الجزائر ـ ربيعة خريس
ألقت تداعيات قانون الموازنة لعام 2017 بظلالها مبكرًا على الشارع الجزائري، وأثارت الضرائب والرسوم التي أقرَّتها الحكومة الجزائرية في مشروع القانون، هلع التجار الجزائريين، واضطر عدد كبير منهم الى تخزين كميات كبيرة من السلع ذات الاستهلاك الواسع، كالزيت والسكر والعجائن والبن للاستفادة من هامش ربح اضافي.
وشهدت أسواق التجزئة والجملة، في محافظة الجزائر العاصمة ارتفاعًا ملحوظًا في اسعار المواد ذات الاستهلاك الواسع، وهو ما اثار سخط واستياء المواطن الجزائري الذي أثقلت كاهله الضرائب والرسوم التي اقرتها الحكومة الجزائرية في قانون الموازنة لعام 2017.
ولم يُعر التجار الجزائريون، الذين لجأوا الى الرفع من الاسعار قبيل دخول قانون الموازنة الجديد حيز التطبيق، اهتمامًا بالقدرة الشرائية للمواطن الجزائري، وينتظر التجار أن تلتهب الأسعار بداية من الشهر المقبل بسبب قرار الحكومة الجزائرية القاضي برفع الدعم عن المواد الأساسية.
مواطنون متذمرون
ويقول حمزة ـ موظف جزائري ـ وأب لأربعة أطفال، إنه لم يعد قادرًا على تحمل ارتفاع أسعار الموادّ ذات الاستهلاك الواسع، مشيرًا الى أن راتبه الشهري لا يكفيه حتى لسد حاجيات أبنائه الضرورية. وأبدى استياءه وسخطه من الغلاء الفاحش في مختلف أنواع السلع والخضر والفواكه سواء المستوردة أو المصنعة محليًا.
وحمًل حمزة في تصريح له "العرب اليوم" الحكومة مسؤولية الفوضى القائمة في الاسواق مصالح التجارة
الجزائرية، موضحا أنها المسؤولة عن ضبط الأسعار ومحاربة المضاربة ووضح حد لطمع وجشع التجار.
ودقت المعارضة الجزائرية وتنظيمات حقوقية ناقوس الخطر، محذرة من تكرار سناريو أحداث " الزيت والسكر " التي تفجرت عام 2010، بسبب ارتفاع اسعار مادتي الزيت والسكر، وأخذت شكل مواجهات عنيفة بين قوات الأمن والمحتجين تخللتها انحرافات وأعمال تخريب مسَّت الكثير من المحافظات واعتداءات على المواطنين الجزائريين وممتلكاتهم.
الجبهة الاجتماعية على صفيح ساخن
وحذرت الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الانسان، وهي أبرز تنظيم حقوقي في الجزائر، من تدهور الأوضاع في الجزائر، وقالت إن هناك دلالات واضحة على أن الجبهة الاجتماعية الجزائرية على صفيح ساخن، والشارع الجزائري مهدد بانفجار اجتماعي وشيك. وقالت الرابطة، في بيان سابق لها إن السلطات الجزائرية غير قادرة على السيطرة على بعض المستوردين والمنتجين، وذكرت إن الحكومة الجزائرية مطالبة بالتدخل لتهدئة الأوضاع.
وعبر التنظيم الحقوقي البارز، عن قلقه وسخطه الشديد من ارتفاع اسعار المواد ذات الاستهلاك الواسع والتي لها علاقة بالحياة اليومية للمواطن الجزائري، وبلغة الأرقام أوضحت الرابطة أن الأسعار ارتفعت كثيرا وهي مرشحة للارتفاع أكثر خاصة مع حلول العام الجديد. وذكرت الرابطة أن هذه الأسعار لم تعد مناسبة مع قدرات المستهلك الجزائري في ظل الأوضاع الاقتصادية والمعيشية الصعبة التي يمرُّ بها المواطن الجزائري.
ومن جهته أرجع رئيس المنظمة الجزائرية لحماية المستهلك الجزائري، مصطفى زبدي، ارتفاع الأسعار الى جشع التجار والسماسرة الذين ضاعفوا من الرسوم الموجودة في قانون الموازنة لعام 2017. وقال زبدي، في تصريحات صحافية خصَّ بها " العرب اليوم " إن أسعار المواد ذات الاستهلاك الواسع عرفت ارتفاعا كبيرا مقارنة بالأسواق الدولية، مشيرا الى ان المنتجين والمصنعين استغلوا هذه المرحلة للرفع من الأسعار بحجة قانون الموازنة لعام 2017، وطالب رئيس المنظمة الجزائرية لحماية المستهلك، وزير التجارة الجزائري، بختي بلعايب بإيفاد لجان تحقيق للأسواق تعمل على إعادة التوازن لها ومحاربة الجشع.
وعبرت العديد من النقابات الفاعلة في الساحة الاجتماعية، عن استيائها من ارتفاع أسعار المواد ذات الاستهلاك الواسع، وقالت إن الموظف الجزائري يعاني من انخفاض رهيب في القدرة الشرائية، والحكومة الجزائرية لم تعالج بشكل مدروس قضية الأجور.
وكشفت دراسة قامت بها النقابة الوطنية المستقلة لمستخدمي الادارة العمومية، عنونت بـ " تدهور القدرة الشرائية للمواطن الجزائري " أن الأجر الأدنى الواجب توفيره لعائلة مكونة من 5 أفراد يجب ألا يقل عن 6 ملايين و 3 آلاف دينار.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر