بيروت- المغرب اليوم
يتفاقم يأس المزارعين وأصحاب معاصر الزيتون في لبنان من قدرة الحكومة على معالجة مشكلة المحروقات قبل جني المحاصيل، والتي استفحلت بشكل كبير طيلة الأشهر الأخيرة، وهو ما ينذر بتكبد القطاع لخسائر أكثر من المتوقع في ظل انهيار الليرة وارتفاع تكاليف التشغيل والتسويق وشح السيولة النقدية في السوق.
ويجد المزارعون ومعاصر الزيتون في لبنان مع استعدادهم لجني محصول هذا العام والمفترض أن يبدأ مطلع أكتوبر المقبل أنفسهم في موقف صعب في ظل انعدام الكهرباء وفقدان مادة المازوت (الديزل) وارتفاع تكاليف الإنتاج.
ويشكو أصحاب المعاصر المنتشرة بمختلف البلدات والقرى اللبنانية، وخاصة في منطقة عكار والتي بدأ أصحابها تحضيراتهم الروتينية لاستقبال ثمار الزيتون من معضلة لطالما كانت أحد الأسباب في جعل أعمالهم تصاب بالشلل.
ويطالب أهل القطاع السلطات وخاصة وزارات الطاقة والزراعة والصناعة بالإسراع في تأمين المشتقات النفطية المدعومة للمعاصر وإلا فإنهم مقبلون على “كارثة حقيقية”.
ويؤكد إلياس الراسي وهو مالك لمزارع زيتون وصاحب إحدى هذه المعاصر في محيط بلدة حلبا أن ما يواجهونه هذا العام مختلف تماما عن المواسم السابقة.
وتسيطر المخاوف على الراسي كغيره من أصحاب المعاصر من عدم القدرة على عصر زيتون عكار ما لم تقدم الجهات المعنية على توفير التيار الكهربائي أو مادة المازوت لتشغيل المعاصر ولتأمين نقل ثمار الزيتون من البساتين إليها.
ونسبت وكالة الأنباء اللبنانية الرسمية إلى الراسي قوله إن “كلفة النقل والعصر مع الارتفاع الكبير في أسعار المحروقات سيلقي بتبعاته على المزارعين والمستهلكين على السواء، إضافة إلى ارتفاع تكاليف اليد العاملة للقطاف ولعمال المعاصر”.
ويعني هذا الأمر أن هناك ارتفاعا كبير جدا سيطرأ على سعر صفيحة الزيت سعة عشرين لترا، التي كانت تباع العام الماضي ما بين نحو 150 إلى 300 ألف ليرة أي نحو مئة دولار بحسب جودة الزيتون والزيت.
ويوازي هذا المبلغ اليوم حسب سعر الصرف الرسمي نحو 996 دولارا، وهذا رقم كبير على المستهلكين إذ أن كل أسرة لبنانية بحاجة إلى نحو 60 لترا من زيت الزيتون كمؤونة سنة كاملة.
ويلمح الراسي إلى أن مخاطر عدم توافر المحروقات ربما ستتسبب بعدم إمكان عصر الزيتون ما يعني تلف المحصول وخسارة موسم كامل لا يمكن تعويضها على الإطلاق.
ولا يعود موسم الزيتون بالنفع على من يعملون بالقطاع لإنتاج الزيت فحسب، بل يمتد إلى إنتاج الصابون الذي يصنع للتدفئة وهو يعتبر من أساسيات اقتصاديات أبناء المنطقة التي يعول عليها للصمود في وجه ارتفاع تكاليف المعيشة.
ويتجاوز عدد معاصر الزيتون في عموم لبنان 500 معصرة زود معظمها خلال السنوات القليلة الماضية بمعدات تحويل بقايا عصر الزيتون إلى حطب للتدفئة.
ويحتل الزيتون المرتبة الثالثة من حيث المساحات الزراعية اللبنانية، حيث يبلغ عدد أشجاره حوالي 12 مليون شجرة، بينها أكثر من 2500 شجرة رومانية معمرة.
أما أكثر المناطق شهرة بزراعة الزيتون فهي مناطق مرجعيون وحاصبيا في جنوب لبنان، والكورة وبشري في شمال البلاد.
ويشكل زيتون المائدة حوالي 30 في المئة من إنتاج الزيتون اللبناني، أما الباقي فيتم عصره للحصول على زيت المائدة الغني بالفوائد الصحية، فيما يستخدم زيت الزيتون الأقل جودة في صناعة الصابون.
ويرى طوني رعد الرئيس السابق للجمعية التعاونية الزراعية في القبيات أن المرحلة الصعبة التي تمر بها البلاد عموما، تنعكس بشكل كبير كافة قطاعاته الزراعية والإنتاجية في ظل تدني سعر صرف الليرة أمام الدولار.
ويشرح رعد حجم الصعوبات التي تواجه قطاع الزيتون وتصنيعه قائلا إن “إنتاج الزيت في منطقة الدريب الأعلى والتي تضم القبيات وأكروم ووادي خالد مرتبط بعدد نصوب الزيتون في هذه المنطقة التي تقارب 300 ألف شجرة”.
وأشار إلى أن الإنتاج السنوي من زيت الزيتون يتراوح ما بين 25 و40 ألف صفيحة حسب وفرة الإنتاج لكل موسم، وأنه يوجد في المنطقة التي يسكنها 8 معاصر متفاوتة الحجم والإنتاج، تعمل بمعدل سبعين يوما في الموسم.
وفي الموسم الماضي، تراوحت تكاليف عصر الصفيحة ما بين 15 ألف ليرة و25 ألف ليرة (10 و16.6 دولار)، وينضاف إلى ذلك تكاليف جني الزيتون وكل الأعمال المرتبطة بها من الزراعة والمبيدات وغيرها.
أرقام عن القطاع
● 500 معصرة في عموم لبنان
● 12 مليون شجرة زيتون منتجة
● 13 دولارا تكلفة ساعة العامل
وكان يتقاضى عامل المعصرة 7 آلاف ليرة (4.6 دولار) عن كل ساعة عمل، وكانت المحروقات لإدارة المولدات زهيدة الثمن حيث يبلغ طن المازوت 730 دولارا.
وتشير تقديرات إلى أن كل معصرة من معاصر الجمعية التعاونية الزراعية في القبيات تنتج ما بين 2500 وستة آلاف صفيحة سنويا بحسب وفرة الإنتاج.
ويجزم رعد أن موسم هذا العام يواجه مخاطر حقيقية بسبب عدم وجود محروقات، وإن وجدت فبسعر السوق السوداء، وبدل أتعاب العامل ارتفعت إلى نحو 13 دولارا للساعة الواحدة. وقال إن “كل ذلك سينعكس ارتفاعا جنونيا في كلفة الإنتاج”.
ويشهد لبنان منذ صيف 2019 انهيارا اقتصاديا متسارعا هو الأسوأ في تاريخ البلاد، وقد فاقمه انفجار مرفأ بيروت في العام الماضي وإجراءات مواجهة الجائحة والقيود التي فرضها المصرف المركزي على سحب الودائع ورفضه تمويل استيراد السلع الأساسية.
وبحسب البيانات الرسمية، فإن أشجار الزيتون تشغل حوالي 563 كيلومترا مربعا من مساحات الأراضي في لبنان، أي ما يمثل 5.4 في المئة من الأراضي أو ثمانية في المئة من إجمالي الأراضي الزراعية معظمها أراض بعلية ونحو 8 في المئة فقط من حقول الزيتون المزروعة مروية.
وتقدر المساحات المزروعة بالزيتون بحوالي سبعة آلاف هكتار من أصل 80 ألف هكتار المساحة الإجمالية لمحافظة عكار، وأن نحو 70 في المئة من أشجار الزيتون معدة لإنتاج الزيت، أما ما تبقى فهو لإنتاج زيتون المائدة كمؤونة.
قد يهمك ايضًا:
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر