لندن ـ المغرب اليوم
أظهر تقرير حكومي في المملكة المتحدة، يوم أمس الجمعة، أنّ المستهلكين البريطانيين شهدوا أطول موجة انخفاض في قدرتهم الشرائية منذ سبعينات القرن العشرين (أي منذ أكثر من 40 سنة)، بالتزامن مع صدور بيانات رسمية بريطانية التي تؤكد تباطؤ النمو في بريطانيا إلى مستوى 0.2 في المائة فقط خلال الربع الأول من العام الجاري، لكنّ التقرير الحكوميّ قد أشار في ذات الوقت إلى أن هناك مؤشرًا على أن الاقتصاد ربما اكتسب بعض الزخم في الآونة الأخيرة، ومع بلوغ النمو معدل 0.2 في المائة فقط، تصبح المملكة المتحدة الدولة الأسوأ في هذا المجال ضمن مجموعة الدول الصناعية السبع في الربع الأول من العام، وتعطي الأرقام الصادرة عن مكتب الإحصاءات الوطنية صورة قاتمة للمستهلكين الذين يواجهون الصدمة المزدوجة الناتجة عن تباطؤ نمو الأجور وارتفاع التضخم، الذي يرجع إلى عدّة أسباب على رأسها انخفاض قيمة الجنيه الإسترليني منذ التصويت لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي.
وصرّح مكتب الإحصاءات الوطنية بأنّ الدخل القابل للانفاق، المعدل في ضوء التضخم، انخفض إلى الربع الثالث على التوالي، وعزا ذلك في جزء منه إلى توقيت دفع الضرائب، وتمثل موجة الانخفاض أسوأ موجة من نوعها منذ السبعينات، كما هبط معدل الادخار إلى أدنى مستوى على الإطلاق عند 1.7 في المائة، ويبدو أنّ الاستهلاك المنزلي يتعثّر، بعد أن كان المحرّك الرئيسي للنمو البريطاني عام 2016، خصوصًا بعد التصويت على الخروج من الاتحاد الأوروبي، ويأتي تضخم الأسعار نتيجة الزيادة في أسعار السلع المستوردة التي سبّبت تراجع سعر العملة منذ إجراء الاستفتاء، ويتوقّع خبراء اقتصاديون أن تكون نسبة نمو عام 2017 أقلّ من نسبة النمو في العام الماضي، بسبب ضعف الاستهلاك والأخطار التي ترخي بثقلها على استثمارات الشركات نتيجة المفاوضات غير المؤكدة بشأن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، ويترقب بنك إنكلترا المركزي مؤشرات على تسارع الاقتصاد بعد بداية ضعيفة هذا العام،
في الوقت الذي يسعى فيه لتحديد موعد زيادة أسعار الفائدة للمرة الأولى في عشر سنوات، كما أكّد مكتب الإحصاءات الوطنية أنّ الاقتصاد نما 0.2 في المائة فقط في الفترة بين شهريّ كانون الثاني\يناير وآذار\مارس، مقارنة مع الأشهر الثلاثة السابقة، ليسجل بذلك تباطؤًا حادًا مقارنة مع وتيرة النمو في الربع الأخير من 2016، والتي بلغت نسبتها 0.7 في المائة على أساس ربع سنوي، ويتوقّع بنك إنكلترا المركزي أن تزيد وتيرة النمو إلى 0.4 في المائة في الربع الثاني، رغم النتائج غير الحاسمة للانتخابات العامة التي أجريت هذا الشهر، معلنًا بأنّه قد يبدأ في رفع أسعار الفائدة "إذا زادت الصادرات والاستثمار في الأشهر المقبلة".
ولفت مكتب الإحصاءات الوطنية إلى أنّ قطاع الخدمات، المهيمن على اقتصاد بريطانيا، نما بوتيرة شهرية بلغت 0.2 في المائة في شهر نيسان\أبريل، بما يقلّ قليلا عن مستواه في شهر آذار\مارس، لكن نمو القطاع في ثلاثة أشهر حتّى نيسان\أبريل بلغ 0.2 في المائة، ارتفاعًا من مستوى 0.1 في المائة فقط في الثلاثة أشهر الأولى من العام، وأشار المكتب إلى أنّ استثمارات الشركات زادت بنسبة 0.6 في المائة على أساس ربع سنوي في الأشهر الثلاثة الأولى من 2017، دون تغيير عن التقديرات السابقة، وبما يعوض جزئيًا انخفاضًا في الربع الأخير، وأضاف المكتب أنّ عجز ميزان المعاملات الجارية البريطاني زاد إلى 16.9 مليار جنيه إسترليني في الفترة بين شهري كانون الثاني\يناير وآذار\مارس 2017، بما يعادل 3.4 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، مرتفعًا من مستوى 2.4 في المائة في الربع الأخير من العام الماضي، ويرجع السبب الرئيس وراء ارتفاع العجز إلى ضعف أداء الميزان التجاري لبريطانيا في مطلع 2017،
وإن كان العجز جاء أقل قليلًا من متوسّط التوقّعات البالغ 17.3 مليار جنيه في استطلاع أجرته رويترز لآراء عدد من الخبراء الاقتصاديين.وفي إطار تفاصيل النمو الإجمالي للاقتصاد في أوائل 2017، قال مكتب الإحصاءات الوطنية إن إنفاق المستهلكين نما بوتيرة أبطأ مقارنة مع أواخر 2016، ليرتفع 0.4 في المائة، مقارنة مع مستوى 0.7 في المائة في الربع الرابع الماضي، وانخفض الدخل الحقيقي القابل للانفاق بمعدل 1.4 في المائة على أساس ربع سنوي، وهو ثالث هبوط على التوالي، وأكبر تراجع منذ الربع الأول من عام 2013.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر