دخلت الحكومة الجزائرية في سباق مع الزمن لإعادة النظر في سياسية الدعم الاجتماعي التي أثقلت كاهل خزينتها العمومية ، بسبب تعميم عمليات الدعم على الفئات كافة ، وتحمل الفارق بين السعر الحقيقي والسعر المطبق في السوق.
وقالت مصادر حكومية لـ"المغرب اليوم" إن وزارة المال الجزائرية ، ووزارة التضامن الوطني والأسرة ، ووزارة العمل والتشغيل قررتا تشكيل لجنة وزارية مشتركة تعكف على إحصاء العائلات المعوزة ذوي الدخل الضعيف ، من خلال الاستناد على معايير تتمثل في حجم الدخل الشهري وعدد أفراد العائلة، للتعرف على إمكانيتها المالية.
وسيكون الدعم الاجتماعي الذي ستعتمده الحكومة الجزائرية مستقبلًا في شكل منح شهرية تستفيد منها العائلات المعوزة التي ستحددها اللجنة الوزارية المشتركة ، في وقت ستسعى الحكومة في الرفع تدريجيًا من رفع دعم الأسعار بشكل تدريجي لتفاد الدخول في صراعات مع الجبهة الاجتماعية التي تشهد حراك بسبب الاحتجاجات العمالية التي عرفتها الساحة أخيرًا.
وفرض التحول والاقتصادي والمالي الذي تشهده البلاد جراء تهاوي أسعار النفط في الأسواق الدولية على الحكومة الجزائرية مراجعة ملف الدعم الاجتماعي الذي يعتبر من أبرز المحاور التي تضمنها مخطط حكومة عبد المجيد تبون ، ووضعها في مقدمة أولوياته تماشيًا مع الأزمة التي تمر بها البلاد.
واضطرت حكومة عبد المالك سلال السابقة بسبب تدهور أسعار النفط ونضوب أموال صندوق ضبط الإيرادات وتراجع صندوق احتياطي الصرف الذي يحتوي على 100 مليار دولار إلى مراجعة ملف التحويلات الاجتماعية في قانوني الموازنة لعامي 2016 و 2017 ، حيث كشفت التقديرات المعتمدة في القانونين على أن الإحصائيات المعتمدة ، بأن التحويلات الاجتماعية من ميزانية الدولة لعام 2017 تقدر بـ 1630,8 مليار دينار جزائري أي ما يعادل 14, 95 مليار دولار ، أي ما يعادل 8,4% من الناتج المحلي الخام بانخفاض قيمته 210,8 مليار دينار.
وتتوزع التحويلات الاجتماعية بين دعم الأسر والعائلات التي تقدر بنحو 413,5 مليار دينار أي ما يعادل 3,79 مليار دولار ، وقد عرف هذا الشق انخفاضًا يقدر بـ 7% في قانون الموازنة 2016.
ويرى خبراء ومتتبعون للشأن الاقتصادي ، أن مراجعة ملف الدعم الاجتماعي هي بمثابة صعبة بانتظار الحكومة الجديدة ، وهي تتوقف على ضرورة أن يبنى هذا الأمر على معطيات دقيقة لأن أغلب المستفيدين هم من الأغنياء وأصحاب الدخل المرتفع.
وقال الخبير الاقتصادي مراد شنايت ، في تصريحات لـ"المغرب اليوم" إن الحكومة الجزائرية مطالبة اليوم وأكثر من أي وقت مضى بمراجعة ملف الدعم الاجتماعي ، وترشيد الإنفاق العمومي والتخلي عن بناء السكنات الاجتماعي هذا الملف الذي أثقل كاهل الدولة الجزائرية كثيرًا ، فهي تتكبد مصاريف إضافية هي في غنى عنها.
وأكد الخبير الاقتصادي أن الحل ألأنسب لمراجعة ملف التحويلات الاجتماعية يقضى بتحديد دقيق للفقراء الذين يستحقون الاستفادة من الدعم المباشر والحد من الفوضى التي تطال مبالغ مالية كبيرة تصرفها الدولة على المواد الغذائية.
وشدد شنايت على أن الحكومة الجزائرية رفضت في وقت سابق التخلي عن سياسية الدعم الاجتماعي والالتزام بها خوفًا من انفجار قد يجر البلاد إلى ما لا يحمد عقباه ، لكنها اليوم وبالنظر إلى الأزمة المالية الخانقة التي تمر بها مجبرة على إعادة النظر فيه.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر