في اليوم الثاني لانطلاق فاعليات معرض "إكسبو دبي 2020"، كان حضور لبنان مميّزاً مع افتتاح رسميّ لجناحه الخاص، الذي يهدف إلى الاحتفال بأهمّ مورد في البلاد، وهو "شعبه". يجمع المعرض شخصيّات بارزة من مختلف المجالات لعرض مهاراتها ومواهبها، من الموسيقى والأفلام إلى عالم التصميم، بالإضافة إلى تقديم ثروة من المواهب والإبداع، ويدعو الزائرين إلى المشاركة في ورش عمل وحوارات وعروض ومعارض ومسابقات. ويستضيف الجناح اللبناني طهاة محترفين لإعداد المأكولات اللبنانية، ويقدّم فرصة لتذوّق النبيذ المحليّ. موقع الجناح اللبناني في منطقة الفرص، وساعات العمل ستكون من العاشرة صباحاً حتى العاشرة ليلاً. قامت مجموعة "بيل" بإنجاز الهندسة المعمارية للجناح. وجاء على صفحة "إكسبو" الرسمية: "يتجذّر الشعب اللبناني ليس على الصعيد المحليّ فحسب، لكن في العالم أيضاً. نهدف إلى إتاحة فرص لا نهاية لها مستخدمين عقولنا، مع توفير مصدر إلهام ودمج تقاليدنا مع رؤانا العالمية". وعنونت الصفحة بـكلمات "لبنان: شعبنا إلى العالم".
وللاطلاع على مواكبة لبنان لهذا الحدث العالمي، وأكد المدير العام لوزارة الاقتصاد محمد أبو حيدر أنّ المديرية العامة لوزارة الاقتصاد، ومنذ العام 2017 تعمل على التحضير لمشاركة لبنان في "إكسبو دبي". ورصد لبنان آنذاك مبلغ 7.5 مليارات ليرة لبنانية أي ما كان يساوي مبلغ 5 ملايين دولار أميركي، من أجل حضور لبنان ومشاركته في هذا الحدث العالمي. وقد فازت إحدى الشركات اللبنانية في مناقصة تجهيزات "إكسبو دبي". وتابع أبو حيدر أنّه بعد تدهور الليرة اللبنانية في السوق السوداء "بات المبلغ المرصود أي 7.5 مليارات ليرة لا يساوي أكثر من 400 ألف دولار، ما يعني أن المبلغ المرصود تدنّت قيمته إلى أقلّ من 9 في المئة. فقامت دولة الإمارات بتقديم بناء الجناح اللبناني داخل المعرض هبة للبنان؛ والشكر كبير لها، ولكلّ العاملين في التحضير لهذا الحدث العالمي، خصوصاً اللبنانيين المؤمنين بضرورة وأهميّة مشاركة لبنان".
ووجّه عازف القانون في الجناح البحريني تحيّة إلى الشعب اللبناني، وعزف لحن أغنية "بحبك يا لبنان" للسيّدة فيروز. أقيم، مساء السبت، حفل الإفتتاح الرسمي للجناح اللبناني في "إكسبو 2020 دبي"، بمشاركة وزيرَي الاقتصاد والتجارة أمين سلام والسياحة وليد نصار، رئيس اتحاد الغرف اللبنانية الوزير السابق محمد شقير، المدير العام لوزارة الاقتصاد والتجارة مفوض الدولة لـ"إكسبو" محمد أبو حيدر وسفير لبنان في الإمارات فؤاد دندن، وفي حضور النائبة ديما جمالي، الوزير السابق محمد رحال، نائب رئيس غرفة بيروت وجبل لبنان نبيل فهد، رئيس نقابة المطاعم في لبنان طوني الرامي، رئيس مجلس العمل اللبناني في أبو ظبي سفيان الصالح، رئيس مجلس العمل اللبناني في دبي شارل جحا، رئيسة المجلس اللبناني للسيدات القياديات مديحة رسلان، رئيس جمعية المعلوماتية المهنية في لبنان كميل مكرزل، وحشد كبير من الرسميين والسلك الديبلوماسي ووفود عربية وأجنبية مشاركة في "إكسبو 2020".
وأكد دندن، في كلمة الافتتاح، أن "جهوداً حثيثة وصادقة تضافرت لنقف اليوم في هذا الموقف ممثلين بلدنا الحبيب لبنان في هذا الحدث العالمي، الذي تستضيفه إمارة دبي في دولة الإمارات العربية المتحدة. وبفضل جهودها اجتمعت حولها كل الدول الشقيقة والصديقة لتثبت للعالم أجمع أنها تستحق الأفضل دائماً، وهي في طليعة من يكون على مستوى التحدي الحضاري المتمثل بجمع كل دول العالم تحت مظلة واحدة وعلى مدى ستة أشهر ويزيد وما يتطلبه هذا العمل الضخم من بنى تحتية وإنشاءات عملاقة ومرافق موازية... فبوركت سواعد البناء وعزائم التقدم والنجاح".
وأضاف دندن: "هنا لا بد من الإشارة بالشكر والعرفان، إلى مبادرة كريمة، من دولة الإمارات والقائمين على تنظيم هذا الحدث، الذين قدموا للبنان هذا الجناح أرضاً وتصاميم وإنشاءات، حرصاً منهم على مشاركة لبنان الفاعلة، رغم أزماته الاقتصادية والنقدية والمالية التي يمر بها"، متوجّهاً بـ"الشكر لمعالي السيدة ريم الهاشمي ومن خلال موقعها كوزيرة دولة لشؤون التعاون الدولي والمدير العام لمكتب (إكسبو دبي 2020) لقيادة دولة الإمارات وحكومتها الرشيدة على هذا الدعم والتقدير". كما أشار دندن إلى أنّه "إذا كان الهدف الأسمى لهذا الحدث العالمي هو تلاقي الأفكار بين الشعوب، وهذا ما سنسعى إليه ونعمل جاهدين على التواصل البناء والمثمر مع كل من يحقق هذا الهدف خدمة لقضايانا الوطنية ومصالحنا، وبالتالي خدمة لمصالح العمل العربي المشترك. إلا أنني أود الإشارة إلى أن الجناح البناني في الـ(إكسبو) سيعمل بموازاة ذلك، على إبراز قدرات الفرد اللبناني على العطاء والنجاح والإبداع".
وقال: "سنسعى ليكون هذا الجناح منصة لكل لبناني، ليقدم إسهاماته وبمختلف المجالات الإبداعية الفنية والثقافية والفكرية والتقنية والاقتصادية والتجارية. أمام الجناح اللبناني وبرؤية وتنظيم القائمين عليه بإشراف وإدارة شركةonce وشركائها والمتعاونين معها من المجتمع المدني اللبناني والقطاع الخاص، المقيم والمغترب، مهمة إبراز الصورة الحقيقية للبنان واللبنانيين التواقين لبناء وطن للفرح والعطاء والحياة، وليس مرتعا للإرتهان والتقاتل والموت". والقى أبو حيدر كلمة قال فيها: "في زمن القحط اللبناني والرجاء بالقيامة من جديد... جئنا نحمل إلى دولة الإمارات العربية المتحدة سنابل غلالنا التي تنحني بتواضع، ولكن بفخر امام العالم"، مضيفاً: "جئنا لنقول للعالم إننا شعب إرادته صلبة لا تكسر طالما أن أبناءه يسعون بالجهد والعمل للحفاظ على أسطورة طائر الفينيق، الذي كلما إشتعلت النيران في جسده قام من بين الرماد ليشع في فضاء الكون بصورة أجمل من سماء الصحو...جئنا لكي نقول أمام كل العالم المجتمع هنا، إننا سنستطيع أن نتجاوز الأزمة الراهنة مهما اشتدت العواصف. جئنا لنؤكد أن لبنان قوي طالما أن أشقاءه العرب هم السند ودليلنا على ذلك اليوم هو وقوف الإخوة في القيادة الإماراتية إلى جانبه، من خلال توفير كل ما يحتاجه ليكون شريكا في هذا العرس الإقتصادي العالمي، الذي نسجت خيوطه أيد عربية على أرض عربية".
وأكد أبو حيدر أنّ "مشاركتنا اليوم في ظل الأوضاع الإقتصادية الصعبة، تؤكد أننا قادرون على التحول من اقتصاد ريعي إلى إقتصاد منتج يدر العملات الصعبة تجاه لبنان وهي مشاركة ما كانت لتتحقق لولا أمرين: الأول بناء دولة الإمارات الشقيقة هذا الجناح اللبناني بكافة تفاصيله... من بابه إلى محرابه، كهبة كريمة من الأشقاء الإماراتيين وبمتابعة شخصية من المدير التنفيذي للاكسبو عمر شحادة". وأشار أبو حيدر إلى أنّ "الأمر الثاني الذي ثبت حضورنا اليوم، هو الشراكة اللبنانية بين القطاعين العام والخاص... فالقطاع الخاص أخذ على عاتقه تأمين متطلبات نجاح مشاركة القطاع العام المادية بصفر كلفة على خزينة الدولة اللبنانية المرهقة أصلا بإستحقاقات لا تعد ولا تحصى، وهي تجربة نأمل أن تعمم في مختلف المجالات. وهنا لا يفوتني أن أتوجه بكلمة شكر أخص خلالها رئيس الهيئات الإقتصادية محمد شقير ومعه الهيئة الإدارية لغرفة التجارة والصناعة والزراعة في بيروت وجبل لبنان على ما قدموه في سبيل نجاح لبنان في (إكسبو دبي 2020)".
وأكد شقير أنّ "هذا هو مكان لبنان الطبيعي، وهذا ما يستحق أن يكون عليه بلدنا، لأن ما نراه يعكس صورة لبنان الحقيقية وصورة اللبناني المقدام والمبدع، الذي غمر العالم بقصص النجاح والانجازات"، مضيفاً أنّه "نحن هنا اليوم، بفضل ولي عهد دبي الشيخ محمد بن راشد الذي أصر على أن يكون بلدنا في قلب هذا الحدث العالمي في دبي، فقدم لنا هذا الجناح المميز، لذلك بإسمي وبإسمكم جميعا نتقدم بالشكر الجزيل لدولة الإمارات وللشيخ محمد بن راشد الذي يكن محبة خالصة للبنان وشعبه، ونحن نقول له إن هذه المحبة متبادلة، وتبقى الإمارات ودبي في قلب كل لبناني". وأكد شقير أن "اتحاد الغرف اللبنانية، لم يتوان لحظة واحدة في تحمل المسؤولية، وهذا ما حصل عندما تم تكليفه من قبل الحكومة اللبنانية بتنظيم الجناح اللبناني في EXPO 2020 دبي بالتعاون مع وزارة الاقتصاد والتجارة، لأننا ندرك جيدا أهمية وجود لبنان بمختلف قطاعاته الاقتصادية والحضارية والثقافية في EXPO 2020 دبي، ولأننا ندرك أيضا مدى الخطر على هوية لبنان في حال غاب عن المسرح العالمي، وكذلك ندرك أن صموده في مواجهة الأزمة والعودة الى النهوض هو بالخروج الى العالم وليس التقوقع في الداخل".
وفي كلمته، أكد نصار على "أهمية مشاركة لبنان في أكسبو2020 ووجوده بين 191 دولة من حول العالم"، مشيرا الى أن "الجناح اللبناني سيشكل جسر عبور بين لبنان والعالم، وهذا ما يشكل فرصة فريدة من نوعها يجب الاستفادة منها الى أبعد الحدود"، متوجّهاً إلى الأطفال المشاركين في حفل الافتتاح، قائلاً: "نحن كحكومة جديدة نعدكم أننا سنقوم بكل جهودنا وقوتنا لاستعادة ثقتكم ببلدكم"، داعياً "الانتشار اللبناني الذي يشكل ركيزة أساسية لوطننا الى الثقة بوطنه والوقوف الى جانبه لتجاوز هذه الأزمة التي يعني منها". وألقى سلام كلمة عبّر فيها عن "مشاعر الحب والاحترام الشديد لدولة الإمارات ولشعبها"، مؤكداً "عمق العلاقات التاريخية والأخوية بين لبنان والامارات". كما شدّد على "أهمية وقوف الإمارات الى جانب لبنان وإحتضان الجالية اللبنانية". وقال: "معكم يا إخواني العرب سنركع المستحيل ونحطم قيود اليأس والاحباط، وسنرفع أسايف النصر في وجه التخلف والخوف والتردد، لنكون أمة تتكحل بالعزيمة والارادة والاقدام"، مخاطبا إياهم قائلا: "اللبنانيون ينادونكم لتكونوا شموسا منيرة في وطنهم لبنان. فأنتم يا اخواني العرب كنتم وما زلتم معقلاً للحركة الحضارية ونبراس الشموخ والعزة والكبرياء".
وقال سلام: "قدري أن أجيئكم محبّاً داعياً إلى التضامن من أجل مستقبل عربي تخضر الاعشاب لحضوره وتثمر الاشجار وتغرد الأطيار وتشمخ بسموه سحر التطور والتقدم والازدهار". وعبّر عن "افتخاره اعتزازه بإنجاز الجناح اللبناني ضمن الفترة القصيرة وبالتعاون المثمر بين القطاعين العام والخاص"، آملاً أن "يتوسّع هذا التعاون الى مختلف المجالات". وقال: "اليوم حضورنا في (إكسبو 2020) بين 191 دولة هو إنجاز للبنان ولكل لبناني، على أمل الاستفادة منه خلال الاشهر الستة المقبلة بما يحقق الفائدة القصوى للبنان واللبنانيين". وكانت جولة للمشاركين في الافتتاح في الجناح للاطلاع على أقسامه كافة وكل القطاعات المشاركة.
قد يهمك أيضاً :
القدس حاضرة في دبي وجناح لفلسطين في "إكسبو 2020"
قرداحي يعتبر "إكسبو دبي 2020" مدعاة فخر لجميع الشعوب العربية
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر