الدار البيضاء ـ سعيد بونوار
يدرس عدد من ممثلي سكان الرباط، إمكان تسمية شارع من أهم شوارع العاصمة الإدارية في المملكة باسم مكتشف أشهر الفنانين المغاربة عبدالنبي الجيراري، الذي تُوفي قبل عامين في المدينة ذاتها التي ارتبط اسمه بها. واعتبر عدد من المعنيين والمهتمين بالشأن الفني في المغرب، أن تسمية شارع باسم فنان، تُثير فخر الفنانين والمبدعين عمومًا، وتُشكل تمردًا على العرف السائد الذي يمنح
تسميات الشوارع والأحياء للسياسيين ورجال التاريخ والشهداء.
وتبحث النقابة المغربية للموسيقيين، في إمكان إحياء حفلات فنية احتفاءً بالراحل، الذي يُعد أب للأغنية المغربية في فترة ما بعد استقلال البلاد عن فرنسا في العام 1956، ويعتبر مكتشف أشهر نجوم المغرب في الغناء والتلحين، حيث وقته وأمواله في سبيل أن يسطع اسم عدد من مشاهير الشدو في العالم العربي، ومات من دون أن يلتفت إليه أحد، وعاش سنوات من التهميش في مواجهة ذاتية مع المرض، قبل أن يتدخل الملك محمد السادس لعلاجه على نفقته الخاصة، لكن يد المنون كانت أسبق لتختطف الجيراري عن سن ناهز الـ 87 عامًا.
ويتذكر المغاربة صباح الخميس الموافق 29 أيلول/سبتمبر2011، حيث تناقل عدد من أصدقاء وتلاميذ الفنان الراحل نبأ وفاته في إحدى مصحات الرباط، وسارعت بعد ذلك قنوات التلفزيون والمحطات الإذاعية في عرض مسيرة الرجل، الذي كان أول من أسس جوقًا عصريًا عام 1945، وأول من أعد برنامجًا تلفزيونيًا لاكتشاف المواهب اختار له اسم "مواهب" في 1967، وهو البرنامج الذي أنجب سميرة سعيد، ورجاء بلمليح، وعزيزة جلال، ونعيمة سميح، وعبدالهادي بلخياط، وعبدالوهاب الدكالي، ومحمد الحياني، وآمال عبدالقادر، ونادية أيوب، وعبدالمنعم الجامعي، والبشير عبده، وجمال أمجد، والعشرات من الأسماء التي لا تزال تتألق في سماء الأغنية المغربية والعربية، وظل على امتداد 18عامًا، مدرسة تمنح شهادة الإمتياز لكل مشارك فيه.
ويجمع متتبعو الشأن الغنائي في المغرب عمومًا، على أن عبدالنبي الجيراري هو صاحب أول مدرسة في اكتشاف نجوم الغناء الأصيل، وأحد أسوار الدفاع عن جوهر هذه الأغنية، إذ كان يفرض على الراغبين في المشاركة في البرنامج، في وقت كان مجرد المرور في برنامج بنفس قوة وصيت "مواهب" يُعد فتحًا لبوابة الشهرة، وهو ما تأتى لعدد نجوم الغناء، الأداء الجيد، ولم يكن يتورع في دعوة عدد من الأصوات النشاز إلى الابتعاد عن الفن.
وتعد النجمة سميرة سعيد، التي احتضنها الجيراري، وهي ابنة التاسعة، وعاشت برفقة أبنائه في بيته في الرباط لسنوات كانت بمثابة انطلاقتها الفنية، من أبرز الوجوه التي تعهدها الجيراري بالرعاية والمتابعة، فالراحل كان يتكفل ماديًا ومعنويًا بالمواهب الفقيرة أو القادمة إلى الرباط من القرى البعيدة، فيما كانت المعتزلة عزيزة جلال من اللاتي فتح البرنامج لهن باب الشهرة العربية، إذ التحقت بالبرنامج عام 1975، وتنبأ لها الجيراري الذي تولاها بالعناية والإرشاد، بمستقبل كبير في عالم الأغنية، ثم تابعها الجمهور المغربي وهي تؤدي أغنية لفيروز بعنوان "أعطني الناي وغني"، وكانت سببًا في دخولها عالم المجد.
ومات عبدالنبي الجيراري وفي حلقه غصة من تنكر عدد من نجوم الفن الذين اكتشفهم، وتعهدهم بالإنفاق والتربية والتوجيه، لكنهم تناسوا مكتشفهم بمجرد أن تقاطرت عليهم الأموال، وظل يردد في حياته، أنه دخل التلفزيون غنيًا وخرج منه فقيرًا، بعد أن فقد كل ثروته في دعم ومساعدة أصوات شابة تنكرت له في أحاديثها ولقاءاتها التلفزيونية في القنوات الفضائية.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر