يحظى مصممو الأزياء البريطانيون، بدايةً من ألكسندر ماكوين إلى فيفيان ويستوود، بأثر ملحوظ في جميع أنحاء العالم، ويسعى الكتاب الجديد London Uprising Fifty Fashion Designers, إلى إزالة الغموض الذي يحيط بتلك الصناعة الإبداعية، التي تساهم بـ 28 بليون إسترليني في الاقتصاد البريطاني، من خلال مقابلة أشهر المصممين في العاصمة.
إذ حاورت المستشارة الإبداعية، المصمم توم فورد، الذي يقدم إبداعاته من الأستوديو العالمي الخاص به Tom Ford Inc، حيث اختار إنشاء مكتب التصميم الخاص به في لندن عام 1996، عندما نقل والرئيس التنفيذي دومينيكو دي سولي مقر غوتشي إلى مايفير.
وكشف فورد، "عشت وعملت في كل مكان، ميلان وباريس ونيويورك ولوس أنغلوس، ولكن ليس هناك مكان يمتلك ما تمتلكه لندن"، واختار فيكتوريا لمكتب التصميم الخاص به في لندن عام 2005، وكانت المنطقة معروفة لوكلاء العقارات، ويمكن الوصول إليها بسهولة من Knightsbridge و Belgravia، متجهًا إلى مكان لم يتجه إليه أحد قبله، ثم تبعه الكثيرون ليخلق أسلوبه الخاص، والآن تُعد المنطقة موقع لكثير من أعمال الموضة العالمية.
ويُعد فورد، من أشهر الأسماء في الأزياء العالمية، إذ ساهم في تدعيم مكانة لندن كعاصمة ل الأزياء العالمية، وهو الرجل الذي حوّل غوتشي من الفشل إلى امبراطورية، تزحر بمليارات الدولارات، والذي حدد نمط التسعينيات، لتظهر صوره إلى جانب ماريو تيستينو وستيفن ميزل على أغلفة مجلة "فوغ"، كما فاز مشروعه "‘time out’" بجائزة الأوسكار.
ويعتبر مكتب تصميم فورد، أكثر من مجرد ستوديو لتصميم الأزياء، وعلى الرغم من أنه حاليًا متزوج من محررة "فوغ" ريتشارد باكلي، وفخور بنجله جاك، إلا أنه يعترف بأن حياته اتخذت منعطفًا نحو الفوضى، ويضم مكتبه خشب الأبانوس اللامع والجلود الناعمة، فضلًا عن آرائك عميقة ومكتب أنيق لفورد مع مجموعة من الأقلام الرصاص الجاهزة لتنفيذ الأفكار العفوية، ومجموعة صور بالأبيض والأسود، وهناك صورة لريتشارد باكلي، شريكة فورد منذ 25 عامًا، وبورتريه للمحررة كارين رويتفيلد، والتي تعاون معها فورد بشكل وثيق أثناء عمله في غوتشي، وصورة أخرى لدومنيكو دي سولي وصورة كبيرة لذكر عاري، وفي الزاوية تحت الإضاة يوجد تمثال منحوت لعارضة أزياء من قبل الفنانين جيك ودينوس تشابمان.
وأضاف فورد، "تندهش الناس عندما أقفز على طاولة القص لأقص نمط معين، ربما بسبب مظهري يعتقد الناس أنني لا أعرف كيف أفعل أي شئ، ولكن يمكنني الخياطة بالماكينة، ربما ليس مثل المحترفين ولكن يمكنني فعل ذلك، جزء كبير من عقلي يفكر في التجارة والأعمال التجارية، ولكني أعرف كيف أطوي بلوزة، وأعمل مع صانع الأنماط لصنع الشكل الذي أرغب فيه".
ونجح فورد في ضغط تصوير فيلمه الثاني Nocturnal Animals، وخلال ذلك يتابع أيضًا عرض الربيع/ الصيف 2016، وبيع مجموعة الخريف/ الشتاء 2016، وخصص جزءً للتعديل في مقر فيكتوريا، بحيث يمكنه الانتقال من الفيلم إلى غرفة العينات إلى غرفة مجلس الإدارة في نفس اليوم، إذا اقتضى الأمر.
وقابلت محررة الموضة في "التليغراف"، ليزا أرمسترونغ، المصممة آنيا هندمارش، وأطلقت ملصقات أنيا هندمارش عام 2014، والتي باعت الكثير منهم بقيمة 12 مليون إسترليني وأكثر، وقالت هندرماش "هذا هو الدخل وليس الربح، لا بأس يمكنك أن تقول أنهم أحمر الشفاه لدى علامتنا التجارية"، وتعتبر سيدة أعمال ذكية ومسوقة موهوبة، وحققت شهرة واسعة من خلال مجموعة حقائب Be A Bag، والتي تحمل الصور المفضلة لأصحابها مطبوعة عليها، وجلبت المجموعة الملايين من المنتجات المقلدة لها، وحققت شهرة عالمية لهندرماش، كما حقق مشروعها "I’m Not a Plastic Bag" لحقيبة بـ 5 إسترليني إقبالًا واسعًا بين الجمهور، ما جلب اسمها إلى الأخبار عام 2007.
ونوهت هندرماش، عن أن "التصميم هو حبي الأول، ولكن العمل التجاري لم يكن كلمة مخيفة بالنسبة لي، فعند حصولك على المساعدة في الصغر، تصبح لا تعرف الخوف عندما لا يكون لديك رهن عقاري"، وفي مكتب هندرماش يمكنك رؤية لافته تجمع بين الكلمتين Scary و not’ بالنيون بواسطة Ben Eine، مع إحدى خرائط ستيفن والتر للندن، وفي الطابق السفلي حيث يعمل زوجها جيمس سيمور، كمدير مالي للشركة، توجد لافتة أخرى من الملصقات الجلدية العملاقة، وكتب عليها "Well Done AH!".
وفازت هندرماش، بجائزة مجلس الأزياء البريطاني للمرة الثانية عام 2014، وانتُخبت في آواخر الأربعينات من عمرها كسفيرة معينة للتجارية في المملكة المتحدة، كما فازت بجائزة مصممة الإكسسوارات في حفل جوائز الموضة البريطانية عام 2001، وجائزة علامة التجارية للعام في 2007، باعتبارها مغنية موهوبة وأول مصممة حقائب يد تصل إلى مدرج العرض، وكذلك عضو في مجلس أمناء الأكاديمية الملكية للفنون ومتحف التصميم في لندن.
والتقت لورين كاندي، من صحيفة "صنداي تايمز"، المصمم جيلز ديكون، والذي يقع الأستوديو الخاص به في ساحة إيلي، التي تعد الآن مكان حيوي يضم أسواق ومطاعم ومعارض، ويعد منطقة جذب للسياح الباحثين عن الأناقة، ويشتهر ديكون بالفساتين المثيرة وروحه المرحة، ويعمل في ذلك المكان في الطابق الأول منذ 2010.
وكان ديكون، أول من قدم قبعات على شكل خفافيش مجنحة في مجموعته للربيع عام 2014، فضلًا عن خوذات معدنية لباك مان من تصميم ستيفن جونز في عرض الربيع، وتمتلئ جدران الأستوديو الخاص به برسوم توضيحية مرسومة باليد، بينما يوجد جزء من الأرشيف الخاص به تحت أغطية بلاستيكية، شاهدًا على أكثر من 12 عامًا من مساهماته في مجال الأزياء.
ويوجد مكتب ديكون في إحدى زوايا الأستوديو، ولديه موظفون يعملون بجد لبناء أحدث التطورات في أعماله، والتي ظهرت في باريس في يوليو/ تموز 2016، وأوضح ديكون خلال المقابلة "لدينا حاليًا 8 موظفين بدوام كامل، اثنين منهم من المصممين الرئيسيين، ومصمم ينفذ أعمالي المطبوعة، ورئيس للأستوديو، ومدير للخدمات اللوجسيتية، أنا وديكسي وفران، بالإضافة إلى مارك نشارك في العمل يوميًا".
وولد ديكون، في دارلينغتون في مقاطعة دورهام، لأب مزارع وربة منزل، ونشأ في منطقة Lake District كصبي يحب الريف، وأمضى ساعات في رسم الحشرات والحيوانات، وكان يطمح ليصبح عالم في الأحياء البحرية، ثم درس الفنون في كلية هاروغيتقبل، ثم انتقل إلى لندن للحضور في CSM، وعمل كرسام متخصص ظهرت أعماله في العديد من المنشورات، وبمرور الأعوام، اتسمت أعماله بالمتعة والدراما وولاء جيل من العارضات البريطانيات، الذين ارتدوا مجموعاته المستلهمة من كل شئ، بدايةً من الحيوانات إلى ألعاب الكمبيوتر والملكة إليزابيث الأولى.
وبشأنمن يصمم من أجله، أكد ديكون " أحب الشخصيات في الحياة، بصفة عامة لا أحب رؤية مجموعة في مظهر متجانس، ولكن أحب أن يكون للمرأة حياة وشخصية، المرأة التي ربما تسبب بعض المتاعب، والتي لديها الكثير لتقوله عن نفسها، المرأة لدي تعتمد على 8 أشخاص أعرفهم، وهم مزيج من كل ما هو مفضل لدي، وإذا كان هناك شئ مناسب لكل تلك الجوانب المختلفة، سأكون سعيد به".
وفي مقابلة خاصة بين سوزانا لاو، من AKA Susie Bubble، والمصمم أشيش غوبتا، الملقب بملك الأزياء الأنيقة، الذي يقع الأستوديو الخاص به في المركز الإبداعي في Regent Studios في لندن، وبمجرد دخول الأستوديو يمكنك ملاحظة أياس وحقائب من الترتر، وأشار غوبتا إلى أنه " لا أحب فكرة ربط أعمال بالأشياء باهظة الثمن، وليست تلك هي الطريقة التي أنظر بها لأعمالي".
واتخذ غوبتا مساره الخاص، بعد إكمال درجة الماجستير في سانت مارتينز في عام 2000، مضيفًا "لدي تجربة مختلفة لإنشاء اسمي الخاص، فلم يكن لدي حتى جواز سفر بريطاني، وكان لدي تصريح عمل، حيث كان علي باستمرار إثبات أن عملي يساهم بشكل إيجابي في الاقتصاد، وعانيت من الكثير من الضغط، وعلمني ذلك أن أكون رجل أعمال جيد يغذيه الفن".
ويملك غوبتا حاليًا، فريق من العمالة المهرة، ويتم التطريز المعقد في كل تصميماته في الهند، وتعد والدته "نيلام"، المسؤولة عن الإشراف على العمل الدقيق لهؤلا الحرفيين قبل أن تأتي القطع إلى لندن لتصل إلى شكلها النهائي، ولا يتجاوز الإنتاج 1500 قطعة في الموسم الواحد، واستطاع غوبتا الحفاظ على الجودة اليدوية لتلك الملابس، متابعًا "في الهند تنقطع عن كل شئ لأنك تمضي 6 أسابيع من العمل على هذا التطريز الماهر، أما لندن فهي النقيض حيث تمتص كل هذه الطاقة النابضة بالحياة".
وتعد إحدى القطع المطرزة بألوان قوس قزح، ومكتوب عليها "Love Will Win" من القطع المميزة بالنسبة لغوبتا، لأنها صُنعت عند جعل المثلية غير قانونية في الهند، وربما تعد الهند مصدر لتلك الحرفة، إلا أن لندن أو الهوية البريطانية تمنحها إلهام خصب، وتكمن روح التمرد خلف قطع غوبتا المشبعة بالترتر، حيث حصل على دعم 50 متجرًا من أمثال Browns منذ بداية عمله.
ويحظى غوبتا، بقاعدة جماهيرية موالية لتصميماته اللامعة، إذ يستخدم تقنيات جديدة لتزيين الأزياء بالترتر، في ظل أعماله التجارية الممتدة لأكثر من 15 عامًا، وبين غوبتا "أنا سعيد الآن أكثر مما كنت من قبل، ولا يزعجني كثيرًا ما إن كان الناس يحبون ما أقوم به، لأن الأهم بالنسبة لي أن أحبه أنا".
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر