متأثرا كأغلب الزراعات “البورية”، يستمر إنتاج المغرب من الزيتون في منحاه التراجعي المدَشَّن بصفة ملحوظة منذ موسم جني المحاصيل السنة الماضية؛ وهو ما يُتوقع أن يتواصل خلال موسم هذه السنة بعد موجات جفاف متتالية ودرجات حرارة قياسية حادة؛ ما يؤكد مخاوف سابقة للمزارعين في قطاع إنتاج وتسويق زيت الزيتون بالمغرب.
وفي سياق متصل، ذكر أن السلطات الحكومية الوصية “بصدد اعتماد قرار يمنع تصدير زيت الزيتون خارج المغرب”، بهدف “التحكم في أسعارها بالسوق المغربية المحلية ومواجهة تداعيات ارتفاع الطلب عليها”.
انخفاض الإنتاج في السلسلة الإنتاجية الأولى من الأشجار المثمرة من المرتقب أن يأتي عاكساً لـ”هواجس سابقة” لدى مُزارعي الزيتون بالمغرب؛ وهو ما أكده مهنيون وفلاحون معتبرين أن “موجات الجفاف التي توالت لـ4 سنوات ساهمت بقوة في تجفيف منابع مياه كانت تسقى بها أشجار الزيتون في عدد من المناطق بإقليم تازة، كما تضررت مراحل نمو المحاصيل بفعل حرارة قياسية تستمر من الربيع مبكراً حتى أشهر الخريف في السنتين الأخيرتين”.
فلاّحو سلسلة الزيتون رجحوا أن “يكون لانخفاض الغلّة والمحاصيل هذه السنة انعكاس على ضمان قدرة الإنتاجية المرتقبة، في أفق تغطية الحاجيات الوطنية من زيت الزيتون”، بسبب استمرار الجفاف وندرة التساقطات خلال العام الجاري، وما خلفه ذلك من آثار على “الأراضي البورية”.
قرار وشيك يهم “منع تصدير زيت الزيتون”
أكد رشيد بنعلي، رئيس الفيدرالية البيمهنية المغربية للزيتون (INTERPROLIVE) التوجه الفعلي للحكومة المغربية، ممثلة في وزارتيْ الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، والصناعة والتجارة، “من أجل إصدار قرار مشترك يمنع تصدير زيت الزيتون إلى الخارج، وذلك تفادياً لسيناريو ارتفاع أسعار هذه المادة الحيوية المستهلَكة من طرف المغاربة بشكل كبير”، وفق تعبيره.
بنعلي، الذي يرأس أيضاً الكونفدرالية المغربية للفلاحة والتنمية القروية (كومادير)، لفت في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية إلى أن “القرار المرتقب قريباً نشره في الجريدة الرسمية ليدخل حيز التطبيق جاء نتيجة تشاور وثيق ومستمر مع المهنيين في سلسلة إنتاج وتسويق الزيتون وزيته بالمغرب، بعد سلسلة اجتماعات يومية واشتغال مشترك مع الوزير صديقي ومسؤولي الوزارة”، مورداً أن “قرار منع تصدير زيت الزيتون لهذا الموسم، رغم العائدات التي تُدرّها، يأتي لأن الأولوية حالياً وأساسا هي للحفاظ على توازن واستقرار أسعار زيت الزيتون بالسوق الوطنية”.
وجواباً عن سؤال بشأن حجم الإنتاج الوطني المرتقب هذا الموسم، سجّل رئيس الفدرالية البيمهنية المغربية للزيتون أن “التقديرات حالياً لم تتوافر لدينا بشكل أوضح”، إلا أنه أقر بالمقابل بـ”انعكاس سلبي وأثر واضح لتوالي الحرارة التي جعلت من محاصيل الزيتون يابسة؛ وهو ما تبدّى منذ أبريل”.
وزاد بنعلي : “من الواضح أن أسعار اللتر الواحد من زيت الزيتون ستظل في نطاق بين 75 و80 درهماً بمناطق الإنتاج المحورية بالمغرب”، قبل أن يستدرك بأنها قد تلامس أو تتجاوز 100 درهم لكل لتر، بسبب تراجع الإنتاج خلال هذه السنة وشح المحاصيل وقلة المردودية، مضيفا إلى ذلك “مراعاة الظروف الاقتصادية والمناخية الصعبة في علاقة بتكاليف الإنتاج والجني والنقل”؛ كما لم يفتُه التشديد على أن “سلسلة الزيتون تتضرر أيضاً بشحّ المياه المخصصة للسقي الفلاحي، بعد اعتماد سياسة التحكيم بين مياه الشرب والري”.
وكان الإنتاج الوطني للزيتون برسم موسم 2021-2022 قد قُدّر في حوالي مليونيْ طن، بزيادة 21 في المائة مقارنة بالموسم الذي سبقه؛ إلا أن موسمَيْ الجني الماضيين سارَا في اتجاه “تأكيد تراجع المحاصيل تزامنا مع موجة الجفاف الأكثر حدة بالمغرب منذ 3 عقود”.
وحسب معطيات رسمية نشرتها وزارة الفلاحة المغربية على موقعها الإلكتروني بعد اجتماع للوزير صديقي مع مهنيي السلسلة (أواخر شتنبر 2022) فإن الزيتون مازال يتصدّر باقي أصناف الأشجار المثمرة المغروسة بالبلاد، مفيدة بأنها “تمثل 65 بالمائة من المساحة المخصصة لغرس الأشجار المثمرة على الصعيد الوطني، بمساحة 1,2 مليون هكتار”.
ورغم التحديات المناخية وإكراهات ندرة المياه، يسعى المغرب إلى تطوير سلسلة الزيتون وتسويق منتجاته استنادا إلى ركيزتيْ “إستراتيجية الجيل الأخضر 2020-2030″؛ عبر “ترسيخ وتثبيت التنمية الفلاحية، بتعزيز السلسلة (زيادة المساحة وتحسين الإنتاج وتنمية الصادرات)، وتحسين قنوات التوزيع والتسويق، وزيادة عدد وحدات التثمين، وتشجيع أنظمة الري المقتصدة للمياه”.جدير بالذكر أن المملكة تُصنف التاسعة عالمياً في “صادرات زيت الزيتون”، وفي المرتبة الثالثة في “صادرات زيتون المائدة”.
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :
العديد من المزارعين في المغرب يكشفون عن مخاوفهم المُبكرة بخصوص الإنتاج الإجمالي من الزيتون
قطاع الزيتون المغربي يطمح لتعزيز الشهرة للمنتجات في السوق الأميركية
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر