو عقار تم تطويره في الأصل لعلاج الإيبولا، وفي حين أثبتت بعض الدراسات أنه لم يكن فعالًا بالقدر الكافي ضد فيروس الإيبولا، إلا أنه كان فعالًا ضد متلازمة الشرق الأوسط التنفسية، حيث وافقت منظمة الصحة العالمية على الدواء باعتباره في مقدمة الأدوية المتاحة حاليًّا".
وتوجد أيضا، وفق المقالة، "شركة نوفافاكس (Novavax) التي تعمل على إعادة استخدام اللقاحات السابقة الخاصة بوباء سارس من خلال اعتماد تقنية الجزيئات النانوية لتعزيز الاستجابات المناعية، وتعاني الشركة من بعض الخسائر نتيجة توجيه حجم كبير من الإنفاق على البحث والتطوير، وقد حصلت الشركة مؤخرًا على دعم بقيمة 4 ملايين دولار للإسراع في عملية تطوير اللقاح المعالج لفيروس كورونا".
الشركة الرابعة هي إنوفيو (Inovio) التي من المقرر أن تبدأ في التجارب السريرية البشرية للقاح الذي طورته في أبريل، وذلك في كل من الولايات المتحدة الأمريكية ثم الصين وكوريا الجنوبية، حيث استفادت في ذلك من امتلاكها اللقاح في المرحلة الثانية من التجارب السريرية لمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية (MERS)، وتتوقع الشركة تسليم مليون جرعة من لقاحها بحلول نهاية عام 2020، إلا أنها ستحتاج إلى توسيع قدراتها التصنيعية.
الشركة الخامسة هي (AbbVie) التي طورت أهم لقاحين/مادتين مستخدمتين في علاج فيروس نقص المناعة البشرية (HIV)، هما lopinavir (LPV) وritonavir (r)، اللتان يتم إنتاجهما في دواء يحمل اسم Kaletra (المعروف أيضًا باسم Aluvia)، ويحتوي على مكونات مضادة للفيروسات، وهو ما حدا بالسلطات الصينية لاستخدامه لمعالجة الالتهاب الرئوي المرتبط بالكورونا.
الشركة السادسة هي نوفارتس (Novartis) التي دخلت في شراكات بحثية جديدة لمواجهة فيروس كورونا، مثل (Therapeutics Accelerator)، وذلك بالتنسيق والشراكة مع العديد من المؤسسات المتخصصة في البحوث الدوائية، ومن ضمنها تلك التي تنظمها مبادرة الأدوية المبتكرة ((Innovative Medicines Initiative (IMI).
أما الشركة السابعة فهي فايزر (Pfizer) التي أعلنت أنها استكملت تقييمًا أوليًّا لبعض المركبات المضادة للفيروسات التي كانت قيد التطوير في أوقات سابقة، والتي حالت دون تكاثر الفيروسات التاجية المشابهة لحالة الكورونا. وتتعاون الشركة مع طرف ثالث لفحص هذه المركبات في إطار جدول زمني سريع مع سيادة التوقعات بإمكانية التوصل إلى بعض النتائج الأولية في وقت قريب.
الشركة الثامنة هي شركة أسترازينيكا (AstraZeneca) التي دعمت الصين من خلال تقديم مجموعة من التبرعات المالية لمؤسسة الصليب الأحمر الصينية، وكذلك تقديم المستلزمات الطبية التي بلغ إجمالي تكلفتها أكثر من مليون دولار أمريكي، كما قامت بتعبئة جهودها البحثية لاكتشاف الأجسام المضادة الجديدة لفيروس الكورونا، وذلك لاستخدامها كعلاج للوقاية من مرض (COVID-19)، وقد تم تحقيق بعض التقدم في تقييم التجارب السريرية.
وكذلك شركتا أبسيليرا (AbCellera) وإيلي ليلي (Eli Lilly) اللتان أبرمتا اتفاقية للتعاون في تطوير منتجات الأجسام المضادة للعلاج والوقاية من (COVID-19)، حيث سيتم استخدام منصة (AbCellera) للاستجابة السريعة للوباء في اكتشاف أكبر مجموعة من الأجسام المضادة، وذلك مع الاستفادة من القدرات العالمية لشركة "Lilly" على اختبار العلاجات الجديدة المحتملة على المرضى، والتطوير والتصنيع والتوزيع السريع للأجسام المضادة العلاجية.
الشركة العاشرة هي جونسون آند جونسون (Johnson & Johnson) التي تعمل على تحديد المركبات الحالية أو الجديدة ذات النشاط المضاد للفيروسات، والتي يمكن أن تسهم في توفير معالجة فورية لفيروس الكورونا. فيما قامت شركة روش (Roche) بالتبرع بدوائها (Actemra) للصين لمساعدة البلاد في إدارة تفشي كورونا، حيث يعد الدواء أحد العلاجات الموجودة في السوق الأوروبية منذ عام 2010 لعلاج عدة أنواع من التهاب المفاصل.
الشركة الأخيرة هي تاكيدا (Takeda)، وهي شركة يابانية، أعلنت أنها شرعت في تطوير دواء جديد لفيروس الكورونا من خلال استخدام بلازما الدم للمرضى الذين تم شفاؤهم، وهو الأمر الذي سارت على غرارها فيه كلٌّ من الصين والولايات المتحدة الأمريكية.
قد يهمك ايضا
تسجيل 131 إصابة مؤكدة جديدة بفيروس "كورونا" في المغرب
تتبع المخالطين يكشف 85 في المائة من الإصابات الجديدة بوباء "كورونا"
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر