الدار البيضاء - حكيمة أحاجو
كشف المخرج المغربي المقيم في ألمانيا محمد نبيل، أن اهتمامه بموضوع المرأة يعود إلى أسباب ذاتية وموضوعية، فالذاتية منها تعود لطفولته التي ارتبطت بفضاءات النساء وحكاياتهن الشيقة، عندما كان هو طفل صغير لم يتجاوز سن الرابعة يرافق جدته وعمته إلى الحديقة العمومية.
وأوضح نبيل في حوار خاص مع "المغرب اليوم"، أن "الحدائق تحولت من فضاء أخضر إلى فضاء إسمنتي أسود تبيع فيه النساء أجسادهن، حكايات النساء آنذاك كان فيها شيء من الغبن والحسرة والفشل وكأنهن كن يتوقعن أن المغرب، سيصير مصبوغا بلون الألم"، مضيفًا "تأثرت بتلك الحكايات وزادتني جرأتهن في الهوامش، مثلا في الحمام التقليدي الذي دخلته في طفولتي قبل أن أطرد منه من طرف "الطيابة" (امرأة تقوم بعمليات التدليك والحك وحفظ الملابس)، لم أكن أعي أنني أصبحت رجلا، كما سمعت هذه العاملة في الحمام التقليدي تخاطبني بعنف".
وأضاف أن حكايته مع النساء استمرت حتى بعد أن كبر وأصبح مراهقا وشابا، أما الموضوعية منها فتتجلي في كون بحوثي العلمية في المغرب وخارج المغرب لم تخرج عن إطار مواضيع الحب والجنس والمرأة، وبالتالي" قررت أن أرسم طريقي الأنثوية بمداد مغاير وبعين الباحث المنقب عن آثار وبصمات الألم والآهات وحتى الأحلام بصيغة المؤنث المتحققة منها والمجهضة".
وعن أسباب تخصيص فيلمه الأخير والذي سيعرض قريبا لتيمة المرأة السجينة رغم صعوبة الاشتغال في هذا الموضوع، أكد المخرج المغربي أن علاقته بالسجن والمرأة ترتبط بصديقة دراسة تعمل اليوم في أحد السجون المغربية، وبحكاياتها المثيرة التي تفوق طاقاتنا في الخيال رسمت طريق شريطي، حكايات الم وضياع وبؤس، لهذا اخترت البحث والتعمق في الموضوع علميا وصحافيا".
وزاد نبيل "كانت عصارة بحوثي هي شريط "صمت الزنازين" الذي سيرى النور بداية العام المقبل، شريط فيه الصمت يلعب دور الحاكي ما دام أن فضاء السجن مغلق وما زال يثير الساسة وغيرهم، الإبداع يقول كلمته في هذا الموضوع بلغة تتوخى التعبير والبوح ببعد جمالي وفني، في حدود الزمان والمكان، عن الجرح النسائي والأنثوي وراء القضبان".
وأوضح أن "حساسية الموضوع تأتي من أسباب أجملها إفشال مبادرات ومساهمات بناء دولة الحق والقانون، ولنقل الأمر بوضوح، أي شيء يرتبط عند العرب بالمرأة له حساسية ويشكل ذلك المحرم، ويجب أخد الحذر منه ومحاربته وتطويقه من كل الجوانب، السجينة إنسان وكائن طيب والمجتمع هو من أفسدها، وتستحق في نظري شريطا يتحدث عنها، الموضوع لن ينتهي بهذا الشريط، فهناك أفكار ومشاريع أخرى ترتبط بواقع السجون في المغرب تنتظر أن ترى النور".
وعن صعوبة تسويق أفلامه رغم قلة الدعم وانعدامه أحيانا، يقول محمد نبيل إن حبه وشغفه بالسينما والإبداع أكبر من الشروط المجحفة والصعبة، بحيث تكون كل الإمكانيات سهلة، لأن الحب سلاح ووسيلة وطاقة قوية للتسويق والإنتاج، وهي السر في عرض أفلامه في التلفزيونات العربية والأجنبية وفي المهرجانات الدولية، من شريط "أحلام نساء" إلى "جواهر الحزن" والآن "صمت الزنازين".
وكشف المخرج المغربي المهاجر أن اشتغاله بمرجعية أنتربولوجية على قضايا المرأة، سببه دراسته الفلسفة والعلوم الإنسانية، ويقول "ما زالت داخل هذه القارة الجميلة أبحث وأنقب عن جواهر المواضيع النسائية، لست غريبا عن مجالات الانتربولوجيا التي تمنحني رؤية مغايرة للأشياء، أبحث عن العمق في العالم والإنسان وأتفادى الأشكال والمعالجات السطحية، لأنني أحترم ذكاء الإنسان أو المشاهد كيفما كان، المرأة كائن يعطي الحياة، وهي التي تضخ في أفلامي دماء الحياة".
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر