ألقى فوزي لقجع، الوزير المنتدب المكلف بالميزانية، حجرا ثقيلا في مياه التدبير الحكومي عندما قال إن الواقع العالمي اليوم، “الاقتصادي والجيو-سياسي، يجعلنا ندبر الأمد القصير بصعوبة بالغة وكبيرة”، في اعتراف صريح منه بالصعوبات التي تواجهها المملكة واقتصادات الدول المشابهة لها.
حديث لقجع عن الضبابية التي لا تسمح بالتحكم في الأفق قصير المدى، الذي عده “إشكالا يجعلنا نتساءل عن الطرق المثلى لبلورة برامج تنموية مستدامة والتحكم في آليات تكييفها مع مختلف الظروف”، فتح الباب أمام كثير من القراءات.
وأفاد المسؤول الحكومي بأن البرامج التنموية تتطلب تمويلات، وكل المؤسسات لها مقاربة مشتركة، مؤكدا أن “التمويل يقل يسرا كلما كانت هذه المتطلبات غير متوفرة”، موردا أنه “كلما كانت الدول فقيرة كانت ظروف تمويلها عسيرة”، وهي التي لم تشارك في زعزعة استدامة التنمية بشكل أو بآخر.
واعتبر لقجع أن البرامج السياسية التي كانت مرتبطة بولاية أصبحت مطالبة بـ”مراجعة نفسها بشكل سريع ومتسارع، وهذا معناه أن ما كان أولوية قبل انتخابات 2021 قد يكون جزء منه أصبح متجاوزا وظهرت أولويات أخرى”، الأمر الذي رأى فيه بعض المتتبعين دعوة من المسؤول الحكومي إلى تعديل البرنامج بعد نصف الولاية الحكومية.
وأرجع لقجع هذه الأمور أساسا إلى “التحولات العميقة التي يعرفها المجتمع من جهة، بإدخال التكنولوجيا والرقمنة، بالإضافة إلى أمور أخرى يفرضها الواقع الاقتصادي”.
في تعليقه على الموضوع، قال الخبير الاقتصادي المهدي لحلو إن تصريحات لقجع “تبين أن الحكومة ليست لها الإمكانيات المالية والمؤهلات السياسية لتساير هذه المواضيع والإكراهات”.
وأوضح لحلو، أن الجفاف والحرب على غزة واستمرار الحرب الروسية الأوكرانية، “تؤكد أن الحكومة في المرحلة الحالية والمراحل السابقة لم تتحكم في الأشياء بالشكل الصحيح”.
ونبه الخبير ذاته إلى أنه لا يعرف إن كان رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، يوافق الوزير المنتدب المكلف بالميزانية على هذا الرأي أم لا، وأنه “سيكون اعترف بالفشل إن وافق عليه، أو أعلن الإخفاق، ولا أظن ذلك”، موردا أن لقجع “طرح وجهة نظره الخاصة، ولا ندري كيف يمكن له ذلك”.
من جهتها، ذهبت سامية الجراري، عضو منتدى الباحثين بوزارة الاقتصاد والمالية، إلى أن الهدف الأسمى للسياسات العمومية ومن ثم البرامج الحكومية، هو “النجاح في رهان المحافظة على توازنات الاقتصاد الكلي، وتحقيق الأهداف ومواصلة الإصلاحات”.
وسجلت الجراري، أنه “في ظل توالي الأزمات غير المتوقعة بجميع أشكالها، سواء الاقتصادية أو السياسية أو الطبيعية، التي تؤثر سلبا على الاقتصاد العام وعلى ميزانية الدولة من حيث الارتفاع المهول للإنفاق العام”، فإن السياق الحالي “لا يدعو فقط إلى المراجعة، بل يفرض التتبع الدائم، والمراجعة والتحيين المستمرين”.
وشددت الجراري على “ضرورة التنسيق الدائم بين أجهزة الرقابة كما أشار الوزير المنتدب، التي تلعب دورا حيويا من أجل مواكبة عن قرب نسبة التفعيل ومستوى الكفاءة”، واعتبرت أن هذه الأخيرة هي “السبيل الوحيد لتحقيق أهداف التنمية المستدامة المحددة بشكل عام، وأهداف النموذج التنموي المحددة بشكل خاص، الأكثر قربا وتناسقا مع مميزات وخصوصيات الدولة، التي تنبني على إصلاحات ومشاريع استراتيجية جد مكلفة للدولة ونعتمد على عائداتها المرتقبة لضمان استمرارية المالية العمومية”.
وحول ما إن كانت تصريحات لقجع تعتبر انتقادا للحكومة، قالت الجراري إنها “تصريحات عادية أبعد ما تكون انتقادا، بل تشيد بالمجهودات وتحث على المواصلة تحت إطار التحيين المستمر للآليات وكذللك الأهداف، والتنسيق بين أجهزة الرقابة”، وفق تعبيرها.
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :
لقجع يؤكد أن الحكومة المغربية تُخصص 14 مليار درهم لفك العزلة وإصلاح 600 كيلومتر من الطرق
لقجع يكشف أن عدد المباني المنهارة فى المغرب جراء الزلزال 59.647والدواوير المتضررة 2930
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر