كشفت نادية فتاح العلوي، وزيرة الاقتصاد والمالية، أنه منذ الشروع في إصلاح نظام سعر الصرف شهر يناير 2018 ظلت النتائج إيجابية بالنظر إلى الأهداف التي حددتها السلطات العمومية، رغم السياق الدولي الحالي الذي تطبعه أجواء من عدم اليقين والمخاطر التي مازالت تخيم على النشاط الاقتصادي، وخصوصا جراء تداعيات كوفيد 19 واستمرار التوترات الجيوسياسية.
وحول حصيلة هذا الإصلاح قالت الوزيرة إن “سوق الصرف الأجنبي ظل في حالة اكتفاء ذاتي وتوازن في عمليات الفاعلين الاقتصاديين بالعملات الأجنبية، دون الحاجة إلى اللجوء إلى البنك المركزي، كما ظل سعر صرف الدرهم في سوق ما بين البنوك شبه مستقر ضمن نطاق التقلبات”.
وأوضحت العلوي ضمن جواب عن سؤال برلماني أن “الاحتياطات الأجنبية لبنك المغرب لم تتعرض لأي ضغوط، إذ بقيت في مستويات مناسبة، تمكن من تغطية حوالي 5,5 أشهر من واردات السلع والخدمات، حيث سجل صافي الأصول الاحتياطية الرسمية لبنك المغرب ارتفاعا بحوالي 7 مليارات درهم حتى متم دجنبر 2022 مقارنة مع متم دجنبر 2021”.
وحافظت احتياطيات الصرف للبنوك، تضيف الوزيرة، على مستوى مقبول في حدود 20 مليار درهم حتى متم شهر دجنبر 2022. “وفي ما يتعلق بسوق ما بين البنوك فقد ساعد إصلاح نظام الصرف على تحسين السيولة في السوق المحلية وتعزيزها، حيث ارتفع حجم التداولات اليومية بين البنوك بنسبة 117 مقارنة مع سنة 2021، ليصل إلى حوالي 43 مليار درهم شهريا في المتوسط سنة 2022”.
وفي ما يخص الخطوات القادمة لإصلاح نظام الصرف، قالت المسؤولة الحكومية ذاتها، جوابا عن سؤال للفريق الحركي، إن “الظرفية الاقتصادية الدولية الحالية المضطربة غير ملائمة للانتقال إلى المرحلة الموالية من إصلاح نظام الصرف في اتجاه تحرير إضافي للدرهم”.
وتابعت العلوي، في السياق ذاته، بأن “التحرير الكلي لسعر صرف الدرهم لا يمكن أن يتم في ظل تفاقم العجز التجاري والضغوط التضخمية التي تواجه الاقتصاد الوطني حاليا، ناهيك عن موجة التضخم المستمرة في الارتفاع بشكل كبير؛ إلا أنه في انتظار تقلص المخاطر والشكوك المرتبطة بها تواصل السلطات العمومية استعداداتها في إطار هذا الإصلاح عبر مواصلة تطوير سوق الصرف والأدوات التحوطية ضد المخاطر المالية، ومواكبة وتحسيس الفاعلين الاقتصاديين، لتمكينهم من إدارة أفضل لهذه المخاطر، وكذا الاستعداد لانتقال السياسة النقدية إلى إطار استهداف التضخم”.
تحذيرات
من جانبه ربط عمر الكتاني، خبير اقتصادي، تعويم الدرهم بضغوط مؤسسات مالية دولية، مشيرا إلى أن “صندوق النقد الدولي عندما ضغط لتعويم سعر صرف الدرهم لم يكن الوضع النقدي بالمغرب بحالة سيئة جدا، ولكن كانت هناك مطالب لتعويم السعر لتخفيض قيمة الدرهم لأن الاقتصاد المغربي كان قد بدأ يأخذ طابعا دوليا، وبعض الاستثمارات المغربية في إفريقيا تأخذ حجما كبيرا”، وموضحا أن “رئيسة صندوق النقد الدولي – وهي فرنسية – كانت تنظر إلى وضعية الاقتصاد المغربي كمنافس للاقتصاد الفرنسي بشكل خاص، وأحد أساليب تقليص هذه المنافسة هو خفض قيمة الدرهم، ما سيساهم في ضعف استثمارات المغرب في إفريقيا من جهة، وخفض كلفة الاستثمارات الأجنبية داخل المملكة”.
وأوضح الكتاني، في تصريح لهسبريس حول حصيلة تعويم الدرهم المغربي، أن “ذكاء ووطنية والي بنك المغرب دفعاه إلى اقتراح أن يكون التعويم تدريجيا، عكس ما كان يريده صندوق النقد الدولي”، مبرزا أن الذي حافظ إلى حد ما على قيمة الدرهم ليس التعويم، ولكن طريقته التي جعلته يمر عبر 20 سنة، واصفا الخطوة بـ”العملية البيداغوجية لتلبية الضغوط التي خضع لها بنك المغرب من جهة، وفي آن واحد تجنيب الاقتصاد المغربي الصدمة عن طريق تعويم كامل للدرهم”.
كما أشار الباحث ذاته إلى أن “التعويم ليس فقط ما حافظ على قيمة الدرهم، ولكن كذلك رفع سعر الفائدة للبنك المركزي بطريقة تدريجية ومعتدلة، لمقاومة التضخم ولامتصاص صدمة التضخم العالمي الذي عانى منه المغرب”، وتابع في السياق ذاته بأن “التضخم مازال قائما بالمغرب، وهو ما يعني بشكل غير مباشر إضعاف قيمة الدرهم”، وزاد: “إذا لم يقاوم المغرب التضخم ستتجدد ضغوط صندوق النقد لتسريع التعويم. لا يمكن القول إننا مرتاحون لحالة الدرهم ونسبة التضخم تتراوح بين 8 و12 في المائة”.
وحول حديث وزيرة المالية عن وجود المغرب في وضعية غير مواتية لتسريع وتيرة التعويم، وكي يتم التحرير الكلي لسعر صرف العملة، قال الكتاني إن “هذه إشارة إلى أنه مازالت هناك طلبات من مؤسسات دولية للتسريع والاستمرار في التعويم، وإلى أنه لولا وقوف والي بنك المغرب لمواجهة هذه الضغوط لكانت وضعية الاقتصاد المغربي لا تحمد عقباها”.
وشدد المتحدث ذاته على أن “الأخطار التضخمية مازالت تهدد الاقتصاد المغربي، ففي حال استمرار هذه الضغوط التضخمية سيكون التعويم حجة منطقية لدى المؤسسات الدولية لمطالبة المغرب بإعادة تقييم قيمة الدرهم؛ وإذا لم تتخذ الدولة تدابير سريعة لمحاربة التضخم ستعطي حججا إضافية للنقد دولي لمزيد من الضغط لتعويم العملة وسحب حمايتها من طرف بنك المغرب”.
من جهة أخرى نبه الباحث إلى أن “40 في المائة من قيمة الدرهم المغربي مرتبطة بالدولار، في ظل توقعات مستقبلية قاتمة بالنسبة له، ونية عدد من الدول التخلي عن التجارة بهذه العملة”، متسائلا: “إذا سقط الدولار فما مصير الدرهم المغربي إذا استمر التعويم في إزالة التغطية الحمائية لبنك المغرب”.
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :
وزارة المالية المغربية تكشف معايير إنتقاء المحامين المُتعاقدّين مع الوكالة القضائية للمغرب
وزيرة الاقتصاد والمالية المغربية تكشف عن الإجراءات التي تعتزم الحكومة القيام بها في مجال الإصلاح الجبائي
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر