مع ختام عام 2019 حقّقت أسعار الذهب أقوى زيادة سنوية لها منذ 2010، حيث أوقدت المخاوف حيال سلامة الاقتصاد العالمي شرارة اهتمام متنام بالمعادن النفيسة، في حين صعد البلاديوم أكثر من 50 في المائة إلى مستويات قياسية مرتفعة بفعل نقص في المعروض، وشهدت الفضة والبلاتين، وشأنهما شأن الذهب من الاستثمارات الآمنة في أوقات الضبابية، أكبر مكاسبهما السنوية خلال عدة أعوام.
ويقول محللون كثيرون إن من المرجح أن تواصل الأسعار صعودها في 2020، في ظل نمو هش وأسواق أسهم عالمية تبدو غير قادرة على الاستمرار عند مستويات قياسية مرتفعة، وفي غضون ذلك، تشتري البنوك المركزية مزيدا من الذهب وتنتقل من تشديد السياسة النقدية إلى تيسيرها، مما يدفع أسعار الفائدة وعوائد السندات للانخفاض ويجعل المعادن النفيسة غير المدرة للعائد أشد إغراء للمستثمرين.
وقال ستيفن إنيس، محلل السوق لدى أكسي تريدر، لـ"رويترز": "بيئة أسعار الفائدة المنخفضة واستمرار عدم التيقن الاقتصادي وصعود الأسهم يبرر الاحتفاظ بالذهب كأداة تحوط. هذه النظرة من المرجح أن تقود الطلب على الذهب للارتفاع في 2020، وتدعم الاتجاه الصعودي متوسط المدى السائد حاليا". وأضاف أنه في حين خفضت الولايات المتحدة والصين التصعيد في حربهما التجارية في وقت سابق الشهر الماضي، فإن عدة قضايا تظل بلا حل ومن المنتظر أن يبلي الذهب بلاء حسنا إذا استمر ضعف الدولار في 2020.
وفي آخر ساعات العام، كان السعر الفوري للذهب مرتفعا أكثر من 18 في المائة للعام 2019 ويعاود عند سعره البالغ 1519.41 دولار لأوقية (الأونصة) استهداف ذروة ستة أشهر 1557 دولارا التي بلغها أوائل سبتمبر (أيلول) الماضي. وزادت حيازات الذهب لدى صناديق المؤشرات نحو 14 في المائة هذا العام، وزادت الفضة مقتدية بالذهب لتبلغ مكاسبها 15 في المائة في 2019 عند 17.85 دولار للأوقية، في أقوى أداء لها منذ 2016، وسجل البلاتين 962.50 دولار للأوقية مرتفعا 21.6 في المائة للعام الماضي، في أكبر صعود له منذ 2009.
وواصل البلاديوم تميزه، مرتفعا أكثر من 700 دولار للأوقية خلال العام ليحقق مكاسب للعام الرابع على التوالي. ولامس المعدن ذروة قياسية عند 1998.43 دولار للأوقية في 17 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وبلغ سعره في آخر أيام العام 1938 دولارا. ويُستخدم المعدن أساسا في أنظمة تنقية عوادم السيارات، ويتزايد الطلب عليه في ظل تشديد المعايير البيئية.
ولأن البلاديوم منتج ثانوي لعملية استخراج النيكل والبلاتين، فإن معروضه عاجز عن مواكبة الطلب عليه، ومن المتوقع استمرار النقص في أوائل عشرينات القرن الحالي.
وقال رايان مكاي، محلل أسواق السلع الأولية لدى تي دي للأوراق المالية: "السوق تعاني نقصا هيكليا منذ سنوات ومن المتوقع أن يستمر. رأينا عجزا هذا العام، حتى في ظل الحالة السيئة لسوق السيارات. وفوق ذلك، لدينا لوائح بيئية متزايدة عالميا".
وفي المقابل، سجل مؤشر الدولار الأميركي أصغر تحرك سنوي له على الإطلاق في 2019، مكتفيا بزيادة 0.24 في المائة بعد تراجع في ديسمبر محا مكاسبه السابقة، حيث أدت آمال التجارة وثقة المستثمرين في تضاؤل الطلب على العملة التي تعد ملاذا آمنا.
وصعد الجنيه الإسترليني واليورو وحفنة من العملات الحساسة للتجارة مع هبوط الدولار إلى أدنى مستوياته في ستة أشهر يوم الثلاثاء الماضي، حيث تدعم الإقبال على المخاطرة بفضل تفاؤل المستثمرين حيال النمو العالمي والمرحلة الأولى من اتفاق التجارة الأميركي الصيني.
وقال الرئيس الأميركي دونالد ترمب يوم الثلاثاء إن توقيع المرحلة الأولى من الاتفاق سيكون في 15 يناير (كانون الثاني) الجاري في البيت الأبيض، وإن كان ما زال هناك قدر من الارتباك بخصوص تفاصيل الاتفاق.
وتراجع مؤشر الدولار 0.33 في المائة في آخر قراءة له إلى 96.418، مواصلا الانخفاض للجلسة الرابعة على التوالي، ومسجلا أضعف مستوى له منذ أول يوليو (تموز). ودفع اتفاق التجارة الذي تم التوصل إليه في وقت سابق من ديسمبر الدولار للانخفاض 1.89 في المائة على مدار الشهر المنقضي. وكان أداء الدولار قويا قبل ديسمبر بفضل الأداء المتفوق للاقتصاد الأميركي وفترة طويلة من عدم التيقن إزاء المفاوضات بين واشنطن وبكين.
وقال محللو ميتسوبيشي يو إف جيه إن "ضعف الدولار قرب نهاية العام تزامن مع تجدد التيسير من مجلس الاحتياطي الفيدرالي وانحسار التشاؤم حيال توقعات النمو العالمي".
وفي آخر جلسات العام، كان الدولار مرتفعا 0.24 في المائة فقط للعام 2019، مقارنة مع 4.4 في المائة في آخر 2018، وفي نهاية نوفمبر (تشرين الثاني)، كان المؤشر مرتفعا 2.18 في المائة للعام بأكمله.
قد يهمك ايضا
الحروب التجارية والاحتجاجات الشعبية تخيّم على "أسواق 2020"
تراجع أسعار النفط ومكاسب أسبوعية لخامي القياس وتوقعات بنمو الاقتصاد العالمي
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر