القاهرة - شيماء مكاوي
تحل الذكرى الأولى لرحيل عملاق المسرح المصري، الفنان سعيد صالح، السبت المقبل، الذي قدم تاريخًا فنيًّا طويلًا من الأعمال المسرحية والسينمائية والدرامية.
واسمه بالكامل سعيد صالح إبراهيم، ولد في 31 تموز/ يوليو العام 1939 في إحدى قرى محافظة المنوفية لعائلة متوسطة الحال؛ حيث كان والده أزهريًّا ويعمل في شركة الغاز، حصل على ليسانس الآداب من جامعة القاهرة العام 1960.
وظهرت الموهبة الفنية لنجم الكوميديا سعيد صالح مبكرًا، فانضم إلى المسرح المدرسي وشارك في المعسكرات الصيفية في مدينة الإسكندرية، كما كان عاشقًا للمسرح وكان يذهب إلي مسرح الأزبكية ويختبئ في طرقاته لمشاهده الممثلين من وراء الكواليس.
بدأ مشواره الفني من خلال فرق مختلفة في مسارح التلفزيون التي قدم بها الكثير من الأدوار الصغيرة، مما مكنه من لفت الأنظار إلى موهبته حتى جاءت انطلاقته الحقيقية عقب نجاحه في مسرحية "مدرسة المشاغبين" التي فتحت له أبواب النجومية، واشتهر بأدواره الكوميدية في السينما والمسرح، واشترك مع صديقه الفنان عادل إمام في تكوين ثنائي كوميدي بارز في تاريخ الفن المصري.
وفي العام 1984 أسس فرقة "مصر المسرحية" التي نجح من خلالها في تقديم 3 عروض متميزة ساهم فيها بالتمثيل والتلحين والغناء، كما تميز في المسرح السياسي الذي يناقش هموم وقضايا الأمة العربية، وقدم عشرات المسرحيات من هذا النوع مما عرضه للسجن أكثر من مرة؛ كان أولها العام 1983 بسبب مقولته الشهيرة "أمي أتجوزت 3 مرات الأول أكلنا المش والتاني علمنا الغش والثالث لا بيهش ولابينش" قاصدًا بذلك رؤساء الجمهورية الثلاثة الذين تناوبوا على حكم مصر بعد ثورة 1952.
بينما سُجن للمرة الثانية العام 1991 لاتهامه بتناول المواد المخدرة، وهو ما نفاه سعيد صالح عده مرات، مؤكدًا أن سجنه كان بسبب آرائه السياسية المعارضة والمنتقدة لنظام الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك.
وبلغت أعمال الفنان سعيد صالح خلال مشواره الفني أكثر من 500 فيلم سينمائي وأكثر من 300 مسرحية، ومن أبرز أعماله السينمائية "الهلفوت"، و"يا عزيزي كلنا لصوص"، و"المشبوه"، و"مع حبي وأشواقي"، و"سلام يا صاحبي"، و"بلية ودماغه العالية"، و"زواج بقرار جمهوري"، و"أمير الظلام".
ومن أبرز أعماله المسرحية: "هاللو شلبي"، و"مدرسة المشاغبين"، و"العيال كبرت"، و"كعبلون"، و"نحن نشكر الظروف"، و"كرنب زبادي"، و"حلو الكلام"، و"غراميات عفيفي"، و"سري جدًا جدًا".
ونال صالح الكثير من التكريم من قِبل المؤسسات الأهلية والرسمية؛ حيث تم تكريمه في الدورة الثانية لمهرجان "المسرح الضاحك" الذي نظمته "الجمعية المصرية لهواة المسرح" العام 1996، ومهرجان المركز الكاثوليكي للسينما العام 2007، بالإضافة إلى مهرجان الرواد المسرحي في دورته الثانية العام 2009.
تزوج سعيد صالح من فتاة تصغره بـ30 عامًا، بعد أن انفصل عن زوجته الأولى وأم ابنته الوحيدة هند، وقد ابتعد عن الفن لفترة طويلة بسبب تعرضه لأزمة صحية شديدة عقب إصابته بضيق في 3 شرايين تطلبت إجراء عملية قلب مفتوح، بالإضافة إلى إصابته بمرض السكري وجلطة في المخ.
وفي صباح يوم الجمعة الأول من آب/أغسطس الماضي رحل الفنان الكبير بعد تدهور صحته ودخوله العناية المركزة أكثر من مرة، ليدفن في مسقط رأسه في المنوفية، وافتقدت مصر برحيله واحدًا من الفنانين الكبار الذين قدموا أعمالاً حفروا بها أسماءهم في صخور التاريخ لتدوم بعد رحيلهم.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر