واشنطن - المغرب اليوم
تؤكد الأرقام وتصريحات المسؤولين الإيرانيين أنّ طهران ترزح تحت ضغوط اقتصادية ما انفكت تشتد منذ قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب إعادة فرض عقوبات على البلاد عقب انسحابه أحادياً من الاتفاق النووي. وبعد توقّع صندوق النقد الدولي انكماش الاقتصاد الإيراني بنسبة 9.5% في 2019، واعتبار النائب الأول للرئيس الإيراني اسحاق جهانغيري، أن الوضع الحالي هو "أحد أصعب الأوضاع منذ الثورة الإسلامية"، وتصريح الرئيس الإيراني حسن روحاني القائل إنّ 4 تشرين الثاني 2018 يمثّل "أسوأ أنواع الحظر" ضد بلاده على ممر التاريخ"، كشفت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية أنّ الجمهورية الإسلامية تقترب من أزمة مالية، في ظل عجزها عن الوصول إلى احتياطي النقد الأجنبي.
وأوضحت الصحيفة، التي استندت إلى بيانات حديثة صادرة عن الاستخبارات المالية الأميركية، أنّ الحكومة الإيرانية تستخدم آخر احتياطاتها من العملات الأجنبية، محذرةً من أنّ هذا الواقع يُعدّ مؤشراً حرجاً إلى قدرة البلاد على السيطرة على القوى الاقتصادية واستيراد المعدات والإمدادات. وشرحت الصحيفة بأنّ النقص في العملات الصعبة، إلى جانب تراجع قدرتها على تصدير النفط، وارتفاع عجز الميزان التجاري، يضع إيران تحت وطأة ضائقة اقتصادية أكثر حدة بالمقارنة مع العام 2013، عندما مورست ضغوط على حكومة روحاني لخوض مفاوضات الاتفاق النووي الرسمية، على حدّ ما قاله مسؤولون أميركيون.
وفي هذا الإطار، تطرّقت الصحيفة إلى الاحتجاجات الإيرانية المندلعة على خلفية رفع أسعار الوقود، مشيرةً إلى أنّها تؤكّد المهمة الصعبة التي تواجهها الحكومة، إذ تسعى إلى خفض الطلب على الوقود في الداخل، بما يتيح لها الإفراج عن عوائد جديدة عبر بيع كميات إضافية من الوقود عبر "قنوات سرية". إشارة إلى أنّ جهانغيري قال في خطابه إن بلاده تبيع النفط بطرق "بديلة" وإنّ الولايات المتحدة "لم تستطع تصفير صادرات النفط على الرغم من ممارسة أقصى الضغوط النفسية والاقتصادية". وبناء على هذه المعطيات، قالت الصحيفة إنّ التقييم الأميركي الجديد يشير إلى أنّ إيران تقترب من مرحلة تقف فيها أمام خياريْن: العودة إلى المفاوضات أو شن هجمات جديدة على حلفاء الولايات المتحدة وإمدادات الطاقة العالمية.
ولفتت الصحيفة إلى أنّ المقياس الأساسي الذي اعتمد في التقييم يتمثّل باحتياطي العملات الصعبة، الذي يمثّل "نقود الحالات الطارئة" التي تصرف منها الدول لسداد ديونها وحماية عملتها ودرء الاضطرابات المالية. وتابعت الصحيفة بأنّ صندوق النقد الدولي يقدّر احتياطي إيران من العملات الأجنبية بـ86 مليار دولار حالياً، أي أنّها أقل بـ20% بالمقارنة مع العام 2013. ورجحت الصحيفة أن يكون الوضع أصعب، ناقلةً عن المبعوث الأميركي الخاص إلى إيران، براين هوك، قوله إنّ المعلومات الاستخباراتية السرية تشير إلى أنّ إيران قادرة على الوصول إلى 10% فقط من الاحتياطي (ما يقدّر بـ9 مليارات دولار)، إذ تُمنع الحكومة الإيرانية من الوصول إلى الاحتياطي كاملاً بموجب العقوبات المفروضة على القطاع المالي. وقال هوك: "إذا كانت إيران تنوي منع ارتفاع الأسعار أكثر، فسيتعين عليها إذن أن تصرف المزيد من الاحتياطي".
أمّا إذا وصلت إيران إلى الاحيتاطي كاملاً، هذا يعني أنّها ستصرف نسبة 20% إضافية العام المقبل، لإبقاء سعر الصرف ثابتاً (يساوي الدولار 4200 تومان طبقا لسعر الصرف الرسمي) وإبقاء معدّل التضخم منخفضاً (سجل 36% هذا العام، حيث ارتفع بشكل طفيف بالمقارنة مع العام 2013)، بحسب الصحيفة. واستناداً إلى التوقعات، ستتيح هذه الخطوة، إذا ما طُبقت، للمصرف المركزي أن يغطي ما يعادل أقل من عام من الصادرات. في هذا الصدد، حذّرت الصحيفة من أنّ فقدان إيران قدرتها على الاقتراض، إذ تواجه صعوبات للوصول إلى النظام المصرفي الأوروبي، أو الوصول إلى احتياطاتها من العملات الصعبة قد يؤديان إلى أزمة تستدعي تدخلاً دولياً، على غرار ما حصل في اليونان في العام 2010.
كيف تواجه إيران العقوبات؟
ساهمت عوامل عدة في تمكين إيران من إبقاء الاقتصاد الإيراني واقفاً على قدميه، بينها التهريب و"تكتيكات أخرى"، ومعارضة الأوروبيين للسياسة الأميركية إزاء إيران، إلى جانب مبيعات إيران من المشتقات النفطية.
العقوبات بالأرقام
أدى تراجع صادرات النفط الخام بنسبة 70% إلى انخفاض مبيعات الخام الإيراني إلى نحو 500 ألف يومياً، أي أدنى من نصف مستوى العام 2013 بنحو 1.1 مليون برميل. يقدّر عجز الميزان التجاري الإيراني بـ3% من ناتجها المحلي، وذلك بسبب القيود المفروضة على النفط الإيراني بشكل أساسي. يُذكر أنّ الميزان التجاري الإيراني سجل فائضاً بنسبة 7% من الناتج المحلي في العام 2013.
إيران تتوقع تصدير ما قيمته 10-12 مليار دولار من النفط
أعلن رئيس منظمة التخطيط والميزانية الإيرانية، محمد باقر نوبخت، أن العائدات المتوقعة من صادرات النفط لكل من العامين الجاري والقادم تتراوح بين 10 إلى 12 مليار دولار. ونقلت وكالة أنباء "فارس" الإيرانية عنه القول أنه "فضلا عن عوائد البلاد السنوية من صادرات النفط، والمتوقع أن تصل إلى ما بين عشرة و 12 مليار دولار للعامين الجاري والمقبل (العام الإيراني ينتهي في 20 آذار)، فإن عوائد البلاد من صادرات السلع غير النفطية تصل إلى 45 مليار دولا سنوياً". وأضاف: "رغم أنه يجري هيكلية الميزانية لجعلها مستقلة عن العوائد النفطية، من أجل إدارة الاقتصاد بدون الاعتماد على النفط، فإنه يمكن في الوقت الحاضر الحصول على عوائد أيضا من صادرات المشتقات النفطية"، موضحاً أن الحكومة ستبدأ على الفور بحث ومناقشة مسودة مشروع ميزانية السنة المالية المقبلة لتقديمها إلى مجلس الشورى الإسلامي بعد عشرة أيام.
قد يهمك أيضًا :
"التدخل الإيراني" يتصدر مباحثات وزير الخارجية الأميركي مع نظيره المغربي
حقائق وحلول أزمة تفاوت الدخل والثروة حول العالم يُقدّمها صندوق النقد الدولي
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر