مثلما ينعم الممثل بالشهرة والمجد والنجومية، ينسحب البساط من تحت قدميه عندما يتقدم في العمر ويبتعد عن المجال، ويجد نفسه وحيدًا لا يسأل عنه أحد ولا يعرفه أحد، وهي الظاهرة التي تتكرر كثيرًا في الوسط الفني.
وعندما أصيب المنتصر بالله بجلطة في المخ، لم تساهم الدولة في علاجه، ولم يقدر نقيب الممثلين الدكتور أشرف زكي، إلا على جمبع مبلغ خمسة آلاف جنيه من الممثلين، وبعد ذلك تكفَّل أمير سعودي بعلاجه. وقال المنتصر بالله إن كثيرًا من زملائه سألوا عنه أثناء مرضه فيما عدا الكاتب يوسف معاطي، الذي لم يقف إلى جانبه رغم الصداقة التي كانت تجمعهما.
أما سيد زيان الذي كان أصيب بالشلل التام وجلس على كرسي متحرك لمدة تسعة أعوام كاملة إثر أصابته بجلطة في المخ، فيتماثل للشفاء في الفترة الأخيرة، على الرغم من تأكيد الأطباء استحالة حدوث ذلك. وأكدت إيمان سيد زيان أن والدها عانى من جلطة في المخ وأصيب بشلل تام، لكن لم يسأل عنه أحد من زملاء المهنة طيلة تسعة أعوام هي مدة مرضه، ولم يفكر أحد في المساهمة في مصاريف علاجه، الذي تم في ألمانيا على يد خبراء، في حين أعرب كثير من الأمراء العرب عن رغبتهم في تحمل نفقاته.
ويلازم الممثل الكبير جورج سيدهم الفراش منذ مطلع تسعينات القرن الماضي، واحتار الأطباء بشأنه، فكلما نجحوا في التعامل مع آثار جلطة المخ ارتفع ضغط الدم من جديد ليفسد ما بذلوه. ويلوم الفريق المعالج أقارب سيدهم، الذين انفضوا عنه وتركوه يواجه الوحدة، بينما يعتب هو بشدة على أصدقائه الذين عملوا معه لأعوام طويلة ثم انفضُّوا من حوله، باستثناء دلال عبد العزيز، التي تحرص دائمًا على الاحتفال بعيد مولده.
وظهرت الممثلة الكبيرة زبيدة ثروت مؤخرًا في لقاء مع الإعلامي عمرو الليثي في برنامجه "واحد من الناس"، لتؤكد أنه لا أحد من زملائها الممثلين يسأل عنها، لذا انعزلت وحدها. وعلى الرغم من مرضها بالسرطان وأنها بصدد إجراء عملية جراحية، إلا أن ذلك لم يدفع أحدًا إلى سؤالها عن صحتها.
وتتعرض مديحة يسري من فترة إلى أخرى لأزمات صحية تدفع الأطباء إلى نقلها إلى المستشفى، وبالتالى أصبحت نجمة الستينات أسيرة المرض، بعد رحلة عطاء فنية كبيرة قدمت خلالها مجموعة من الأفلام المميزة برفقه عمالقة زمن الفن الجميل. وتعاني يسري من كسر في فقرات الظهر، وتمضي أغلب وقتها بين منزلها والمستشفى الذي تخضع فيه للفحوص الطبية للاطمئنان على حالتها الصحية، كما ابتعدت عن وسائل الإعلام والمناسبات الفنية بسبب عجزها عن الوقوف على قدميها، حيث تضطر إلى الخروج على كرسي متحرك.
وعلى الرغم من مرضها إلا أنها تعدُّ من الممثلين الأكثر حظًّا، حيث تخضع لجلسات علاج طبيعى في مستشفى القوات المسلحة للعلاج الطبيعي والتأهيلي في العجوزة، ويحرص عدد من زملائها على الاطمئنان عليها يوميًّا، سواء بالزيارة أو الاتصال، مثل نبيلة عبيد ونجلاء فتحي وميرفت أمين ودلال عبد العزيز، وأيضا صديقتها نادية لطفي، وسامح الصريطي الذي يزورها يومًا بعد آخر.
وإلى جانب هؤلاء، رحل كثيرون عن عالمنا بعد معاناةٍ مع المرض والوحدة، على رأسهم السندريلا سعاد حسني، التي أصيبت عام 1995 بالتهاب في الوجه أدى إلى شلل في الفك في الجهة اليمنى من الوجه، وتسببت الأدوية التي كانت تتناولها إلى زيادة وزنها مع تزايد آلآم الظهر، حتى شقَّت عليها الحركة، فسافرت إلى لندن في 1997 للعلاج على حسابها، ثم تكفلت الحكومة بعلاجها لنحو ثمانية أشهر فقط، حتى فكرت السندريلا في كتابة مذكراتها لتدبير مصاريف إقامتها وعلاجها، لكنها عادت إلى مصر في 2001 في نعش.
وعانى الممثل الكبير يونس شلبي من رحلة شاقة مع المرض، وناشدت زوجته الحكومة أكثر من مرة للمساهمة في علاجه على نفقة الدولة، لكن هذا لم يحدث، ليرحل شلبي عن عمر 66 عامًا بعد أن باعت عائلته جميع ممتلكاتهم من أجل علاجه.
ومرضت الممثلة زينات صدقي في أيامها الأخيرة بالالتهاب الرئوي، وانحسرت عنها الأضواء، واضطرت إلى بيع أثاث منزلها لتغطية نفقات الطعام والعلاج، ولم تطلب معونة أحد رغم فقرها، كما رفضت التقدم بطلب إلى الرئيس الراحل أنور السادات للعلاج على نفقة الدولة، وماتت عام 1978 عن عمر ناهز 64 عامًا.
وأصيب الممثل الكبير عماد حمدي في أعوامه الأخيرة بالعمى، فانفصلت عنه زوجته الممثلة نادية الجندي، وأصيب بالاكتئاب بعد وفاة أخيه التوأم عبد الرحمن، ودخل في معاناة طويلة مع المرض اضطرته إلى بيع أثاث منزله لشراء الدواء، وتوفي عام 1984 عن عمر ناهز 74 عامًا، وكان رصيده في البنك 20 جنيهًا فقط.
وكانت نهاية الممثل القدير عبد الفتاح القصري مأساويةً للغاية، حيث أصيب بالعمى وتنكَّرت له زوجته الرابعة، وانفصلت عنه بعد أن جعلته يوقع على بيع كل ممتلكاته لها، كما هدمت الحكومة البيت الذي يسكن فيه، فانتقل إلى حجرة "تحت بير السلم" في بيت فقير في الشرابية، وتوفي عام 1964 عن عمر ناهز 58 عامًا
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر