كشفت مصادر جزائرية متطابقة لــ"المغرب اليوم" أن وزير الصناعة و المناجم الجزائري الجديد بدة محجوب، و بالتزامن مع عملية "التطهير" واسعة النطاق التي أطلقها لمسح كل آثار سلفه عبد السلام بوشوارب، كلف لجنة وزارية مركزية تتكون من إطارات سامية و مركزية في وزارة الصناعة بالتحقيق في أسباب توقف مصنع الحديد و الصلب بالحجار بولاية عنابة-شرق الجزائر-عن العمل بداية الأسبوع الماضي. و قد شرعت لجنة التحقيق الوزارية فعليًا في عملها، حيث مست تحقيقاتها جوانب إدارية و مالية، و من ضمنها طريقة تسيير هذا المصنع الضخم خلال الفترة الأخيرة، إلى جانب كيفية تنازل الشريك الهندي عملاق الحديد العالمي " أرسيلور ميتال".
وأفادت ذات المصادر أن اللجنة الوزارية التي تتكون من 12 إطارًا مركزيًا مختصين في المالية و المحاسبة و في قطاع الحديد و الصلب قد حلت، الأسبوع الجاري، في مصنع الحجار بولاية عنابة. وحسب المصادر ذاتها فإن تحقيق اللجنة الوزارية قد شمل الجانبين الإداري والمالي، منذ سنة 2001، وهو تاريخ دخول الشريك الهندي "أرسيلور ميتال" وكيفية شرائه أسهم بالمصنع الجزائري، و كيفية تسيير المصنع من قبل مجمع "إيميتال"وتسريح الخبراء الذين كانوا يشرفون على تسييره. وأضافت ذات المصادر أن اللجنة باشرت تحقيقاتها على مستوى المصنع من دون المرور عبر مجمع "إيميتال" الذي أشرف، مؤخرًا، على عملية تهيئة وصيانة المصنع.
تجهيزات جديدة بقيمة 60 مليون أورو في إحدى وحدات المصنع
هذا و قد ترك الشريك الهندي "أرسيلور ميتال" على عاتق مصنع الحديد و الصلب بالحجار، ديون بقيمة مليار دولار وتشتمل على ديون المتعاملين الاقتصاديين مع المصنع ممن زودوه بخدمات في وقت سابق، كما شملت عملية التحقيق وحدة الأكسجين رقم 1، من قبل خبراء الحديد والصلب الذين رافقوا اللجنة أثناء مهمتها، وهذا لكشف سبب توقف هذه الوحدة عن الإنتاج مطلع الأسبوع الماضي، خاصة وأنه قد تم إعادة تهيئتها بنسبة مئة من المئة وبتجهيزات جديدة قدرت بـ 60 مليون أورو من قبل شركة مختلطة فرنسية-تونسية.
وكان فريق الخبراء والتقنيين المشرفين على عملية تهيئة وصيانة الفرن 2 العالي الضغط بمصنع الحجار، قد تمكنوا من إتمام عملية الصيانة والتهيئة وإعادة هيكلة كل فروع الهياكل الإنتاجية والمركبات الهوائية على مستوى المركب، منتصف شهر فبراير/شباط الماضي، حيث شرع في إجراء المرحلة الأولى من التجارب الحرارية بدرجة تقدر بـ 1800 درجة، ليدخل المركب في مرحلة الإنتاج في شهر آذار/مارس الماضي، قبل أن يتوقف بسبب عطب أصاب وحدة الأكسجين منذ نحو أسبوع.
وبحسب التحقيقات الأولية للجنة التحقيق الوزارية فإن الوزير السابق للصناعة و المناجم عبد السلام بوشوارب متورط في عدم إبلاغ الحكومة الجزائرية بالديون التي تركها الشريك الهندي "أرسيلور ميتال" و التي قيل أنها مبلغ مالي صغير، لكن بعد التحقق من ذلك بلغت الديون مليار دولار،إلى جانب تسببه في تسريح الخبراء في قطاع الحديد و الصلب الذين كانوا يشرفون على تسيير المصنع في السابق و جلب عمال لا علاقة لهم بالقطاع.
الجزائر استرجعت مصنع الحديد و الصلب بعد 15 سنة من فشل الشراكة مع العملاق الهندي "أرسيلور ميتال"
هذا و قد استرجعت الجزائر، سنة 2016، كافة أصول وحصص مصنع الحجار للحديد والصلب ولواحقه وفروعه، بعد خمسة عشر عامًا عن الشراكة التي أبرمت سنة 2001 بين مجمع "أرسيلور ميتال" الهندي، و"سيدار" الجزائرية لتسيير هذا المصنع العملاق،حيث و بموجب الاتفاق المبرم بين مجمّع "ايميتال" الحكومي الجزائري و"أرسيلور ميتال الجزائر" في مقرّ وزارة الصناعة و المناجم الجزائرية، جرى إتمام آخر منعرج في تطبيق وزارة الصناعة، تطبيقًا للاتفاق الأولي الموقّع في السابع أكتوبر/تشرين الأول 2015، والذي نصّ على تحويل الشريك الهندي لغالبية الحصص إلى الجانب الجزائري، استكمالًا لإقرار مجلس مساهمات الدولة في أكتوبر/تشرين الأول 2014 كافة الالتزامات المتصلة بإعادة بعث وإنعاش مصنع الحجّار للحديد و الصلب الذي شهد خسائر فادحة في السنوات الأخيرة. وتبعًا للاتفاق بين "ايميتال" و "أرسيلور ميتال"، سيتمّ تحويل كافة الحصص الاجتماعية الى فروع "أرسيلور ميتال الجزائر" و"أرسيلور ميتال للأنابيب"، و"أرسيلور ميتال تبسة"، فضلاً عن استغلال الجزائر لمنجم الحديد بتبسة وتطوير شركات "أرسيلور ميتال".
وسيدير مجمع "ايميتال" بصورة كاملة الشركات الثلاث التي تشمل مصنع الحديد و الصلب للحجار، في حين ثمّن المسؤول الهندي "رامشخو ثاري" لـــ "أرسيلور ميتال" الاتفاق، ونوّه بأنّ الاتفاق مفيد للأرضيات الصناعية الثلاث، ويفتح آفاقًا في تنمية نشاطات صناعة الحديد والصلب في الجزائر.
أكّد وزير الصناعة والمناجم السابق عبد السلام بوشوارب على "الروح الإيجابية التي سادت بين الشريكين منذ الإعلان عن الاتفاق"، معتبرًا أنّ الأرضيات الصناعية الثلاث المسترجعة مهمة وستلعب دورًا فاعلًا في مستقبل صناعة الحديد والصلب، وتحقيق الطموح الصناعي للجزائر. وأشار الى أنّ الاتفاق يهدف لتحقيق الاكتفاء الذاتي في الحديد والصلب ودعم عدة قطاعات صناعية، مؤكدًا "سنفتح عهدًا جديدًا لمصنع الحجار"، مبرزًا أنّ إعادة تفعيل فرع الحديد والصلب يشكّل "أولوية بالنسبة للحكومة التي تعتبره صناعة استراتيجية".
الحكومة الجزائرية رصدت 1 مليار دولار لتحديث و عصرنة مصنع الحجار للحديد و الصلب
هذا و تراهن الحكومة الجزائرية على رفع إنتاج مصنع الحجّار للحديد و الصلب من 1 إلى 2.2 مليون طن خلال السنة الحالية 2017،و تعهدها بتأمين مناصب العمل الحالية، ورصدها مليار دولار لخطة عصرنة شاملة، مع تثمين مناجم "بوخضرة" و"الونزة" بولاية تبسة. وذكرت مراجع حكومية جزائرية أنّ خلفية استعادة الجزائر لكامل أسهم مصنع الحجار للحديد و الصلب راجعة إلى إخلال الشريك الهندي بالتزاماته في تنفيذ بنود الاتفاق الأول الموقع في 2001، وعدم تنفيذه مخططًا تنمويًا بـ 700 مليون دولار للرفع من إنتاجية المركب وضمان التأهيل عبر التكوين والارتقاء بأدوات الإنتاج.
وعمد المتعامل الهندي إلى المطالبة بتمديد العقد لعشر سنوات إضافية والاستفادة من مزايا الوكالة الجزائرية لتطوير الاستثمار، لكن الحكومة رفضت بعد وقوفها على ضعف النتائج المحققة، ما سرّع إعادة التفاوض وفقًا لقواعد جديدة. وكان الشريك الهندي أعلن في يناير 2012، وضعية الإفلاس، وأقر مخططًا يقضي بطرد 1200 عامل من المصنع، لكن الحكومة الجزائرية تدخلت وقررت إعادة استرجاع تسيير المصنع.
طموحات لإنتاج 13 مليون طن من الحديد في آفاق 2020
و تطمح الحكومة الجزائرية بعد استرجاعها لمصنع الحديد و الصلب بالحجار لإنتاج ما بين 12 و13 مليون طن بين عامي 2019 و2020،حيث تتوقع الحكومة الجزائرية أن يتضاعف الطلب في السوق الوطنية عام 2025، خاصة و أن الجزائر تستورد ما بين 6 إلى 7 ملايين طن سنويًا من الحديد بقيمة مالية قدرها 7 مليار دولار. ويوظف مصنع الحديد والصلب بالحجار 7 آلاف عامل، ولديه طاقة إنتاج تقدر بمليوني طن سنويًا من الحديد السائل.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر