يروي فيلم "خورفكان 1507" المستوحى من كتاب الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى، حاكم الشارقة، "مقاومة خورفكان للغزو البرتغالي سبتمبر 1507"، صمود مدينة "خورفكان"، وتلاحم أبنائها بعد تعرضها لغزو برتغاليّ قاده الجنرال البحري "ألفونسو دي ألبوكيرك" على سواحل الخليج العربي ومدن دولة الإمارات العربية المتحدة الشرقية خلال القرن السادس عشر ميلادي.
وتدور أحداث الفيلم الذي أنتجته هيئة الشارقة للإذاعة والتلفزيون، ونفّذته شركة جيت جو فيلمز ليميتد، المتخصصة في الإنتاج السينمائي للأفلام التاريخية، الحملة البرتغالية الثالثة التي شنّها أسطول القائد البحري والسياسي ألبوكيرك، مستهدفاً بها منطقة الخليج العربي وسواحل الدول الشرقية خلال الفترة من 1504–1508، وما قابلها من صمود وتحدّ من قبل أهالي مدينة خورفكان الذين سطّروا ملامح مقاومة بطولية طيلة أيام الاجتياح.
وحظي العمل بمتابعة متواصلة من قبل حاكم الشارقة، حيث شهد بشكل شخصي تصوير المشاهد الأولى من الفيلم، إلى جانب متابعة وبشكل متواصل خط سير العمليات الإنتاجية ومواقع التصوير، والأزياء، وراقب عن كثب أداء الشخصيات وانسجامها مع النصّ، ما عكس الحرص الكبير لسموه على الخروج بعمل سينمائيّ مبهر يروي جزءاً مهماً من سيرة المنطقة والشارقة.
أحداث
ويصور الفيلم في مقدمته حالة تناغم العيش التي كانت تتميز بها خورفكان حسب ما ورد في مقدمة كتاب حاكم الشارقة، حيث تدور أحداث العمل حول قصة المدينة الوادعة المسالمة التي يسكنها عدد من القبائل المحلية وبعض من أهالي الدول المجاورة مثل الهند والساحل الفارسي يعيشون جميعا في جو من الوئام والتعايش، وكانت تتبع مملكة هرمز في ذلك الوقت ويدير شؤونها الوالي التابع للمملكة، كباقي المناطق المجاورة، ثم سرعان ما تغيّرت الأحداث عندما ظهر الأسطول البرتغالي المكون من ست سفن يقودها البوكيرك ومجموعة من النبلاء يطاردون قاربا محليا (سنبوك) يحاول الهرب شمالاً ناحية هرمز وعندما وصل خورفكان انعطف خلف جزيرة صيرة خورفكان أو ما تسمى حالياً (جزيرة القرش حالياً) ليخبر الأهالي بأن البرتغاليين اقتربوا من خورفكان.
يلعب دور البطولة في العمل السينمائي الضخم كلّ من الفنانين القديرين السوري رشيد عسّاف في دور القائد البرتغالي ألفونسو دي البوكيرك، والإماراتي أحمد الجسمي، إلى جانب نخبة من الفنانين العرب والمحليين مثل قيس الشيخ نجيب وقاسم ملحو، أما الفنانون المحليون فشارك في العمل كلّ من الفنان محمد العامري، والفنان الراحل حميد سمبيج، والدكتور حبيب غلوم، ومنصور الفيلي، وعبد الله بن حيدر، وعبد الرحمن الملا، ومحمد جمعة، وأشجان، بدور، والطفلان عبدالرحمن المرقب في دور علي وعبدالله الجرن في دور عمر.
وشارك في تنفيذ الفيلم الذي أسندت مهمة إخراجه للمخرج العالمي الأيرلندي موريس سويني، أحد أبرع المخرجين لمثل هذه النوعية من الأفلام التاريخية، أكثر من ثلاثمائة شخص ما بين طاقم التمثيل وعمليات الإنتاج الذي تمت جميع مراحل تصويره على شواطئ خورفكان ومزارعها وجبالها ومدينتها القديمة، وقد تولى عملية التصوير مدير التصوير العالمي الأيرلندي ريتشارد كيندريك، كما تم اختيار الأماكن بعناية فائقة لما تتميز به من شبه كبير بالمواقع التي حصلت فيها الأحداث الحقيقية.
اقرأ أيضًا:
وفاة فنان على المسرح أثناء ممازحته الجمهور في بريطانيا
وحول هذه الملحمة التاريخية قال سعادة محمد حسن خلف، مدير عام هيئة الشارقة للإذاعة والتلفزيون، المنتج المنفذ للفيلم إن "اهتمام الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، بتاريخ المنطقة يشكل إضافة إلى خزانة المعرفة العربية ويفتح مع كل جهد يبذله بابا جديدا على تاريخ وحقائق لم تسرد في كتاب ولم تصل للقارئ الخليجي والعربي والعالمي، والعمل على إنتاج فيلم حول واحدة من المراحل التاريخية المفصلية في المنطقة يكشف توجه حاكم الشارقة في مخاطبة الوعي الجمعي لأبناء المنطقة على اختلاف أعمارهم، نظرا إلى قدرة الفيلم على تجسيد الواقع ونقله بصورة حية تشكل إضافة إلى المادة التاريخية البحثية وتستلهم من عمقها وحقائقها".
وتابع مدير عام هيئة الشارقة للإذاعة والتلفزيون: "في العام 2015 وتحديداً في شهر يناير بدأ حاكم الشارقة بالتفكير بعمل فيلم يتحدث عن هذه القصة، ليحقق من خلالها جملة من الأهداف التي أرادها في أن تكون رسالة للمشاهدين على اختلاف تواجدهم، تشرح لهم تاريخ المنطقة، وتروي لهم كيف جاء البرتغاليون في سبتمبر من عام 1507 لهذه المنطقة وارتكبوا المجازر وأحرقوا المنطقة ودمروا فيها لكن أهالي خورفكان استطاعوا بما ملكوا من شجاعة وتفاني وإقدام أن يصدّوا هذا الهجوم الذي اشترك فيه اسطول حربي مكوّن من عدد كبير من السفن".
وأوضح أن جهود حاكم الشارقة، في الاهتمام بخورفكان بدأت مبكراً في روايته الشهيرة (الحقد الدفين)، والتي صوّرت واحداً من أكثر ملامح التضحية والفداء والبطولة، وتواصلت جهوده مع كتابه الجديد الذي يستند عليه الفيلم؛ (مقاومة خورفكان للغزو البرتغالي سبتمبر1507) ليكون هذا العمل شاهداً على مفصل مهم من مفاصل التاريخ، وعاملاً في تشكيل وحدة أبناء الساحل الإماراتي الشرقي".
وأشار المنتج المنفذ للفيلم إلى أن العمل يروي الكثير من القصص والبطولات التي حدثت في تلك الفترة خلال اليومين الذين مكث فيهما ألبوكيرك مع أسطوله، لافتاً إلى أن العمل ركّز في إخراجه وتنسيق نصّه على إظهار القصص والنماذج التاريخية للأحداث التاريخية بتفاصيلها، ليكون شاهداً على ملحمة بطولية سطّرها أبناء مدينة خورفكان وتركوها شاهدة على تاريخ دولة الإمارات العربية المتحدة وإمارة الشارقة.
وقال الفنان أحمد الجسمي: "الفيلم يروي تاريخ مدينة خورفكان، يتحدث عن ملمح بطولي سطّره أبنائها الذين عاصروا ذلك الوقت، ونحن اليوم نفتخر بهذه البطولات التي ترجمت مستقبلاً مشرقاً للأجيال ولا شكّ أن نص صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى، حاكم الشارقة، خلّد تلك الوقائع بنظرة المؤرخ الواثق، لتكون شاهدة للأجيال القادمة على صمود مدينة وتضحيات أبنائها، وما أراده العمل هو نقل الواقع كما كان، وتمرير رسالة غاية في الأهمية تشير إلى أن الحق في النهاية ينتصر".
وتابع الجسمي: "شخصية الحاج سليمان التي أقوم بتأدية دورها هي نموذج للرجل الإماراتي الذي يضحي بكل شيء من أجل بلاده، فهي تمتلك العطاء والخير والتماسك وقت الشدّة، فهذا الرجل وعبر مختلف الظروف التي مرّت على البلدة حافظ على رباطة جأشه، واستطاع بحكمة وبصيرة أن يكون مصدر قوة وعزيمة كبيرة لأبنائه وجيرانه ومحيطه، يوجههم، ويأخذ بيدهم، ويفتح منزله للجرحى، فكان إسقاطاً جمالياً للشخصية التي يبنى عليها النصر، ويمكننا القول إن الواقع السينمائي الإماراتي يحتاج إلى مثل هكذا إنتاجات كبيرة تثري هذا القطاع وتلفت الانتباه له بشكل أكبر".
وقال بطل العمل الفنان السوري رشيد عسّاف، الذي يجسّد دور القائد البرتغالي ألبوكيرك:" العمل هو إعادة تأريخ للمنطقة والطرح الذي تطرق له يتحدث عن واقع موازٍ سواء على صعيد المشهدية السينمائية التي رأيناها أو الواقع الذي يعيشه الوطن العربي، إلى جانب المعادلة الدرامية والإنسانية البسيطة التي حققها والتي تتجلى في نقل واقع عاشوه أولئك الناس ولا نعرفه فنتذكره الآن، فالفيلم هو عنوان بسيط ورسالة لكل شخص عربي بأن هذه هي أوطاننا وبدمائنا نحميها، وهو تلخيص ملحميّ لمعنى التضحية والفداء والإيمان بأن الأوطان تحررها سواعد أبنائها".
وتابع: "عندما قرأت النص واطلعت على السيناريو لمست الرعب الذي يكتنف شخصية هذا القائد البرتغالي، لقد عدت إلى كتب التاريخ والأحداث التي مرّت خلال القرون الماضية لأتعرف عن كثب على هذه الشخصية لأدعّم دوري في العمل خاصة أن تلك الشخصيات تتطلب من الممثل أن يتقمصها بشكل يسهم في نقلها للمشاهد بصدق، أي عليك بلحظة أن تكون بالفعل ألبوكيرك بما يمتلكه من عنف وجبروت لكي تترك في أذهان المشاهد واقع الشخصية وقوتها كما هي".
وأكد الممثل السوري قيس الشيخ نجيب، الذي يؤدي دور (القائد دو كامبو): "تمتلك الشخصية التي لعبت دورها وهي أحد قادة الأسطول الحربي، فلسفة خاصة ولديها شيء مختلف عن قائد الحملة ألبوكيرك، فهذا القائد يدعو إلى تحويل اتجاه الاسطول وغزو المدينة، ولا يرى ضرورة لهذا الأمر بل يعتبره مجرد رغبة في قتل الناس وسفك دمائهم دون أن يكترث لشيء، وهو ما يجعله شخصية مغايرة ترى ما لا يراه ألبوكيرك، ولا يرى بقتل الناس الا إرهاباً وتنكيلاً دون جدوى".
وتابع: "العمل استثنائي، ينقل للأجيال الجديدة ملمحاً تاريخياً غاية في الأهمية عن هذه المنطقة، ويسرد بعين الشاهد كل تلك التضحيات التي قدمها أبناء المنطقة وترسّخت في ذاكرة الأجيال، وبلا شك هذا الفيلم واحد من الانتاجات الضخمة التي نعتز بها على صعيد السينما العربية ككل، ونتطلع لأن يتوالى هذا الحِراك وتستطيع السينما العربية أن تعالج قضايانا بشكل أكبر"، وقال الممثل الإماراتي الدكتور حبيب غلوم: "كنت أبحث عن فرصة المشاركة في فيلم إماراتي يمتلك هذه الضخامة الإنتاجية وفي الحقيقة نحن في الدولة نمتلك تجارب سينمائية كثيرة ولا يمكن إنكار هذا الأمر، لكن لا يوجد إنتاج ضخم يمكن الحديث عن قدرته الإنتاجية لفيلم من هذه النوعية ونتطلع بأن يكون هذا العمل منطلقاً لأعمال سينمائية ضخمة تتطرق لطرح ومعالجة العديد من القضايا المهمة الأخرى".
وتابع: "النص الذي وثّق من خلاله الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى، حاكم الشارقة، تلك الحقبة بات بمثابة الترِكة المهمة للأجيال الجديدة كونه يطرح قضية غاية في الأهمية ويتطرق للحديث عن التاريخ كما هو، وهذا ما نحتاجه ليس على صعيد دولة الإمارات وحسب بل الواقع العربي، برمّته، كما أن حضور هذه الكوكبة من الممثلين المحليين والعرب المهمين ساهموا في إثراء العمل وجسّدوا الشخصيات ونقلوها بحرفية واتقان"، وقال مخرج العمل الأيرلندي موريس سويني": أردنا من خلال هذا الفيلم أن نُظهر اتحاد أهالي البلدة ومقاومتهم للمحتل من خلال تفانيهم بالدفاع عن أنفسهم، وبالأخص خلال الغزو الذي تعرضت له بلدتهم آنذاك، وكانت هذه هي أهم الأفكار التي أردت أن أبرزها من خلال هذا العمل، ومما لا شك فيه أن العناصر الرئيسية التي بنيت عليها ملامح الفيلم هي البلدة ذاتها التي مازالت حتى الآن ملامحها ماثلة في مدينة خورفكان بالرغم من التطور العمراني الذي نشهده، كما أن الأهالي الذين حضروا العرض يتذكرون تلك الفترة من التاريخ، ولهذا يتخذ العمل صيغته التاريخية والدرامية التي تروي الحبكة بشكل متقن".
وعُرِض الفيلم الذي أنتج بنسختين العربية والانجليزية للمرة الأولى يوم السبت الماضي (13 أبريل) في حفل خاص عقب انتهاء بث مراسم افتتاح مشروع طريق خورفكان وعدد من المشاريع الجديدة، التي نُقلت مباشرةً عبر قنوات الهيئة جميعها، تلفزيون الشارقة والشرقية من كلباء والوسطى من الذيد وإذاعة الشارقة.
قد يهمك أيضًا:
رواية "عندما تشيخ الذئاب" مِن عالم الأدب إلى الدراما
نجمات رفعن شعار "نعم للرضاعة الطبيعية"
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر