تسيطر مخاوفُ كبيرة من نتائج تَباطؤ النموّ الاقتصادي في المغرب، إذ أكّدت المندوبية السامية للتخطيط في تقريرها الأخير أنّ "النمو الاقتصادي في المملكة تباطأ إلى 2.3 في المائة في الربع الأول من العام الجاري مقارنة مع 2.9 في المائة في الربع السابق".
وحسب التقرير ذاته، فإن معدل النمو المرتقب هذه السنة لن يتعدى 2.7 في المائة مقارنة بمعدل 3 في المائة سنة 2018 و4 في المائة سنة 2017، إلى جانب توقعات "بنك المغرب" بأن يكون معدل النمو هذه السنة في حدود 2,7 في المائة؛ وهي معطيات أثارت مخاوف العديد من المراقبين والمتتبعين للشؤون الاقتصادية بالمغرب.
وفي هذا السّياق، يؤكّد المحلل الاقتصادي إدريس الفينا أنّ "معدّل النمو يتراجع منذ سنوات عديدة بشكل مريب شيء ما، بسبب تراجع في الاستثمارات والناتج المقاولاتي بالمقارنة مع الدول الصاعدة الأخرى".
ويُرجع الفينا المسلسل التراجعي لمعدّلات النمو إلى "تأجيل الحكومة لعدد من الأوراش الإصلاحية لسنوات، لا سيما أنّ مستوى الحكامة على المستويين المركزي والترابي لا يرقى إلى المستوى المطلوب،" مشيرا إلى أنّ "عدد الشباب يتراجع بشكل مقلق في عدد كبير من جهات المغرب في ظلّ ضعف فرص العمل، فيضطر العديد منهم إلى مغادرة البلاد مكرهين".
اقرأ أيضًا:
العلمي 10 مشاكل تعيق الشركات الوطنية ويستحيل دعم الجميع
ويردف المتحدّث، ضمن تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن "عددا كبيرا من القطاعات المعوّل عليها لم تُعطِ النتائج المرغوبة، كالفلاحة والسياحة والصناعة، وهي قطاعات يراهن عليها البلد إلاّ أنها لا تحرك عجلة الاقتصاد المغربي،" وزاد: "هناك مناطق عديدة تحتوي على مؤهلات وإمكانات متعدّدة؛ إلاّ أنه لا يتم استغلالها، إذ تركّز الجهات المسؤولة على مناطق دون أخرى".
ويرى الفينا أن مُستوى الحكومة الحالية ومختلف الفرقاء السياسيين "ضعيف جدا ولا يحترمون مسؤوليتهم السياسية، ما يطرح مجموعة من التساؤلات للمسؤولين الذين أدّوا بالوضع الاقتصادي غير المريح بالمغرب لما هو عليه الآن".
من جهة أخرى، قال مصدر من المعهد الوطني للإحصاء والاقتصاد التطبيقي إن "السياسات الحكومية لا دور أساسي لها في التحكم في معدّل النموّ، وإنما هامشي للغاية بالنّظر لمجال تحرّكها الصغير،" مشيرا إلى أنّ "العوامل الأساسية لتراجع معدّل النموّ تتمثل في مستوى الطلب الخارجي والمحصول الزّراعي للسنة".
وصرّح المصدر ذاته بأن "التوقّعات الصادرة عن المندوبية السامية للتخطيط مُرتكزة على مجموعة من الفرضيات المُرتبطة بالحركة الاقتصادية للبلدان التي يتم التعامل معها إلى جانب مستوى أسعار البترول".
وفسّر المتحدّث أنّه "حين تكون نسبة النمو في القطاع الفلاحي منخفضة أو سلبية فهي لا تؤثر سلبا على القطاع الفلاحي فقط، وإنما حتّى على قطاعات أخرى مُرتبطة به"، وزاد: "نسبة نمو الناتج الداخلي الإجمالي مرتبطة بالأساس بالسنة الفلاحية، ومرتبطة أيضا بالحركة الاقتصادية لدى البلدان التي نصدّر إليها المنتجات كإسبانيا وفرنسا، وفي حالة ما كانت هذه الحركة ضعيفة، فمن البديهي أن يتأثر المغرب كذلك، والنتيجة هي ضعف في الطلب الداخلي والخارجي".
وحسب المصدر ذاته، فمن المرجّح "أنْ تبقى البطالة في مستويات مرتفعة"، وأنّه "في حالة ضعف الناتج الداخلي الإجمالي، ستكون المداخيل الضريبية ضعيفة؛ وبالمُقابل النّفقات المسطّرة التي كانت قد برمجتها الحكومة سابقا في قانون المالية لن تجد أي سبيل لتُترجم على الواقع؛ وهو ما سيؤدّي بها إلى المديونية".
وبالنظر إلى هذه المُعطيات، يقرّ المتحدث بضرورة "الامتثال لنموذج اقتصادي جديد، لأن النموذج المعمول به حاليا لم يعد قادرا على إنتاج نسب نمو مرتفعة. وبالتالي، فالاستمرار على نفس المنهج سيُبقي الوضع كما هو".
قد يهمك أيضا:
العلمي 10 مشاكل تعيق الشركات الوطنية ويستحيل دعم الجميع
العلمي يؤكّد أن الصناعة الغذائية من أهم القطاعات في المغرب
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر