المصممون اللبنانيون يخيطون جراحاتهم وخساراتهم بالأمل
آخر تحديث GMT 00:25:17
المغرب اليوم -

بين الغضب والإحباط من مستقبل غامض

المصممون اللبنانيون يخيطون جراحاتهم وخساراتهم بالأمل

المغرب اليوم -

المغرب اليوم - المصممون اللبنانيون يخيطون جراحاتهم وخساراتهم بالأمل

انفجار
بيروت - المغرب اليوم

لقد عشنا حرباً أهلية وتعرضنا لعدة غارات، لكن الانفجار الأخير في 4 أغسطس (آب) كان مختلفاً. فقد خرب في دقائق ما كانت الحرب تخربه في شهر»، هذا ما قاله معظم المصممين الذين تحدثنا إليهم بعد انفجار مرفأ بيروت. الحزن العميق الذي تستشفه بين السطور، لا تمحيه أو تخففه مكابرتهم وهم يرددون بأنه بالرغم من خسائرهم الجسيمة والدمار، هم أحسن من غيرهم لأنهم لا يزالون أحياء.

المصمم الشاب أمين جريصاتي، نجى من الموت بأعجوبة. يقول: «دُمر بيتي ومشغلي تماماً في أربع دقائق، وما زلت أعيش الكابوس لحد الآن، ولا أستطيع أن أنسى صوت الانفجار وهو يدوي في أذني ما بين 6.01 و6.08 مساء. كان مخيفاً ولا يزال يُدمرني على عدة مستويات». أصيب أمين في رأسه ويده، وقضى ساعات طويلة متنقلاً من مستشفى إلى آخر بسبب الفوضى وكثرة المصابين وقلة الحيلة. في طريقه كان يقاوم ملوحة الدم وهو يسيل من رأسه ورؤية منظر الأشلاء المتناثرة في الطرقات. لا يستطيع أن يمحيها من ذاكرته إلى اليوم. لم تكن منطقة مار مايكل حيث يوجد مشغله المنطقة المتضررة الوحيدة. فتأثير الانفجار وصل إلى شوارع الموضة الأخرى. الواجهات التي كانت تستعرض أجمل الأزياء تحولت إلى خراب.

في الظروف العادية وفي مثل هذه الحالات، فإن المتضررين عموماً يحصلون على تعويضات من شركات التأمين، لكن المسألة معقدة في لبنان. فنتيجة للانهيار الاقتصادي، لم تكن لأغلب المصممين الشباب تحديداً، الإمكانات لدفع رسوم التأمين، الأمر الذي يعني أن خساراتهم لن تُعوض. ومع ذلك، فإنهم لا يشعرون بالندم لعدم تأمينهم على أنفسهم، لأن تضخم العملة كان سيجعل التعويض رمزياً وغير متكافئ مع المبلغ الذي كان عليهم دفعه. الأمر لا يتعلق بالشباب فحتى المصممين الكبار من أمثال إيلي صعب، وزهير مراد وكيروز لم ينجوا من تأثير الصدمة. فهم أيضاً تعرضت منازلهم ومحلاتهم ومشاغلهم للدمار.

بالنسبة لزهير مراد، فإن الدمار الذي تعرض له مبناه لم يقتصر على الخسارة المادية حسبما قاله لموقع «بزنس أوف فاشن»: «لقد خسرت أيضاً ذكرياتي... لأني بنيت كل شيء طوبة طوبة وأشرفت على كل صغيرة وكبيرة بنفسي. كان حلمي أن أبني دار أزياء تحمل اسمي في مدينتي... في بلدي، لكن في ثانية واحدة تهدم كل شيء».

ما تجدر الإشارة إليه أن صناعة الموضة في لبنان كانت تعاني حتى قبل انفجار يوم 4 أغسطس، بسبب «كوفيد - 19» عموماً وانهيار الاقتصاد اللبناني خصوصاً. لم تكن هناك حركة بيع تُذكر رغم أن الصيف كان يعتبر في الماضي الموسم الذي تشهد فيه المبيعات ارتفاعاً، كونه موسم الأعراس والأفراح. التضخم الاستهلاكي وانهيار العملة وصعوبة توفر السيولة، جعل الموضة تكتوي بغلاء الأسعار وأدى إلى عزوف المستهلك عنها. فإلى جانب أنه ليس هناك ما يُبرر أسعارها المتضخمة بالنسبة له، فإن الحياة المعيشية جعلته يلهث وراء أولويات أخرى رغم صعوبة الأمر بالنسة له بالنظر إلى أنه يعشق الجمال. فإلى عام 2017، كانت الموضة جزءاً من ثقافة البلد ومن صناعة الإبداع فيه، حيث كانت تقدر بـ1.5 مليار دولار. رقم قد لا يكون ضخماً مقارنة بالسوق السعودية أو الإماراتية مثلاً، لكن لا يستهان به بالنظر إلى حجم لبنان. ما كان يفتقده في المبيعات كان يعوض عنه بالابتكار. فقد تحول في السنوات الأخيرة إلى أهم عاصمة عربية في صناعة الأزياء والإكسسوارات والمجوهرات بفضل مجموعة من الشباب، الذين كلما تعقدت الأمور السياسية تفجرت طاقاتاهم الفنية. كان الأمر بالنسبة لهم تحدياً حتى إن لم تعد عليهم بالربح المادي. كان يكفيهم أن يتألق اسمهم عالمياً. الانفجار كان ضربة قاسية قد لا يتعافى منها بعضهم.

يقول المصمم الشاب سليم عزام: «لقد كنا نعاني من أزمة خانقة قبل الانفجار. لم نكن نسجل أي مبيعات تُذكر على المستوى المحلي لأن الناس، وبكل بساطة، لم تكن تتسوق». لكن الوضع بالنسبة له تعقد أكثر حالياً، لأنه لا يوجد بصيص أمل في الأفق «فنحن لا نعرف ماذا سيحصل وتركيزنا الآن ينحصر على تجاوز هذه المحنة بأي شكل». الأمل بالنسبة للمصممين الشباب من أمثال سليم وروني الحلو وأمين جرايصاتي وأندريا وازن وقزي أند أسطا وغيرهم، ممن كانوا يشكلون حركة شبابية في مجال الأزياء والاكسسوارات، مُعلق على الدعم الخارجي، لأنهم فقدوا الأمل بالحلول المحلية.

 

من قلب المستشفى في انتظار دوره لفحص ومعاينة جُرح رأسه، يقول لي أمين جريصاتي بغضب: «لقد مللت من حالتنا... ضحيت بكل شيء لكي أبقى في بلدي. كانت لدي عدة فُرص عمل مُغرية في الخارج، رفضتها دون تردد. أنا لم أُخل بوطني لكن وطني خذلني. كل ما أحتاجه أن أعيش حياة كريمة وعادية... لكن هذه ليست حياة».

ويتابع: «بعد الحادث كان الكل يهنئنا بالسلامة، لأننا ما زلنا أحياء... لكن هل هذا هو الحق الوحيد الذي نتمتع به؟ أن نتنفس؟ نعم أحمد الله أني ما زلت على قيد الحياة، لكن هذا لا يكفي. لقد استثمرت كل شيء في وطني، بما في ذلك عواطفي، وما المقابل؟ لا شيء، فنحن لا نتمتع بأي حقوق إنسانية أو صحية أو معيشية. الآن لو أتيحت لي الفرصة لكي أركب طائرة وأهاجر، سأفعل من دون تردد». لكن بين الغضب والخوف والإحباط، لا تزال هناك شعلة من التحدي في البناء، لكن بنغمة مختلفة تعقد آمالها هذه المرة على الدعم الخارجي أولاً وأخيراً. «فالإبداع وحده لا يكفي إذا لم يخرج إلى العالم»، حسب قول المصمم روني حلو: «العديد منا لن يتمكنوا من الوقوف على أرجلهم بعد هذه الضربة من دون مساعدة». ويضيف: «يحز في نفسي أن أعترف بأنه ربما لن نستطيع أن نعود ثانية إذا لم نتلقَ أي دعم خارجي»، لكنه يعود ويكرر أن هذه هي الحقيقة التي على العديد من المصممين الشباب مواجهتها.

قد يهمك أيضَا :

أنجلينا جولي عن ابنتها زهرة تبيّن أنها تعلمت منها الكثير

أنجلينا جولي تكشف أن ابنتها زهرة امرأة أفريقية استثنائية

almaghribtoday
almaghribtoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المصممون اللبنانيون يخيطون جراحاتهم وخساراتهم بالأمل المصممون اللبنانيون يخيطون جراحاتهم وخساراتهم بالأمل



هند صبري بإطلالة أنثوية وعصرية في فستان وردي أنيق

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 00:19 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

الشرطة تعلّق عن تحدث ترامب حول "حالات الغش"
المغرب اليوم - الشرطة تعلّق عن تحدث ترامب حول

GMT 23:12 2024 الثلاثاء ,08 تشرين الأول / أكتوبر

ليفربول يفشل فى إقناع محمد صلاح وأرنولد وفان دايك بالتجديد

GMT 23:32 2019 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تقاريرتكشف بشكتاش يدرس تجديد استعارة النني

GMT 06:21 2019 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد خميس يكشف المستور ويتحدث عن أسباب زواجه الثاني

GMT 01:32 2019 الجمعة ,18 كانون الثاني / يناير

اكتشف صفات مواليد الدلو قبل الارتباط بهم

GMT 01:46 2016 الإثنين ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

هناء الرملي تشرح مخاطر التحرش الجنسي عبر "الانترنت"

GMT 16:43 2024 الخميس ,04 كانون الثاني / يناير

زلزال يضرب جزر جنوب المحيط الهادئ

GMT 06:08 2022 الإثنين ,26 كانون الأول / ديسمبر

أفضل الأفكار للحصول على ماكياج مثالي لحفل الكريسماس

GMT 14:11 2022 الإثنين ,12 كانون الأول / ديسمبر

أداء أسبوعي على وقع الأخضر ببورصة البيضاء

GMT 14:03 2022 الأربعاء ,19 كانون الثاني / يناير

بنك المغرب يلاحق معطيات زبناء البنوك في الخارج

GMT 04:16 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

الريال يهزم أتلتيكو في "ديربي" مدريد

GMT 16:37 2021 الإثنين ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

دنيا بطمة تنشر فيديوهات رقص في أحدث ظهور لها عبر انستغرام

GMT 18:59 2021 الخميس ,25 شباط / فبراير

دورتموند يمدد تعاقده مع الحارس مارفين هيتز

GMT 19:36 2021 الثلاثاء ,05 كانون الثاني / يناير

المحكمة تقرر مصير دنيا بطمة في قضية "حمزة مون بيبي"
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib