قلق كبير على حرية الإبداع” تلقت به النقابة المغربية لمهنيي الفنون الدرامية توجها في طريق منع عرض سلسلة تلفزيونية رمضانية، بعد دعوى استعجالية يقول فيها محام إنها تمس بمهنة المحاماة ومكانتها الاعتبارية.
ويتعلق الأمر بدعوى قضائية استعجالية رفعها المحامي محمد الكصي، من أجل وقف بث سلسلة “قهوة نص نص” للمخرج هشام الجباري التي تعرض على القناة الأولى.
وتقول الدعوى إن “السلسلة تضمنت عدة مشاهد تسيء إلى سمعة مهنة المحاماة، بإظهار الممثلة بديعة الصنهاجي وهي تحمل بذلة المحاماة بشكل ظاهر في المقهى وهي تتسول الزبائن والموكلين، وأحيانا تعطي استشارات في المقهى وتوزع بطائق الزيارة”.
في هذا السياق، ذكر بيان لنقابة مهنيي الفنون الدرامية أن “طبائع الشخصيات السلبية لا تعني بالضرورة أنها تعميمية أو عاكسة للجميع، بل ترتبط فقط بالشخصية الدرامية المتخيلة من قبل المبدع، والتي لها ما يشبهها في المجتمع على وجه التخصيص لا على وجه الإطلاق والتعميم”.
كما سجل البيان ذاته أن “تناول الأعمال الفنية للعيوب الاجتماعية مسألة “تعاقدية”، تواضع حولها الذوق السليم للبشرية منذ القدم، وليس هناك أي عمل درامي أو كوميدي، كيفما كان مستواه الفني، لا ينطلق من صراع ولا يصور عيوبا وفضائل مجتمعية على حد سواء”.
ومع تأكيد النقابة على أن انتقاد مضامين وأشكال الأعمال الفنية من طرف الجمهور العريض والنقاد ومختلف الشرائح الاجتماعية “حق مكفول ومشروع، بل مطلوب استثماره لتنمية وتطوير إنتاجنا الوطني والرقي به”، فقد تأسفت لـ”بروز مثل هذه المحاولات غير المفهومة للتحريض ضد حرية الإبداع، بمبررات واهية، وبعيدة كل البعد عن مفاهيم ومعايير النقد الفني”.
ونبهت النقابة المغربية لمهنيي الفنون الدرامية إلى أن مثل هذه التحركات تتناسى أن “رهان الحق في التعبير مرهون أساسا بحرية التعبير والإبداع والرأي، كما ينص على ذلك الدستور المغربي؛ وأن مجال الحريات، الذي تسعى إلى توسيعه كل القوى الحية داخل المجتمع المغربي، كان وسيبقى أحدى الركائز الأساسية للمشروع المجتمعي الحداثي والديمقراطي الذي يسعى إليه بلدنا”.
في هذا السياق، يقول مسعود بوحسين، رئيس النقابة المغربية لمهنيي الفنون الدرامية، إن مثل هذه التوجهات لن يقتصر أثرها على الإبداع الفني فقط، بل سيمتد إلى “حرية التعبير بشكل عام”.
ويزيد بوحسين في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية: “في الأدب والفن هناك شخصيات إيجابية وشخصيات سلبية، ولا يعني هذا تخصيصا أو تعميما؛ فعلى الإبداع أن يعكس جميع الطبقات الاجتماعية، بجيدها وحسنها، ولا يجب أن نجعل مهنا غير قابلة للمس، مثل مهن المعلم والمحامي والقاضي والطبيب وغيرها”.
ويستحضر بوحسين أعمالا مسرحية مثل “النشبة” لأحمد الطيب لعلج، قائلا: “لا أدري كيف سيكون الموقف منها الآن وهي تتحدث عن قاض مرتش، أو أعمال أخرى صورت شخصية متدينة كمنافقة، دون أن يعني ذلك أن كل المتدينين كذلك”؛ وهو ما يعكس بالنسبة إلى نقيب مهنيي الفنون الدرامية “مؤشرا غير جيد”.
هذا “المؤشر غير الجيد” هو أن التضييق “يأتي الآن من بعض الفئات المجتمعية”، علما أن “المجتمع يجب أن يُنتَقَد أيضا لا السلطة فقط”، دون أن يعني هذا أنه “يجب أن تكون أعمال فنية تسيء إلى الناس”؛ لكن معيار تقييم هذه الإساءة هو “أن تكون ذات طابع تحريضي وفيها سب وقذف مباشر، دون شخصيات، وهنا الجمهور نفسه لن يقبل مشاهدتها”.
ويرى بوحسين أن الموضوع المطروح “فيه قدر كبير من العبث، ومناف للمنطق الكوني”، ثم يسترسل قائلا: “لا نقبل المساس بحرية الرأي والتعبير، ومثل هذا النقاش يخلق صورة سلبية لتعامل البعض مع الفن ونظرته إليه بصفة عامة. فمن حق الناس الانتقاد والمقاطعة، لكن لا حق لأحد في قول إنه لا حق للعمل في أن يمثلني أو أن يتحدث عن مهنتي، فهذا عبث”.
قد يهمك ايضا:
لمجرد يهدري أغنية دينية لجمهوره
"بنات العساس" يخطف أعلى نسب المشاهدة في إنتاجات رمضان
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر